النسخ في الفقه.. تعريفه وأنواعه ومقتضيات تطبيقه

من مقتضيات ملك الله تبارك وتعالى لهذا الكون وما فيه أن لله جل وعلا أن يأمر بما شاء، وينهى عما يشاء، في الوقت الذي يشاء، على وفق ما تقتضيه حكمته وتقديره في مراعاة مصالح خلقه كما قال سبحانه: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) الرعد: 2. ومن هنا أنزل الله تعالى الكتب المتعددة، وكانت الشرائع المختلفة، كما قال الله جل وعلا: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) المائدة: 48.

قد ينهى الله جل وعلا عن أمور كان قد أباحها في الأمم السابقة؛ نظراً لعدم تحقيق مقصد الخالق في تلك الإباحة عند الأمة الأخرى، أو ظهور المفاسد في حال استمرار الإباحة، أو إساءة تصرف الإنسان في فعل ما كان مباحاً، ومن أمثلة ذلك: تحريم الزواج من الأخوات بعدما كان مباحاً في بداية حياة الإنسان في الأرض بعد نزول آدم وحواء عليهما السلام إليها؛ وقد كان ذلك مباحاً تحقيقاً للتكاثر وبقاء النوع الإنساني.

وقد يبيح الله سبحانه وتعالى أمراً كان قد نهى عنه في شريعةٍ سابقة؛ تخفيفاً على العباد، وتيسيراً عليهم، ورفعاً للحرج والعنت والمشقة عنهم، كما قال عيسى عليه الصلاة والسلام فيما حكاه الله جل وعلا عنه مخاطباً بذلك قومه: (وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ، وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) آل عمران: 50.

وقد ينسخ الله تبارك وتعالى العمل بشرائع سابقة بشريعةٍ لاحقة تكون خاتمة الشرائع كلها، وهو ما فعله الله جل وعلا عندما ختم الأديان كلها بدين الإسلام وشريعة الإسلام، حيث قال سبحانه: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ، فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ، وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ، إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) المائدة: 48.

وفي الشريعة الإسلامية ذاتها كانت هناك أحكام أيضاً قررها الله جل وعلا لمصلحة العباد في فترةٍ من الفترات، أو أنه شرعها لهم من باب التدرج في الأحكام ثم نسخها بأحكام أخرى أيضاً مراعاةً لمصالحهم، وتحقيقاً للمنفعة لهم، ورفعةً لدرجاتهم، في خطةٍ تشريعيةٍ محكمة كانت تراعي المصلحة، ومبدأ رفع الحرج، والتدرج في تشريع الأحكام، واختبار العباد في قبول الأحكام من عند الله تعالى أياً ما كانت، وفي ذلك يقول الله تعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا، أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة: 106، ويقول سبحانه: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، قُلْ.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن البحرينية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن البحرينية

منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
صحيفة البلاد البحرينية منذ 9 ساعات
صحيفة أخبار الخليج البحرينية منذ 21 ساعة
صحيفة البلاد البحرينية منذ 5 ساعات
صحيفة الأيام البحرينية منذ 10 ساعات
صحيفة البلاد البحرينية منذ 16 ساعة
صحيفة الوطن البحرينية منذ 14 ساعة
صحيفة الوطن البحرينية منذ 14 ساعة
صحيفة الوطن البحرينية منذ 16 ساعة