"العفو الرئاسي" الأميركي... من يحكم يمنع ويمنح

ملخص مع نهاية القرن الـ20 وبداية القرن الـ21، بدأ الرؤساء يستخدمون صلاحية العفو بشكل متزايد لأسباب شخصية وسياسية، وتعد نقطة التحول في عفو الرئيس جيرالد فورد عن سلفه ريتشارد نيكسون في الثامن من سبتمبر1974 والذي صدر بعد شهر من استقالة نيكسون في أعقاب فضيحة "ووترغيت"، التي تورطت فيها حملة إعادة انتخاب نيكسون عام 1972 بالتجسس على خصومه السياسيين.

منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل 11 شهراً، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ما يقرب من 1800 عفو رئاسي، أي ما يتجاوز سبعة أضعاف العدد الذي أصدره خلال سنوات ولايته الأولى الأربع، ويعود ذلك إلى أن 1500 منهم كانوا متهمين لدورهم في الهجوم على الكونغرس في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more لكن وتيرة عفو ترمب كانت غير مسبوقة، على رغم أن سلفه بايدن يظل يحمل الرقم القياسي لأكبر عدد من أعمال العفو المقترن بتخفيف الأحكام، لأي رئيس منذ نشأة الولايات المتحدة قبل 250 عاماً، ومع ذلك يثير توسع الرؤساء الأميركيين خلال العقود الأخيرة في استخدام هذه السلطة الاستثنائية، تساؤلات حول ما إذا كان هذا انحرافاً عن مسار قصد به الرحمة أم سيصبح نمطاً دائماً لجميع الرؤساء في المستقبل؟

مغزى العفو يعتقد كثير من الأميركيين أن الاستخدام المعاصر لسلطة العفو الرئاسية، يمثل ابتعاداً كبيراً عن فعل الرحمة والتسامح الذي نص عليه الدستور الأميركي ويستمد جذوره التاريخية من القانون الإنجليزي (امتياز الرحمة)، وكان يُقصد به أن يكون أداة لتوحيد الأميركيين ومزج العدالة بالرحمة في الحالات المناسبة من دون رقابة تشريعية من الكونغرس، ولهذا السبب منح واضعو الدستور الأميركي الرؤساء في البند الأول من المادة الثانية من الدستور سلطة العفو عن الجرائم الفيدرالية المرتكبة.

وبينما قد تبدو هذه السلطة الاستثنائية أشبه بسلطة الملوك للوهلة الأولى، إلا أنها مُنحت للرئيس برؤية مختلفة، فقد نظر واضعو الدستور من الآباء المؤسسين للولايات المتحدة إلى سلطة العفو ليس كامتياز شخصي للرئيس يمنحه لمن يشاء، بل كفعل رحمة يهدف إلى مراقبة السلطتين الأخريين، فإذا أقر الكونغرس قانوناً اعتبره الرئيس سيئ الصياغة وأدى إلى ظلم ما في لحظة معينة، أو إذا عاقبت المحاكم شخصاً ما ظلماً لمخالفته، كان بإمكان الرئيس التدخل وتصحيح الخطأ بدافع تحقيق العدالة أمام الشعب.

وتنقسم سلطة العفو إلى ثلاثة أوجه، الأول يتعلق بالعفو الكامل الذي يعفي عن الجريمة، ويعيد الحقوق (مثل حق التصويت وحق شغل المناصب)، ويزيل العواقب القانونية، كما لو أن الجريمة لم تحدث أبداً، والثاني يتعلق بتخفيف الأحكام أي تقليل مدة العقوبة من دون محو الإدانة، أما الثالث فيختص بتأجيل العقوبة أو تخفيض الغرامات والذي نادراً ما يستخدمه الرؤساء.

ومع ذلك، لا تزال هناك قيود على استخدام أعمال العفو الرئاسي، حيث لا يمكن استخدامها في حالات العزل من المناصب، ولا تنطبق على الجرائم الجنائية على مستوى الولايات، ولا يجوز لها عموماً انتهاك الحقوق الدستورية الأخرى، أو استخدامها لانتهاك القانون الجنائي، كذلك العفو الذاتي أي عفو الرئيس عن نفسه، لا تزال مسألة قانونية لم تحسم بعد ولم تعرض على المحكمة، لكن مذكرة صادرة عن وزارة العدل عام 1974 وسط الجدل المحتدم حول فضيحة "ووترغيت" التي أحاطت بالرئيس ريتشارد نيكسون، خلصت إلى أن الرئيس لا يستطيع العفو عن نفسه استناداً إلى قاعدة قانونية أساسية تنص على أنه لا يجوز لأحد أن يكون قاضياً في قضيته الخاصة.

