إيران، غزة، وترامب.. حوار مع روبرت مالي

ألان غريش؛ وروبرت مالي* - (أورينت 21) 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2025

روبرت مالي هو دبلوماسي أميركي شغل منصب المساعد الخاص للرئيس بيل كلينتون للشؤون العربية الإسرائيلية. وكان عضواً في مجلس الأمن القومي خلال رئاسة باراك أوباما. وتولى منصب المبعوث الخاص إلى إيران في إدارة جو بايدن. وفي هذه المقابلة التي أجراها معه ألان غريش، يتحدث مالي عن شخصية دونالد ترامب الخلافية، ودوره في الصراعات، وعن سلام ذي مصير غامض في الشرق الأوسط.

* * *

ألان غريش: لقد تابعتَ الملف الإيراني عن كثب في البيت الأبيض على مدار سنوات عديدة. هل تفاجأت بالقرار الأميركي بالمشاركة في "حرب الاثني عشر يوماً" -كما أسماها دونالد ترامب؟ كيف يمكن تفسير هذا القرار في إطار سياسة ترامب؟

روبرت مالي: في ما يخص الرئيس ترامب، كل شيء يفاجئني ولا شيء يفاجئني. نحن نتابع تصريحاته اليومية، ثم يأتي يوم يفعل فيه عكس كل ما قال. كنت أظن أنه مهتم فعلاً بعقد صفقة مع إيران، وكانت هناك اتصالات أكثر مباشرةً بين إدارة ترامب والحكومة الإيرانية مقارنةً بما كان عليه الحال مع إدارة بايدن. كانت هناك محاور للنقاش. ومن جهة أخرى، كان قاعدته الانتخابية تعارض بشدة فكرة التدخل العسكري. فما الذي حدث إذن؟

ترامب شخص نافد الصبر. كان يريد إتمام صفقة في غضون ثلاثة أشهر، ولم يحقق مراده. وعندها ظن -وربما كان ذلك باقتراح من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو- أن السبب يعود إلى عدم كفاية الضغط العسكري. وأغرته فكرة شن هجوم ضخم ضد إيران، والذي هو الأول من نوعه بالنسبة للولايات المتحدة، باستخدام قنبلة فائقة القوة لتدمير منشأة فوردو النووية، خاصة أن العملية الإسرائيلية بدت ناجحة في أيامها الأولى. لكنه في الوقت نفسه حرص على عدم استمرار الحرب.

ألان غريش: يبدو أن نتنياهو كان يرغب في استمرار الحرب.

روبرت مالي: هناك عامل آخر لعب دوراً مهماً. كانت إسرائيل تفتقر إلى الموارد العسكرية اللازمة للتصدي للصواريخ والقذائف الإيرانية، حيث كانت تعاني نقصاً في الصواريخ الاعتراضية. وقد أسهم ذلك أيضاً في وقف الحرب.

هل كانت تلك هي الجولة الأولى فحسب؟ هل ستكون هناك جولات أخرى؟ كل ذلك سيعتمد على ما يدور في رأس الرئيس ترامب. يبدو أنه متمسك بالتوصل إلى اتفاق مع إيران. وهو يردد طوال الوقت أنه على مرمى حجر، كما أكد أن طهران دعمت خطته بشأن غزة.

من الأمور المدهشة في هذه الإدارة مقارنة بسابقتها أن ترامب لا يعرف الخطوط الحمراء. يمكنه التحدث مع الإيرانيين ومع حركة "حماس". ويمكنه الضغط على فنزويلا... وهكذا. يبدو ذلك واضحاً إذا ما قارنّاه بجُبن إدارة بايدن. هنا تكمن قوة هذا الرئيس وضعفه في آن واحد. إنه يشعر بأنه متحرر من أي قيود سياسية أو دبلوماسية. إذا كان من مصلحته عقد صفقة مع الحوثيين، يمكنه القيام بذلك حتى لو تعارض مع المصالح الإسرائيلية. وإذا كان من مصلحته إجراء حوار مع أحمد الشرع ورفع العقوبات عن سورية -أيضاً على الرغم من اعتراض القادة الإسرائيليين- فإنه سيفعل ذلك. إنه شخص لا يلتزم بالقواعد المتعارف عليها.

ألان غريش: لماذا تم توقيع الاتفاق بشأن غزة الآن؟ كان من الممكن إتمامه منذ عام أو عام ونصف العام؟

روبرت مالي: على الجانب الإسرائيلي، بدأ إرهاق الحرب يظهر. وقد أعلن رئيس الوزراء لتوّه أنه سيترشح لولاية جديدة في الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في تشرين الأول (أكتوبر) 2026، ولن يكون بإمكانه الدفاع عن حصيلة إنجازاته من دون عودة الرهائن أو وقف الحرب.

من جانبها، تعرضت حركة "حماس" لضغوط قوية جداً من تركيا وقطر، وخلص قادتها إلى أن الرهائن لم يعودوا يشكلون ورقة ضغط رابحة بقدر ما أصبحوا عبئاً لا يمنع إسرائيل من مواصلة قصفها. لا أريد أن أبدو متشائماً، لكن الرهائن كانوا سيموتون بمرور الوقت، ولم يكن هناك معنى للإبقاء عليهم.

