مقال د.عبدالله سرور الزعبي. المنتخب أعاد تعريف معنى فن الممكن

لم يكن حضور المنتخب الأردني في كأس العرب مجرّد مشاركة رياضية عابرة، ولا نتيجة تُقاس بعدد الأهداف أو ترتيب المجموعات، بل كان لحظة رمزية كثيفة الدلالة، أعادت إلى الوعي الجمعي الأردني سؤالًا ظلّ مؤجّلًا طويلًا، هل يستطيع هذا البلد أن ينجح حين تتوفر الإرادة، وتُحسن الإدارة، ويُمنح الإنجاز فرصة عادلة للنمو؟

في زمنٍ تتزاحم فيه الأزمات الاقتصادية والضغوط السياسية، جاء المنتخب ليقدّم جوابًا عمليًا لا إنشائيًا. جوابًا يقول بوضوح إن الأردن قادر على التقدّم، لا رغم محدودية موارده، بل بفضل الإرادة والإدارة التي تعرف ماذا تريد، وتعمل بصمت، وتحاسب نفسها قبل أن تطلب التصفيق.

المنتخب انتصر، لا لأنه يملك أكثر، بل لأنه امتلك ما تفتقده الكثير من المؤسسات.

ما فعله المنتخب الأردني في كأس العرب تجاوز حدود المستطيل الأخضر. فقد أعاد، ولو مؤقتًا، ترميم الثقة المكسورة بين المجتمع وفكرة الإنجاز نفسها. الشارع الأردني، المثقل بخيبات متراكمة، وجد في أداء المنتخب نموذجا مصغرا لما يمكن أن تكون عليه مؤسسات الدولة حين تعمل بانسجام، وتُدار القرارات بعقل بارد لا بعواطف مرتجلة.

وما كشفته لحظة الالتفاف الشعبي حول المنتخب لم يكن كله شغف في كرة القدم فقط، بل شوقا عميقا إلى أي قصة نجاح حقيقية. الناس لم تخرج ابتهاجا بالأهداف بقدر ما خرجت لأنّها رأت صورة مغايرة للمؤسسات التي اعتادت عليها، دولة تنجز، لا مؤسسات دولة تشرح وتبرر لماذا فشلت.

هذا الإجماع لم يكن تفصيلا عاطفيا عابرا، بل مؤشرا بالغ الدلالة على أن الأردنيين لا يعانون من نقص في الوطنية، بل من فقر في الإنجازات التي تمنحهم سببًا معقولًا للالتفاف حول مؤسساتهم.

لقد شكّل المنتخب حالة نادرة في بلد اعتاد الانقسام حول كل شيء يطرح تقريبًا، فتراجعت الاستقطابات المناطقية والاجتماعية، وتقدّمت الهوية الوطنية الأردنية، بوصفها هوية عظيمة، لا شعارًا للاستهلاك الموسمي.

سياسيًا، أعاد هذا الإنجاز طرح فكرة الدولة القادرة في مواجهة خطاب العجز السائد. فالمجتمع الذي يرى أبناءه ينجحون على منصة عربية كبرى، يبدأ تلقائيًا بإعادة تقييم سردية الفشل، ويتساءل بوضوح، إذا كان النجاح ممكنًا في كرة القدم، فلماذا يستحيل في الاقتصاد؟

وإذا كانت مؤسسة محدودة الموارد قادرة على التنظيم والانضباط، فلماذا تُدار ملفات التعليم والمياه والطاقة والاستثمار بعقل التجريب والارتجال؟

هذا الالتفاف الشعبي يقوده الهاشميون يحمل رسالة لا تحتمل التأويل، الناس لم تفقد وطنيتها يومًا، لكنها فقدت ثقتها بقدرة بعض المؤسسات على تحويل الوعود إلى نتائج. وحين يظهر إنجاز صادق، يتوحّد الأردنيون فورًا، ما يعني أن الأزمة ليست في المجتمع، بل في نمط الإدارة.

اللافت في تجربة المنتخب أن الإنجاز لم يكن نتاج عمل فردي، بل نتيجة عمل مؤسسي تراكمي، إدارة واضحة، وجهاز فني منضبط، وتخطيط، وتوزيع أدوار، ومحاسبة أداء. وهذا هو الدرس الجوهري الذي يجب أن يُقرأ خارج إطار الرياضة، لأن الدول لا تنهض بالصدفة، كما أن الفرق لا تفوز بالحظ.

وهنا تبرز ملاحظة لا تقل أهمية عن البعد السياسي، كنا نتمنى أن تقوم كليات التربية الرياضية في الجامعات الأردنية بإيفاد عدداً من طلبتها وأساتذتها.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الغد الأردنية

منذ 10 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 11 ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعة
خبرني منذ 9 ساعات
خبرني منذ ساعة
وكالة عمون الإخبارية منذ 14 ساعة
خبرني منذ 6 ساعات
قناة رؤيا منذ ساعة
وكالة أنباء سرايا الإخباريه منذ 11 ساعة
خبرني منذ 18 ساعة
خبرني منذ ساعة