بهدف تحسين تجربة المشاهد وزيادة التفاعل.. تحليل البيانات في قلب استراتيجية منصات البث الرقمية وتوقعات بنمو الاستثمارات في هذه السوق

مع تصاعد المنافسة في سوق البث الرقمي، أصبح تحليل البيانات أداة حيوية لفهم سلوك المشتركين وتفضيلاتهم. وتساعد هذه التحليلات المنصات على تحسين تجربة المشاهدة، وتعزيز التفاعل، وتقليل معدلات العزوف عن المشاهدة. كما تُمكّن الشركات من تقديم محتوى مخصص بدقة، ما يعزز ولاء العملاء ويدعم نمو الأعمال الرقمية.

تخصيص المحتوى عبر البيانات

بتزايد انتشار منصات البث الرقمي، باتت خدمات الفيديو حسب الطلب (VoD) وخدمات البث عبر الإنترنت (OTT) جزءًا أساسيًا من حياة المستخدمين اليومية. وتشير الإحصاءات إلى أن هذا القطاع سيستمر في النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 13.6% حتى عام 2026، مع تزايد المنافسة بين مزودي الخدمة وتنوع الخيارات المتاحة للمشاهدين.

وتواجه شركات البث تحديات كبيرة في الاحتفاظ بالمشتركين، حيث أصبح فقدان العملاء أحد أبرز المشكلات في سوق OTT التنافسي. وللتعامل مع هذه التحديات، بات تحليل البيانات الضخمة أداة محورية، إذ يسمح بتحديد سلوكيات المشتركين، والتنبؤ بمعدلات التسرب، وتقديم حلول استباقية للحفاظ على جمهور المنصة.

كما تساهم تحليلات البيانات في تحسين جودة تجربة المشاهدة، من خلال تقليل مشاكل التخزين المؤقت وضبط إعدادات البث بما يتوافق مع أداء الشبكة والمستخدم. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم هذه البيانات لتعزيز خوارزميات التوصية، مما يتيح للمشاهدين محتوى ملائمًا أكثر لاهتماماتهم، سواء من حيث العروض السابقة أو تفضيلاتهم الشخصية وسلوكياتهم الرقمية الأخرى.

ويؤكد خبراء صناعة البث أن دمج البيانات الضخمة مع منصات OTT أصبح شرطًا أساسيًا لنجاح الخدمة، حيث يمكنه رفع مستوى التفاعل، وزيادة الاحتفاظ بالمشتركين، وتحقيق أفضل استفادة من المحتوى والإعلانات المستهدفة.

خوارزميات التوصية

تعد خوارزميات التوصية عنصرًا محوريًا في منصات البث الرقمي، حيث تساعد على توجيه المستخدمين وسط مكتبات ضخمة من المحتوى وتقلل احتمالية مغادرتهم بسرعة. فعلى سبيل المثال، أطلقت "نتفليكس" مسابقة لتحسين خوارزميات التوصية لديها، بينما يعبر صناع المحتوى على يوتيوب وتيك توك عن الخوارزمية كعامل محفّز وحارس بوابة في الوقت نفسه.

وتعتمد منصات مثل أمازون برايم على تحليل سجل المشاهدة لدى المستخدمين لتقديم توصيات أفلام ومسلسلات مخصصة، في حين تستخدم مواقع التجارة الإلكترونية مثل أمازون وفليبكارت بيانات الشراء وسلوك التصفح لتوجيه المستخدمين نحو المنتجات التي تناسب اهتماماتهم.

وتستخدم هذه المنصات عادة خوارزميتين تعمل بالذكاء الاصطناعي، واحدة لتصفية المحتوى غير المرغوب، وأخرى لترتيب العناصر المتبقية حسب احتمالية إعجاب المستخدم بها. وتعتمد بعض المنصات مثل "ديزني+" على بيانات المحتوى نفسه، مثل ما هو جديد أو شائع، في حين تجمع معظم المنصات بين بيانات المستخدمين وسلوكهم، باستخدام أساليب التصفية التعاونية، أو المبنية على المحتوى، أو المعرفة المباشرة.

وتقوم الخوارزميات بتحليل تفاعلات المستخدم مثل الإعجابات، والتعليقات، ومدة المشاهدة، وسرعة العودة إلى التطبيق، لتحديث توصياتها باستمرار. ورغم أن التوزيع الرقمي يتيح تنوعًا أكبر، تشير الدراسات إلى أن الخوارزميات قد تقلل هذا التنوع أحيانًا، حيث يشعر صناع المحتوى بضغط لتكييف إنتاجهم وفق متطلبات ظهور أعلى، مما قد يؤدي لتهميش فئات معينة أو التركيز على محتوى يثير اهتمامًا سريعًا. مثال على ذلك، لاحظت امرأة تنشر فيديوهات علمية على يوتيوب أن جمهور قناتها أصبح ذكوريًا مع نموها، رغم أن جمهورها كان متساويًا في البداية.

ويمكن تحسين تجربة التوصية عبر تنظيم مصادر المحتوى الموثوقة ومتابعتها، أو عبر تدريب الخوارزمية بإرسال إشارات لما يفضله المستخدم وما يرفضه، مما يوازن بين متطلبات الخوارزمية وتفضيلات المستخدم الحقيقية.

