بعد الفجر.. حكاية الشيخ عثمان حين تستيقظ المدينة

كتب/ د. الخضر عبدالله:

تخرج من بيتك بعد صلاة الفجر، والمدينة لا تزال تفرك عينيها ببطء. هواء عدن في هذا الوقت مختلف؛ أخفّ، وأقرب إلى القلب، كأنه يمرّ عليك ليذكّرك بأن هذا الصباح ما زال بخير، مهما أثقلته الأيام. تمشي في شوارع الشيخ عثمان، المدينة التي لا تنام تماماً، لكنها تمنح الفجر حقه في الهدوء والتأمل.

كبار السن والخطوات الخاطفة

أول ما يلفت انتباهك هو الصوت الخافت لخطوات رجال كبار في السن، يسيرون بهدوء كأنهم يعرفون الطريق حتى وهم مغمضو العينين. وجوههم مألوفة، وبعضها صار جزءاً من المشهد اليومي. عند ناصية الشارع، يجلس ثلاثة منهم حول موقد صغير، أكواب الشاي تتصاعد منها أبخرة خفيفة، تمتزج برائحة الفحم. أحدهم يمسك الكوب بكلتا يديه، كأنه يحتضن الدفء، ويقول بصوت منخفض: الشاي بعد الفجر غير . يضحك الآخرون، ضحكة قصيرة تحمل الكثير من الرضا.

تمضي قليلاً، فتجد رجلاً آخر يجلس على كرسي خشبي مهترئ، يطالع صحيفة قديمة. يقلب الصفحات ببطء، وكأنه لا يبحث عن خبر بعينه، بل عن إحساس قديم كان يجده بين السطور. يرفع رأسه أحياناً، يراقب الشارع الخالي نسبياً، ثم يعود إلى القراءة. تسأله إن كانت الأخبار جيدة هذا الصباح، فيبتسم ابتسامة متعبة ويقول: الأخبار تتغير، لكن الشارع هذا ما يتغير .

فتح أبواب الرزق

مع كل خطوة تخطوها، تبدأ المدينة في الاستيقاظ على مهل. أبواب المحلات تُفتح واحداً تلو الآخر، تصدر عنها صرير مألوف، صار جزءاً من موسيقى الشيخ عثمان الصباحية. رجال في أعمار مختلفة، لكن أغلبهم من الكبار، ينحنون لترتيب بضائعهم. هذا يرصّ صناديق الخضار بعناية، وكأنه يضع أشياء ثمينة، وذاك يمسح واجهة محلّه بقطعة قماش مبللة، يحاول أن يمنح زجاجها بعض اللمعان رغم غبار الأيام.

تتوقف عند بقالة صغيرة، صاحبها رجل سبعيني، يبدأ يومه قبل الجميع. يضع الميزان في مكانه، يراجع الأسعار المكتوبة بخط اليد، ثم يجلس قليلاً أمام المحل، يراقب الشارع. يقول لك: تعودنا نصحو مع الفجر. اللي يتأخر، يفوته رزقه . في عينيه يقين لا تهزه الأزمات، كأنه تعلّم عبر السنين أن الرزق يحتاج صبراً أكثر مما يحتاج حظاً.

جالسون: الدنيا تغيرت

على الرصيف المقابل، يجلس رجلان يتبادلان الحديث عن أيام مضت. يتحدثان عن الشيخ عثمان حين كانت الأسواق أكثر ازدحاماً، وحين كانت الرواتب تكفي البيوت، وحين كان الصباح يبدأ بضجيج مختلف. أحدهما يهز رأسه قائلاً: الدنيا تغيّرت، بس إحنا باقيين . الجملة بسيطة، لكنها تحمل ثقلاً يشبه ثقل السنين التي على أكتافهم.

من سكون الفجر إلى صخب النهار

مع تقدم الوقت، تبدأ أصوات المدينة في الارتفاع تدريجياً. حافلة قديمة تمرّ ببطء، بائع متجول يجر عربته، وصوت مذياع ينبعث من محل لبيع قطع الغيار، يبث أغنية عدنية قديمة. كبار السن يبدون كأنهم حراس هذا الوقت؛ يشهدون التحول من سكون الفجر إلى صخب النهار، دون استعجال.

تمرّ بجانب محل خياطة، صاحبه رجل تجاوز الستين، يجلس أمام ماكينة قديمة. لا يبدأ الخياطة بعد، فقط يهيئ المكان، يلمس القماش بيده،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة عدن الغد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة عدن الغد

منذ 7 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 8 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 7 ساعات
صحيفة عدن الغد منذ 15 ساعة
عدن تايم منذ 12 ساعة
مأرب برس منذ 11 ساعة
نافذة اليمن منذ 5 ساعات
قناة عدن المستقلة منذ 13 ساعة
مأرب برس منذ 12 ساعة
صحيفة عدن الغد منذ 19 ساعة
صحيفة عدن الغد منذ 20 ساعة