عندما أبدل يوسف شاهين مسرحية "هاملت" بـ"كاليغولا" في اللحظات الأخيرة

ملخص مهما يكن من أمر يمكننا اليوم أن نستذكر تلك المغامرة المسرحية الشكسبيرية على الطريقة الشاهينية، وربما لمناسبة بدء الفعاليات المتعلقة بالذكرى المئوية الأولى لولادة يوسف شاهين. فمسرحية "كاليغولا" تعد واحداً من أكثر أعمال ألبير كامو راديكالية وإثارة للقلق لأنها لا تكتفي بطرح سؤال السلطة، بل تمضي إلى أبعد من ذلك، إلى جذر العبث نفسه: ما الذي يحدث حين يكتشف الإنسان فجأة أن العالم بلا معنى، وأن الموت حقيقة مطلقة لا يمكن التفاوض معه؟

كان المقربون من يوسف شاهين يعرفون من زمن بعيد أن ثمة حلماً شكسبيرياً كان لا يكف عن مداعبة خياله ووجوده، بشكل عام منذ زمن مبكر. وكان الحلم ينبثق دائماً من تولع السينمائي المصري الكبير، وربما منذ سنواته الأميركية المبكرة، بشخصية "هاملت" التي من الواضح أنه تدرب على أدائها كثيراً منذ درس التمثيل في أميركا، ولكن كان ثمة شيء يمنعه من مسايرة هذا الحلم الذي ظل لديه كحبيبة مشتهاة إنما لا يمكن الدنو منها. وحتى وإن كان الحلم طوال مسار شاهين السينمائي، يقضي بتقديم الشخصية عبر فيلم، أو حتى مسرحية داخل الفيلم على النمط المسرحي الشكسبيري الأصيل، فإن رغبة شاهين الخفية كانت تتعلق بتقديم "هاملت" الشكسبيري على المسرح، وأن يكون إسكندرانياً بشكل أو بآخر. ونعرف أن هذه الفرصة التي أمضى شاهين أكثر من النصف الثاني من عمره يترصدها، وأتته أخيراً، وقبل سنوات قليلة من نهايته، لكنه استنكف عن التقاطها. كان ذلك حين دعاه الفرنسيون، أيام وزير ثقافتهم الرائع جاك لانغ لاختيار عمل مسرحي يقدمه في وسط باريس، وتحديداً على خشبة قاعة الشانزيليزيه. يومها كنا محيطين بشاهين وهو يزف إلينا الخبر فرحاً، لكننا بوغتنا به يزيد عليه خبراً غريباً فحواه أنه لن يقدم مسرحية شكسبيرية الآن، بل سيترك شكسبير "وبطله المقدس"، بحسب تعبيره، "هاملت"، لمناسبة أخرى. أما الآن فإنه سيقدم، وللمرة الأولى في مساره الفني على خشبة مسرح، عملاً من ألبير كامو هو بالتحديد مسرحية "كاليغولا". بالنسبة إلينا كان الاختيار منطقياً، ومع ذلك بدا لنا مذهلاً بعد سنوات أنفقناها في انتظار "هاملت" الإسكندراني الشاهيني.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more

يوسف شاهين (ويكيبيديا)

لماذا الديكتاتور الروماني؟ والحال أن شاهين نفذ رغبته الجديدة وقدم يومها "كاليغولا"، لكن الجهد الذي بذله، ناهيك بردود الفعل التي لم تكن مشجعة أحبطت المسرحي في داخله فكان تقديمه كامو في قلب باريس نهاية لحلمه المسرحي، بل إننا لم نسمعه بعد ذلك يتحدث حتى عن "هاملت". ومع هذا لم يخل الأمر، خلال السنوات التالية على تلك المغامرة، من نقاشات مع المخرج الكبير تناولت ذلك الاختيار ودوافعه، وما إلى ذلك من أمور. ولعل أهم ما تمكنا من استخلاصه حينها يتعلق بالفارق بين "هاملت" و"كاليغولا" كشخصيتين كبيرتين على الخشبة، وكمسرحيتين أيضاً. وبالنسبة إلى شاهين كان العنوان الرئيس المزدوج يتلخص في أن تقديمه "هاملت" كان يفرض عليه أن يخوض إبداعاً وجودياً، بينما يفترض تقديمه لـ"كاليغولا" أن يدنو من إبداع واقعي "يتعلق بالمرحلة التي نعيشها نحن العرب، حيث المسألة المطروحة ليست فلسفية وجودية، بل سياسية تتعلق بالحكم والسلطة"، كما قال لنا مرة ملخصاً ليردف أن في إمكاننا أن نعود لاحقاً إلى مشكلات الذات مع الوجود، "أما الآن فلنحاول أن نشرح الديكتاتور في الحكم وفي داخل كل واحد منا!". والحقيقة أن شاهين في هذا التفسير الذي اعتبرناه نحن المحيطين به نوعاً من التبرير، بدا محقاً، وإن من.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 10 ساعات
منذ ساعة
منذ 9 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ ساعة
قناة العربية منذ 5 ساعات
قناة العربية منذ 17 ساعة
سي ان ان بالعربية منذ 5 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ ساعتين
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 16 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 3 ساعات