أهمية أنظمة التوصية لمنصات البث الرقمية

تلعب أنظمة التوصية دورًا أساسيًا في توجيه المستخدمين نحو المحتوى الذي يتناسب مع اهتماماتهم، ما يعزز من تجربتهم الرقمية ويحفزهم على التفاعل المستمر. كما تساهم هذه الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في دعم نمو الأعمال وزيادة ولاء العملاء عبر تقديم محتوى دقيق ومخصص لكل مستخدم.

وتساهم تلك الأنظمة كذلك في تعزيز تجربة المستخدم من خلال اكتشاف محتوى جديد دون الحاجة للبحث اليدوي، سواء كان ذلك أفلامًا على منصات البث، موسيقى على خدمات الاستماع، أو منتجات على مواقع التسوق الإلكتروني. ويجعل هذا التخصيص تجربة التصفح أكثر سلاسة ومتعة ويشجع المستخدمين على التفاعل مع المنصة بشكل أكبر.

من نحية أخرى، تعمل أنظمة التوصية على رفع مستويات التفاعل، إذ تعتمد منصات مثل نتفليكس ويوتيوب وإنستغرام على خوارزميات التوصية لضمان استمرار تفاعل المستخدمين من خلال تقديم محتوى مخصص باستمرار. ويساعد هذا على زيادة مدة المشاهدة، تعزيز التفاعلات، وتحقيق معدلات احتفاظ أعلى بالتطبيقات. بالإضافة إلى أنها تساعد على دعم نمو الأعمال توفر التوصيات الشخصية فرصًا أكبر لتعظيم العائدات عبر الإعلانات الموجهة، وتحسين مبيعات المنتجات، وزيادة معدلات التحويل.

إلى جانب ذلك، تساهم خوارزميات التوصية في جذب مشتركين جدد وزيادة ولاء العملاء الحاليين، مما يجعلها أداة استراتيجية للشركات في السوق الرقمي. من خلال استغلال قدرات التعلم الآلي، ولا تساعد أنظمة التوصية فقط على رفع رضا المستخدمين، بل تمنح الشركات أيضًا ميزة تنافسية قوية في مواجهة المنافسين، وتعمل كعامل محفز لنمو الأعمال الرقمية.

البيانات تقود صناعة البث الرقمي

تُظهر توقعات مؤسسة "فيريفايد ماركت ريسيرش" أن سوق تحليلات البث المباشر العالمي سيصل إلى 252 مليار دولار بحلول 2031، بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 33.56%، مما يعكس إدراك الشركات المتزايد لقيمة البيانات في تحسين التفاعل مع المشاهدين وتعزيز الكفاءة التشغيلية. ولكي يتمكن منشئو المحتوى من الانتقال بفعالية إلى أسلوب عمل قائم على البيانات، يصبح الإعداد المسبق خطوة حيوية والتي تتضمن:

فحص القدرات الحالية

تحديد جاهزية الفريق والعمليات والتقنيات، وضمان وجود سياسات واضحة لجمع البيانات واستخدامها بشكل أخلاقي.

وضع أهداف استراتيجية

تحديد أهداف محددة مثل تحسين اكتشاف المحتوى، وتعزيز الاحتفاظ بالمشتركين، وتحسين الحملات الترويجية لضمان توجيه الجهود نحو المجالات الأكثر تأثيرًا.

تنظيم سير العمل

اعتماد إرشادات واضحة لجمع وتحليل البيانات، لضمان إمكانية تنفيذ الرؤى بشكل متسق بين الفرق المختلفة وتجنب الهدر أو الفرص الضائعة.

اعتماد التقنية المناسبة

اختيار أدوات تتوافق مع الأهداف وتتكامل مع الأنظمة الحالية، لدعم استخدام البيانات بشكل فعّال وتحقيق نتائج ملموسة دون تعقيد.

مواجهة تحديات تطبيق البيانات

رغم أن الانتقال إلى استراتيجية قائمة على البيانات يحمل تحدياته، إلا أن التخطيط الدقيق يمكن أن يسهّل التغلب عليها بنجاح، ويمكن بلوغ ذلك من خلال:

تجزئة البيانات.. يمكن تبسيط تحليل المعلومات وتعزيز التعاون بين الفرق من خلال اعتماد منصة مركزية تجمع البيانات بشكل موحد.

مقاومة التغيير.. بتسهيل اعتماد النهج القائم على البيانات عبر برامج تدريبية عملية وشرح واضح للفوائد المحتملة لجميع الفرق.

الخصوصية والأمان.. تعزيز الثقة وحماية المعلومات الحساسة عبر سياسات واضحة وإجراءات أمنية متينة.


هذا المحتوى مقدم من العلم

إقرأ على الموقع الرسمي


موقع سفاري منذ 12 ساعة
موقع سفاري منذ 10 ساعات
موقع سفاري منذ 10 ساعات
موقع سفاري منذ 12 ساعة
موقع سفاري منذ 12 ساعة
موقع سائح منذ 45 دقيقة
موقع سفاري منذ 11 ساعة
موقع سفاري منذ 12 ساعة