أدى الانهيار الأخير في سوق العملات الرقمية إلى زيادة حذر بعض المستثمرين، بعد أن تضررت بشدة بعض القطاعات الأكثر رواجًا وإثارةً في هذا المجال، وقد يُشكل هذا الانهيار أيضًا فرصةً سانحةً للاستراتيجيات الناشئة التي تسعى إلى إدارة المخاطر بفعالية أكبر. شهد عالم بدائل الاستثمار في العملات الرقمية توسعًا هائلًا في غضون سنوات قليلة، ليشمل الآن عمليات شراء العملات الرقمية المباشرة، وصناديق المؤشرات المتداولة الفورية، والمشتقات المالية مثل خيارات البيع والشراء والعقود الآجلة، وأسهم شركات التعدين والخزينة، ومنصات تداول العملات الرقمية، ومزودي البنية التحتية. لكن هذا التوسع يُؤدي أيضًا إلى نتائج استثمارية مختلفة، حيث تُعد الرافعة المالية والتقييمات المرتفعة ومخاوف التمويل من بين العوامل التي أضرت بقطاعات مختلفة من أسواق العملات الرقمية.
يقول جون داغوستينو، رئيس قسم الاستراتيجية في كوين بيس: «شهدت أدوات الاستثمار في البيتكوين انتشارًا واسعًا في أسواق التجزئة والمؤسسات على حد سواء، مما وسّع نطاق الوصول إليها بشكلٍ كبير». ومع ذلك، «تُعدّ الفروقات الدقيقة مهمة في ما يتعلق بكيفية استخدام الرافعة المالية ومدى رغبة المستثمرين في التحوّط من مخاطرهم».
الأسعار مبالغ فيها انخفض سعر البيتكوين بنسبة تصل إلى 36% من أعلى مستوى له عند 126,223 دولارًا في 6 أكتوبر 2025، ولا يزال أقل بنحو 30% من أعلى مستوى له، وقد عانت شركات إدارة خزينة البيتكوين، وعلى رأسها شركة ستراتيجي إنك، بشكل أكبر. تحتفظ هذه الشركات بجزء كبير من أصولها في شكل عملات مشفرة كاحتياطي للخزينة، وغالبًا ما تجمع رأس المال من خلال الأسهم أو الديون لشراء المزيد من الأصول الرقمية. لسنوات، كانت أسعار أسهمها تُتداول بعلاوة سعرية مقارنة بقيمة البيتكوين التي تمتلكها، وافترض العديد من المستثمرين أن هذه العلاوة ستستمر في النمو إلى الأبد. لكن مع انخفاض سعر البيتكوين، انهارت هذه العلاوات؛ انخفض سهم ستراتيجي بنسبة 54% عن ذروة البيتكوين في أكتوبر، وبنسبة 63% عن مستواه في منتصف يوليو، كما تضررت شركة ميتابلانت اليابانية، وقائمة طويلة من الشركات الصغيرة الأخرى، بشدة مماثلة. وصفت لين ألدن، مؤسسة شركة لين ألدن لاستراتيجيات الاستثمار، الوضع بأنه «فقاعة محلية». وأضافت: «أصبح المستثمرون الآن أكثر حذرًا من المبالغة في دفع ثمن هذه الشركات».
شركات تعدين العملات الرقمية تواجه صعوبات في التحول واجهت شركات تعدين العملات الرقمية، مثل إيرن، وكلين سبارك، وريوت، ومارا هولدينجر، والتي كانت تحظى بشعبية كبيرة بين المستثمرين، انتكاساتٍ أيضًا. هذه الشركات، التي ضمنت لنفسها الحصول على كهرباء رخيصة بموجب عقود طويلة الأجل، تتجه الآن نحو مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي لشركات التكنولوجيا العملاقة. قال ماثيو سيجل، مدير محفظة صندوق فان إي سي كيه، الذي يستثمر في منظومة العملات الرقمية: «كانت هذه الأسهم الأفضل أداءً هذا العام لأنها تجمع بين عنصرين قويين: الأصول الرقمية من خلال استثماراتها في البيتكوين، والذكاء الاصطناعي». لكن الكثيرين لاحظوا ضعفًا في هذه الأسهم بسبب المخاوف بشأن ربحية بعض هذه الشركات، نظرًا لثقل ديونها وحاجتها المستمرة إلى سيولة نقدية جديدة لتمويل عملية التحول. قال سيجل: «تغيرت البيئة الاقتصادية الكلية قليلاً، وتعرضت تلك الشركات للعقاب». الطاقة مفتاح النمو من المتوقع أن يزداد ترابط استثمارات العملات الرقمية والذكاء الاصطناعي خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث تُعتبر البنية التحتية للعملات الرقمية أساسية لتلبية احتياجات الطاقة. تُقدّر مورغان ستانلي أن مراكز البيانات الأميركية تواجه نقصًا في الطاقة يبلغ 47 جيجاوات حتى عام 2028، لكنها تُشير إلى أن تحويل مُعدّني العملات الرقمية إلى مُعدّنين قد يُخفف جزءًا كبيرًا من هذا النقص، ربما 10-15 جيجاوات أو أكثر. الموجة القادمة بالنسبة لبعض الشركات، يكمن حل الأداء الضعيف في تقديم استراتيجيات مُدارة بنشاط و/أو مُتحوّطة قادرة على تحقيق أداء أفضل خلال فترات انخفاض الأسعار. يقول سيجل إن صندوق فان إي سي كيه الخاص به حقق عائدًا بنسبة 32% منذ إطلاقه في مايو من هذا العام، وذلك من خلال تقليل وزن الأسهم ذات الرافعة المالية العالية عمدًا، ويضيف: «نحن على قناعة بأن الإدارة النشطة هي الخيار الأمثل في هذا المجال لأنه لا يزال فئة أصول غير ناضجة». طوّرت شركة إي إم جيه كريبتو تكنولوجيز، المملوكة للمستثمر الناشط إريك جاكسون، أول صندوق استثماري للأصول الرقمية مُدار بشكل فعّال، يضمّ البيتكوين والإيثيريوم وبعض العملات الرقمية البديلة، ويُحقق عائدًا من خلال بيع الخيارات بدلًا من إصدار الأسهم أو السندات بشكل متكرر.
بدأت الشركة عملها رسميًا، بعد أن أعلنت شركة إس آر إكس سولوشنز يوم الثلاثاء عن استحواذها على إي إك جيه إكس، على أن يرأس جاكسون الشركة المندمجة. وسيتحول رمز التداول من SRXH إلى EMJX بعد إتمام الصفقة، المتوقع في الربع الأول من عام 2026.
ورغم كل هذه الضجة، عزز البيتكوين مكانته كعملة رائدة بلا منازع، مدعومًا بدعم مؤسسي قوي. كما أنها عملة مفضلة لدى مُعدّني العملات الرقمية، ومع ظهور المزيد من خيارات الاستثمار، يرى داغوستينو من منصة كوين بيس أن السوق بشكل عام بدأ يُشبه سوق السلع التقليدية أو الأسهم، مع وجود منصات تداول مُنظّمة، وخيارات حفظ آمنة، وأدوات دقيقة للتنبؤ باتجاه الأسعار، وتقلباتها، أو تحقيق دخل ثابت. (رويترز)
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