انحراف واضح على مر التاريخ الأميركي، التزم غالبية الرؤساء الأميركيين بنمط المصلحة العامة عند اتخاذ قرارات العفو، وبحسب مارك روزيل، عميد كلية شار للسياسة والحكم في جامعة جورج ماسون، فإن الرؤساء اعتادوا تقليدياً على الاعتماد على دليل وزارة العدل، الذي يحدد المعايير عند النظر في العفو وتخفيف الأحكام، وعلى سبيل المثال، أصدر كل من أبراهام لينكولن وخليفته أندرو جونسون عفواً عاماً عن مواطنين من الولايات الكونفيدرالية السابقة، بهدف مساعدة الأمة على التعافي بعد الانفصال والحرب الأهلية، كذلك منح هاري ترومان عفواً لبعض الفارين من الخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية، بينما منح جيمي كارتر عفواً لمئات الآلاف من الأفراد الذين تهربوا من التجنيد الإجباري خلال حرب فيتنام.

لكن مع نهاية القرن الـ20 وبداية القرن الـ21، بدأ الرؤساء يستخدمون صلاحية العفو بشكل متزايد لأسباب شخصية وسياسية، وتعد نقطة التحول في عفو الرئيس جيرالد فورد عن سلفه ريتشارد نيكسون في الثامن من سبتمبر (أيلول) 1974 والذي صدر بعد شهر من استقالة نيكسون في أعقاب فضيحة "ووترغيت"، التي تورطت فيها حملة إعادة انتخاب نيكسون عام 1972 بالتجسس على خصومه السياسيين.

العفو عن الحلفاء والأصدقاء ورغم أن فورد برر قراره بالحاجة إلى الوحدة الوطنية، قائلاً إن العفو سيجنب البلاد محاكمة علنية فوضوية ومثيرة لرئيس سابق، إلا أن حقيقة عدم فوز أي سياسي بارز على مثل هذا العفو الرئاسي من قبل، أثرت سلباً في شعبية فورد، مما أسهم في خسارته انتخابات إعادة انتخابه عام 1976.

ومنذ ذلك الحين، فتح قرار فورد الباب أمام المزيد من العفو عن الحلفاء السياسيين أو الأصدقاء الشخصيين، ففي عام 1992، عفا جورج بوش الأب عن مسؤولين عمل معهم في إدارة ريغان والذين تورطوا في فضيحة "السلاح مقابل الرهائن" المعروفة سياسياً باسم (إيران-كونترا)، كذلك تعرض بيل كلينتون لإدانة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لعفوه عن تاجر السلع مارك ريتش، في آخر يوم له في منصبه عام 2001، بعدما فر ريتش من البلاد عقب اتهامه بالتهرب الضريبي والاتجار غير المشروع بالنفط مع إيران. وكانت زوجته السابقة قد تبرعت للحزب الديمقراطي ومكتبة كلينتون الرئاسية، كذلك عفا في نفس ذلك اليوم عن أخيه غير الشقيق روجر كلينتون، الذي دين ببيع الكوكايين.

ومع بداية القرن الـ21، فعل الرئيس جورج دبليو بوش الشيء نفسه حيث خفف حكماً صادراً ضد مساعد نائب الرئيس سكوتر ليبي في عام 2007، كذلك أثار استخدام أوباما المتكرر لتخفيف الأحكام، وبخاصة للسجناء المدانين بجرائم متعلقة بالمخدرات، اعتراضات من الجمهوريين في ذلك الوقت على أساس أن أوباما أصدر 1927 قرار عفو منها 212 عفواً كاملاً و1715 تخفيف أحكام بما يعد أكثر من معظم الرؤساء السابقين، لكن هذا لا يزال يمثل خمسة في المئة فقط.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 3 ساعات
منذ ساعة
منذ 6 ساعات
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ 8 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 5 ساعات
بي بي سي عربي منذ 19 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 36 دقيقة