أثار القصف الإسرائيلي ضد "حماس" في قطر قلق دول الخليج التي مارست ضغوطاً على الرئيس ترامب، الذي كان بدوره قلقاً من تجاوزات إسرائيل. هذه الإدارة مستعدة للضغط على نتنياهو. كما تمكن ترامب من كسر المحظور وإقامة اتصال مع "حماس" من أجل تقديم ضمانات، في البداية بشكل غير مباشر عبر تركيا وقطر، ثم بشكل مباشر عبر ممثليه جاريد كوشنر وستيف ويتكوف. وعندما خاطب ترامب نتنياهو أمام الكنيست بقوله: "لا يمكنك أن تربح الحرب ضد العالم كله. حان الوقت للتوقف"، فإنه أوصل رسالته.

أراد ترامب تسجيل انتصار جديد في قائمة الحروب التي يزعم أنه أوقفها، والمناطق التي أعاد إليها السلام. إنه يضع نصب عينيه جائزة نوبل. كما أن النجاح الذي أحرزه في قضية غزة يؤكد فشل جو بايدن في وقف الحرب.

السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان اهتمام ترامب بهذا الملف سيستمر، أم أنه سيتحول إلى ملفات أخرى -أوكرانيا أو فنزويلا على سبيل المثال. للإنصاف، تتابع إدارة ترامب في الوقت الراهن تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة، ولا يبدو أنها مستعدة للسماح لنتنياهو بإفسادها. كما أن الزيارات المتوالية لمستشاريه كوشنر وويتكوف إلى تل أبيب، وزيارة نائب الرئيس ديفيد فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو، بالإضافة إلى تصريحات الرئيس ترامب لمجلة "تايم" في 23 تشرين الأول (أكتوبر)، كلها تعكس رغبة الإدارة الأميركية في فرض رؤيتها على إسرائيل، ورفضها القاطع لضم الضفة الغربية، ورغبتها في الحفاظ على وقف إطلاق النار. كل هذا لا علاقة له باحترام حقوق الفلسطينيين أو القدرة على فهم طموحاتهم، لكنه يظل خطوة مهمة على الطريق، وهو -مقارنة بالإدارات السابقة- يعد إنجازاً.

ألان غريش: ما رأيك في الخطة نفسها؟

روبرت مالي: تتكون الخطة من مرحلتين. الأولى هي وقف القتال، مع انسحاب جزئي أو شبه جزئي للجيش الإسرائيلي. وهو أمر غير واضح، لكن الخطوة التالية أكثر غموضاً. في واقع الأمر، يمكن اعتبارها وثيقة استسلام فلسطيني، لأنها تفرض على "حماس" القبول بوجود قوات إسرائيلية في قطاع غزة، وقبول أن إسرائيل ستقرر -أو على الأقل ستكون لها كلمة، وكلمة حاسمة جداً- بخصوص توقيت انسحابها. كما يجب على "حماس" القبول بنزع سلاحها، وعلى غزة التخلص من التطرف والإرهاب. وفي النهاية سيتم تشكيل مجلس للسلام برئاسة ترامب -وربما توني بلير وهذا شيء يصعب جداً على الفلسطينيين هضمه.

من ناحية أخرى، لو فكرنا بهدوء، فسوف نجد أنها ذات فائدة كبيرة إذا نجحت في الوصول إلى هدنة ووقف لإطلاق النار وإرسال مساعدات إنسانية وإطلاق سراح الأسرى والرهائن.

لا نعرف بالتحديد ما سيحدث بعد ذلك؛ فهناك الكثير من المناطق المعتمة. ولا تبدو "حماس" والحكومة الإسرائيلية متحمستين لفكرة مواصلة هذا المسار. هل تريد "حماس" نزع سلاحها؟ بالتأكيد لا. هل تريد أن يُحكم الإقليم بواسطة هذا المجلس الدولي؟ أيضاً لا. هل ترغب في وجود قوة استقرار دولية يمكن أن تهاجمها؟ لا أعلم.

من جانبها، هل ترغب إسرائيل أيضاً في قوة استقرار تعمل كقوة فصل بين إسرائيل وغزة، والتي قد تشكل سابقة أو نموذجاً للضفة الغربية؟ هل تريد إسرائيل تدويل ملف غزة؟ هناك الكثير من التردد والشكوك. لكن الحد الأدنى المتفق عليه هو الهدنة وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وإرسال المساعدات الإنسانية.

أما الباقي، فأعتقد أنه سيكون محل صراع ونزاع، وسيعتمد كثيراً على التدخلات الخارجية. وستكون الدول العربية ودول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة هي التي ستحدد إلى أي مدى سيتم تنفيذ البنود الأخرى من هذه الخطة.

ألان غريش: شاركتما أنت وحسين آغا منذ تسعينيات القرن الماضي في المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية. كيف تقيّمان الخطوة الحالية ضمن تاريخ من المفاوضات استمر لثلاثين عاماً، والذي لا.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الغد الأردنية

منذ 10 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 11 ساعة
خبرني منذ 9 ساعات
خبرني منذ ساعتين
خبرني منذ 16 ساعة
موقع الوكيل الإخباري منذ 8 ساعات
خبرني منذ ساعتين
صحيفة الرأي الأردنية منذ 3 ساعات
خبرني منذ 9 ساعات
خبرني منذ 7 ساعات