خلال أيام قليلة فقط، تبدّل إيقاع المقاربة الأوروبية للحرب الأوكرانية على نحو لافت. حيث جاء هذا التبدّل كردّ فعل مباشر على إعادة فتح ملف "التسوية السياسية" بصيغة تُلمّح إلى خسائر إقليمية أوكرانية محتملة، وما استتبعه ذلك من قلق أوروبي عميق من أن تُعاد صياغة توازنات الأمن القاري على عجل، ومن خارج القارة نفسها.
روسيا تكسب "المعركة الكبرى".. عجز أوروبي يطيل أمد الحرب الأوكرانية
مسارات تصعيد
هذا التحوّل السريع يفسّر التصعيد المتزامن في 3 مسارات متداخلة خلال الأيام الأخيرة، ابتداءً من تشديد القيود على واردات الطاقة الروسية، وصولاً إلى تسريع خطوات التسليح وإعادة الجاهزية العسكرية، ورفع نبرة الخطاب السياسي تجاه موسكو. هذه كانت إشارات ضغط تُقرأ في الكرملين بوصفها تحضيراً لمرحلة احتكاك أوسع، وفق ما تشير إليه مصادر دبلوماسية روسية.
بينما في القراءة الدبلوماسية الأمريكية، التي اطّلع عليها "إرم نيوز" وفق مصدر دبلوماسي أمريكي، فإنه يُنظر إلى الحزمة الأوروبية الأخيرة كاستجابة دفاعية متأخرة على مسار تفاوضي بات يُشعر العواصم الأوروبية بأن هامش التأثير يتقلّص. الفارق الجوهري هنا أن أوروبا لم تصعّد بسبب تطوّر ميداني في أوكرانيا، وإنما بسبب تطوّر سياسي في مقاربة الحرب ذاتها، أي انتقال النقاش من "إدارة الصراع" إلى "تسويته المحتملة".
ومن هنا يعد المصدر الدبلوماسي الأمريكي بأن حظر استيراد النفط والغاز الروسي، في هذا السياق الزمني الضيّق، لا يُفهم كأداة ضغط اقتصادي فقط، بل إنه يأتي كرسالة سياسية مضاعفة. متابعاً حول ذلك "الرسالة الأولى موجّهة إلى موسكو ومفادها أن أي مسار تفاوضي يُنتج مكاسب إقليمية بالقوة سيُقابل بقطع طويل الأمد لأهم أدوات النفوذ الروسي في أوروبا. أما الرسالة الثانية فهي داخلية أوروبية، تؤكد أن القارة لن تدخل مرحلة ما بعد الحرب وهي مكشوفة طاقياً أو مرتهنة لمسارات تفاوضية لا تتحكم بها".
من الردع الوقائي إلى احتكاك محتمل
غير أن هذا المسار يحمل في طياته مخاطر تصعيد غير محسوب. فموسكو، التي تقرأ القرارات الأوروبية الأخيرة ضمن منطق "الردع الوقائي"، تفسّرها بحسب ما تحدث به المصدر الدبلوماسي الروسي لـ"إرم نيوز" على أنها محاولة لتغيير قواعد اللعبة قبل تثبيت أي تسوية. هذا التفسير يرفع تلقائياً منسوب التوتر، لا سيما في البيئات الهشّة أمنياً، مثل: بحر البلطيق، المجال الجوي لشرق أوروبا، وحدود دول الناتو الشرقية. هنا يكون الخطر في تراكب خطوات متقابلة تُنتج احتكاكاً غير مقصود.
بجنود ومسيّرات وخط دفاعي.. أوروبا تستعد لاقتحام ميدان الحرب الأوكرانية
إعادة تسليح الجيش الألماني تكتسب في هذا التوقيت بالذات، دلالة تتجاوز بعدها العسكري. ففي الأسابيع الماضية، تسارعت الإجراءات التنفيذية المتعلقة برفع الجاهزية، وتوسيع برامج التسليح، وإعادة تعريف دور الجيش الألماني داخل المنظومة الأوروبية. هذه الخطوات، التي قد تُقرأ أوروبياً كتعويض عن عقود من الانكفاء، تعتبرها موسكو، بحسب المصدر الدبلوماسي، تحوّلاً في ميزان الردع الأوروبي، خاصة عندما تأتي متزامنة مع تشديد اقتصادي وتصعيد سياسي.
بينما يشير المصدر الدبلوماسي الأمريكي إلى أن واشنطن تراقب هذا المسار الأوروبي بقدر من "القلق الصامت" لأن أوروبا تدخل مرحلة تصعيد سياسي وأمني في لحظة تفاوضية غير مستقرة، ما يرفع احتمالات سوء التقدير. فإدارة التوتر مع موسكو، وفق القراءة الأمريكية، تتطلب هامشاً واسعاً من قنوات الاتصال والضبط، وهو هامش يتقلّص كلما تداخلت القرارات الاقتصادية مع إشارات عسكرية.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من إرم نيوز
