الانقلاب الشتوي (شەوی یەڵدا) أطول ليالي السنة بين الفلك والتراث الكوردي

أربيل (كوردستان 24)- يبدأ فصل الشتاء فلكياً في النصف الشمالي من الكرة الأرضية فی یوم غد الاحد، مع لحظة الانقلاب الشتوي، التي تُسجَّل خلالها أقصر ساعات النهار وأطول ساعات الليل في العام.

ولا يقتصر هذا الحدث على كونه ظاهرة فلكية، بل يرتبط أيضاً بموروث ثقافي واجتماعي عريق في المنطقة، من بينها شَبّ يَلدا (شەوی یەڵدا) المعروفة كذلك باسم شَبّ چِلّه.

ويؤكد مختصون أن فصل الشتاء الفلكي يستمر قرابة 89 يوماً، وينتهي مع حلول الاعتدال الربيعي في 20 آذار/مارس 2026. ويعود تعاقب الفصول إلى ميلان محور الأرض بنحو 23.5 درجة، ما يؤدي إلى اختلاف زاوية سقوط أشعة الشمس على سطح الكوكب.

وفي يوم الانقلاب الشتوي تتعامد الشمس على مدار الجدي، وتصل إلى أدنى ارتفاع لها في السماء، فيكون الظل عند الظهيرة هو الأطول خلال السنة.

تُعد شَبّ يَلدا أو شَبّ چِلّه (شەوی یەڵدا) الليلة التي يحدث فيها الانقلاب الشتوي، وهي في الثقافة الكوردية والفارسیة عيدٌ يوافق أطول وأظلم ليالي السنة.

وفي اللغة الكوردية يُستعمل اسم يَلدا أكثر من چِلّه، وإن كان الاسمان معروفين. وقد خُلِّدت هذه الليلة في الأدب والفن، إذ كتب عنها الشاعر نالـي، وغنّاها الفنان الكوردي عدنان كريم، واتخذ اسمها عنواناً لأحد ألبوماته.

وفي جغرافية كوردستان الكبرى، كما في عموم النصف الشمالي من الكرة الأرضية، تقع أطول ليلة ما بين 21 و22 كانون الأول/ديسمبر، مع اختلاف بسيط في التوقيت بحسب خطوط العرض والطول.

كلمة يَلدا تعود في أصلها إلى اللغة السريانية، وتعني الولادة. وارتبطت تاريخياً بفكرة ولادة النور والخير بعد الظلام.

وفي التراث الإيراني القديم عُدّت هذه الليلة رمزاً لانتصار الضوء على العتمة، وربطها البعض بولادة السيد المسيح، كما ارتبطت في الثقافات الغربية بمفاهيم قريبة من عيد الميلاد.

تقليدياً، كان يُنظر إلى أطول ليالي السنة في الديانات القديمة، ومنها الزرادشتية، على أنها ليلة تحتاج إلى السهر والحذر من قوى الشر. لذلك اعتاد الناس السهر حتى الفجر، والتجمع مع الأهل والأصدقاء، وتبادل الأحاديث والقصص، وتناول ما تبقى من فواكه الصيف.

ولا تزال هذه العادات حاضرة حتى اليوم، حيث تجتمع العائلات حول مائدة تضم الرمان، والبطيخ، والمكسرات، والفواكه المجففة، في طقس اجتماعي يعكس روح الألفة والتضامن.

وفي بعض المناطق تُقدَّم عشرات الأنواع من الأطعمة احتفاءً بهذه الليلة.

وتحظى شَبّ چِلّه بمكانة خاصة لدى كورد خراسان، إذ ترافقها طقوس اجتماعية مميزة، من بينها تقديم الهدايا من الذهب والفضة والملابس والطعام إلى بيت العروس في حال كانت الخطوبة قائمة، ويُعرف هذا التقليد باسم «شێڤچەلێگی». كما تُقام ألعاب نارية واحتفالات شعبية تُعد جزءاً من هوية هذه الليلة.

وهكذا، يجمع الانقلاب الشتوي بين الدقة الفلكية والذاكرة الثقافية، ليشكّل مناسبة سنوية يتداخل فيها العلم مع التراث، ويؤكد عمق العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وبين حركة السماء وحياة المجتمعات في كوردستان والمنطقة.


هذا المحتوى مقدم من كوردستان 24

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من كوردستان 24

منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
قناة الرابعة منذ 12 ساعة
قناة السومرية منذ 3 ساعات
قناة الرابعة منذ 4 ساعات
قناة الرابعة منذ ساعة
قناة السومرية منذ 16 دقيقة
قناة السومرية منذ 20 ساعة
وكالة الحدث العراقية منذ 9 ساعات
قناة السومرية منذ 4 ساعات