هديل غبّون عمّان أظهرت ورقة سياسات منهجية أطلقتها اللجنة الوطنية لشؤون المرأة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان أمس، جملة من التحديات التشريعية والمؤسسية والاجتماعية التي تقف عائقًا أمام التمكين الاقتصادي للناجيات من العنف الأسري في المملكة.
وتهدف ورقة السياسات إلى تحليل التحدّيات التي تحول دون التمكين الاقتصادي للناجيات من العنف ضمن الفئة العمرية 18 عامًا وأكثر، والتعرّف إلى تأثير ضعف التمكين الاقتصادي على الأوضاع النفسية والاجتماعية والاقتصادية للناجيات من العنف، وتقديم توصيات عملية وشاملة لصنّاع القرار والمشرّعين حول السياسات والبرامج المقترحة التي يمكن تبنيها لتعزيز التمكين الاقتصادي للناجيات من العنف الأسري في الأردن.
وجاء إطلاق الورقة برعاية الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة، المهندسة مها علي، خلال فعالية خاصة عُقدت أمس، بمشاركة متخصصين وخبراء وممثلين عن مؤسسات رسمية ومنظمات مجتمع مدني، أعقبتها جلسة حوارية متخصصة، وبمشاركة النائب هالة الجراح وأعضاء من الفريق الوطني لحماية الأسرة من العنف.
واعتمدت الورقة، التي أعدّها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية وعرضها مدير المركز الباحث أحمد عوض، على منهجية مسح للمؤسسات التي تقدم برامج التمكين الاقتصادي للنساء، نتج عنه إعداد خريطة برامج وخدمات متاحة للتمكين، ممثلة بـ14 مؤسسة حكومية ووزارة ومؤسسات مجتمع مدني، في مقدمتها وزارة التنمية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية وصندوق الزكاة وقرى الأطفال SOS، إضافة إلى مؤسسات دولية مثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة وغيرها.
وكشف المسح أن غالبية تلك الجهات تقدم دعمًا اقتصاديًا مباشرًا، سواء من خلال فرص التوظيف أو تمويل المشاريع أو المساعدات المادية، فيما يتركز عمل جهات أخرى على تقديم دعم غير مباشر، مثل بناء القدرات وبناء الإطار المعرفي والتدريبي والإرشادي، الذي يُعد شكلًا من أشكال الدعم الاقتصادي غير المباشر للنساء الناجيات من العنف.
وخلصت الورقة إلى حزمة من التوصيات شملت الجوانب التشريعية، والدعم المالي، والتأهيل والتدريب المهني، وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني والتوعية، إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص.
آليات لمجابهة العنف
وخلال الإطلاق، قالت الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة، مها علي، إن إعداد ورقة السياسات جاء استجابة لتوصيات دراسة أطلقتها اللجنة وصندوق الأمم المتحدة للسكان واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) عام 2023 بعنوان التكلفة الاقتصادية للعنف الأسري للمرأة في الأردن ، والتي أكدت أهمية تمكين النساء الناجيات من العنف اقتصاديًا باعتباره أحد الركائز الأساسية لإعادة بناء حياتهن بشكل فعّال ومستدام.
وأضافت أن التمكين الاقتصادي يساعد الناجيات على الخروج من دائرة العنف من خلال تقليل الاعتماد على المُعنِّف، بما ينعكس إيجابًا على حياتهن وحياة أطفالهن وأسرهن، ويسهم في بناء مجتمعات أكثر استقرارًا ومساواة وعدالة.
وأكدت علي أن إطلاق الورقة يأتي في إطار مهام وأدوار اللجنة، حيث تؤكد الإستراتيجية الوطنية للمرأة 2020 - 2025 أهمية تعزيز بيئة خالية من جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، فيما ركزت الخطة التنفيذية للإستراتيجية للأعوام 2023 - 2025 على تطوير سياسات وآليات لمجابهة العنف ضد النساء والفتيات، ومنها التمكين الاقتصادي كعنصر أساسي لتعزيز دور المرأة في المجالات المختلفة، إضافة إلى دوره كإحدى وسائل الوقاية من العنف.
وأشارت إلى أهمية التوصيات التي خلصت إليها الورقة على صعيد السياسات والإجراءات والتعديلات التشريعية ذات الصلة، والدعمين المالي والفني، والتدريب والتأهيل المهني، وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني والتوعية، إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص، لا سيما في برامج المسؤولية الاجتماعية لدعم الناجيات من العنف، وتعزيز الرقابة على القروض الممنوحة للسيدات من قبل مؤسسات التمويل الأصغر، للوقاية من تحول النساء المقترضات إلى غارمات، مؤكدة أهمية العمل التشاركي وتكامل الجهود الوطنية بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني.
تقدم أردني ملموس
من جانبه، قال الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، الدكتور محمد مقدادي، إن الأردن حقق خلال السنوات الماضية تقدمًا ملموسًا في تطوير منظومة الحماية والاستجابة للعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، لا سيما في مجالات إدارة الحالة وتكاملية الخدمات، حيث انتقلت الاستجابة من تدخلات مجزأة إلى نهج شمولي يضع احتياجات الناجية وسلامتها وكرامتها في صميم التدخل.
وأشار مقدادي إلى أن التجربة الوطنية، شأنها شأن التجارب العالمية، أظهرت أن فعالية إدارة الحالة وتكاملية الخدمات تبقى محدودة الأثر ما لم تُستكمل بمسار تمكين اقتصادي واضح وممنهج، إذ تواجه العديد من الناجيات تحديات حقيقية في اتخاذ قرارات طويلة الأمد بسبب غياب الأمن الاقتصادي، ما قد يؤدي إلى العودة القسرية إلى بيئات غير آمنة.
وأكد أن الانتقال من الاستجابة إلى الوقاية يتطلب تعزيز البعد الاقتصادي ضمن منظومة الحماية الوطنية، والانتقال من معالجة الأثر المباشر للعنف إلى معالجة أسبابه البنيوية المرتبطة بالفقر والتهميش وعدم تكافؤ الفرص، بما يستدعي إدماج التمكين الاقتصادي للناجيات بشكل مؤسسي ومستدام ضمن السياسات الوطنية والبرامج القطاعية ذات الصلة.
وضمن هذا الإطار، أوضح مقدادي أن المجلس الوطني لشؤون الأسرة يواصل، بالتعاون مع الشركاء من المؤسسات الوطنية والدولية، دوره في دعم تطوير السياسات وتعزيز نظم الحماية، مشيرًا إلى أن خطة العمل الوطنية متعددة القطاعات للوقاية والاستجابة لقضايا حماية الطفل والعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي والعنف الأسري للأعوام 2026 2030 أكدت أهمية التمكين الاقتصادي.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية
