تستعد اليابان لإطلاق أكبر مجمّع لمراكز البيانات في تاريخها، ما يُرى تحوّلاً استراتيجياً في خريطة الاقتصاد الرقمي للبلاد، وتخطط مدينة نانتو في محافظة تويواما، غرب اليابان، لإطلاق ثالث وأكبر تجمّع لمراكز البيانات في البلاد، بقدرة كهربائية إجمالية تصل إلى 3.1 غيغاواط، وفقاً لوثيقة اطّلعت عليها رويترز. ومن المقرر الإعلان الرسمي عن المشروع بالتعاون مع المطوّر الخاص «غيغاستريم تويواما» يوم الجمعة.
عند اكتماله، سيكون المشروع من بين أضخم مجمّعات مراكز البيانات عالمياً، في حجم يوازي مشاريع عملاقة مثل مشروع «ستارغيت» الأميركي المرتبط بـ«أوبن إيه آي»، ما يضع اليابان بقوة على خريطة البنية التحتية الرقمية العالمية. المرحلة الأولى والجاهزية التشغيلية ستوفّر المرحلة الأولى من مجمّع نانتو قدرة تصل إلى 400 ميغاواط، وهي طاقة كافية لخدمة مشغّلين عالميين من فئة «هايبرسكيل» مثل أمازون، مايكروسوفت، وغوغل.
ومن المتوقع أن يصبح الموقع جاهزاً للتشغيل بحلول نهاية عام 2028، وفقاً للخطة المشتركة بين القطاعين العام والخاص.
لماذا تويواما؟ لم يأتِ اختيار تويواما من فراغ، فالمنطقة تقع على بُعد نحو 250 كيلومتراً من طوكيو وأوساكا، وتُصنّف ضمن المناطق منخفضة المخاطر الطبيعية، مع سجل محدود من الزلازل الكبرى بحسب هيئة الأرصاد الجوية اليابانية. كما تتمتع غرب اليابان بوفرة نسبية في الطاقة الكهربائية وتكلفة أقل مقارنة بشرق البلاد، وهو عامل حاسم لمشاريع تستهلك كميات هائلة من الكهرباء مثل مراكز البيانات.
تنويع جغرافي ضرورة وطنية حالياً، تستحوذ منطقتا طوكيو وأوساكا على نحو 85% من مراكز البيانات في اليابان، ما خلق اختناقات تشغيلية وضغوطاً على البنية التحتية. لذلك ترى الحكومة أن التوسع الإقليمي بات ضرورة استراتيجية، ليس فقط لدعم النمو الرقمي، بل أيضاً لتعزيز مرونة الاقتصاد في مواجهة المخاطر.
سوق يتضاعف واستثمارات بمليارات الدولارات يُتوقع أن يتضاعف حجم سوق مراكز البيانات في اليابان ليصل إلى أكثر من 5 تريليونات ين، أي نحو 32 مليار دولار، بحلول عام 2028، بخدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. وتراهن الحكومة على هذا القطاع لدعم هدفها الطموح بجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 120 تريليون ين بحلول عام 2030، مقارنة بـ53.3 تريليون ين في عام 2024.
طاقة أرخص ومعروض غير مستغل تملك شركات الكهرباء في غرب اليابان، مثل «هوكوريكو إلكتريك» و«كانساي إلكتريك» و«جي باور»، طاقات إنتاجية غير مستغلة بالكامل. فعلى سبيل المثال، تبيع «هوكوريكو إلكتريك» أقل من نصف قدرتها القصوى حتى دون احتساب محطة «شيكا» النووية المتوقفة، ما يمنح مشاريع مراكز البيانات ميزة تنافسية من حيث الكلفة والاستدامة.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
