الكراهية تستفحل.. والمواجهة ضرورة

«خطاب الكراهية ينتشر كالنار فى الهشيم فى عالمنا اليوم»، بهذه العبارة المفعمة بالدلالات، لخّص الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، واحدة من أخطر أزمات المجال العام العالمى المعاصر، وهى أزمة لا تخص دولة بعينها، ولا ثقافة دون أخرى، بل تمتد عبر القارات واللغات والأنظمة السياسية، وتتغذى على الخوف وعدم اليقين والاستقطاب وسوء استخدام أدوات الاتصال الحديثة. فالكراهية اليوم لم تعد استثناءً طارئًا أو خطابًا هامشيًا، بل صارت، فى كثير من السياقات، لغة مألوفة، ووسيلة للتعبير عن الغضب، وأداة للصراع الرمزى، بل وأحيانًا مدخلًا لتبرير الإقصاء والعنف.

وفى مصر، كما فى غيرها من المجتمعات، لا يمكن النظر إلى استفحال خطاب الكراهية باعتباره انعكاسًا لخلل أخلاقى فردى، أو تجسيدًا لانفلات لغوى عابر، بل هو نتيجة تفاعل معقّد بين بُنى اجتماعية وثقافية وإعلامية، تَسمح بانتشاره، وتُطَبِّعه، وأحيانًا تكافئه.

غير أن الإشكال الأعمق لا يبدأ من انتشار خطاب الكراهية ذاته، بل من الغموض الذى يحيط بمفهومه. فالكثير مما يُمارَس يوميًا فى المجال العام لا يُدرَك على أنه خطاب كراهية، بل يُقدم بوصفه رأيًا شخصيًا، أو سخرية بريئة، أو حماسة رياضية، أو دفاعًا عن القيم، أو إخلاصًا للوطن، أو حتى نقدًا مشروعًا. هذا الالتباس المفاهيمى يجعل الكراهية غير مرئية أحيانًا، ويحول دون تسميتها باسمها الحقيقى، ويعقّد أى محاولة جادة لمواجهتها.

يتجلى هذا الخلل فى صور متعددة من الخطاب العدائى، دينيًا حين يُجرَّد المُختلف دينيًا من إنسانيته ويُختزل فى صورة تهديد أو كُفر أو ضلال، وطبقيًا حين تتحول الفوارق الاقتصادية إلى إدانة أخلاقية للفقراء أو شيطنة للأغنياء، وجغرافيًا حين تُصاغ الانتماءات المكانية فى قوالب دونية، وقوميًا حين يُختزل الآخر الخارجى فى صور نمطية مُهينة، ورياضيًا حين يُبرَّر التحريض والسباب باسم الانتماء أو حتى التعصب، وجندريًا حين يُعاد إنتاج صراع وهمى بين الرجال والنساء، وإنسانيًا حين يُصوَّر اللاجئون باعتبارهم عبئًا أو خطرًا لا ضحايا ظرف قاهر. هذه الأشكال لا تعيش منعزلة عن بعضها، بل تتغذى على منطق واحد قوامه الإقصاء والتعميم ونزع الفرد من تعقيده الإنسانى. وللأسف الشديد، فإنها تجد رواجًا واحتفاءً، خصوصًا فى ظل ديناميات الوسط الاتصالى الراهن، التى تعزز التفاعل، وتمنح المزايا المادية لأصحاب العبارات الحادة والمواقف الصادمة والكلمات الجارحة.

وإلى جانب غموض المفهوم، تبرز مشكلة ثانية أكثر حساسية، هى ضعف الإرادة المجتمعية والمؤسسية لمجابهة خطاب الكراهية. ففى كثير من الأحيان يُنظر إلى هذه الظاهرة باعتبارها ثمنًا جانبيًا لا بد من تحمله مقابل حرية التعبير، أو.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة المصري اليوم

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة المصري اليوم

منذ ساعة
منذ ساعة
منذ 36 دقيقة
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعتين
بوابة الأهرام منذ 4 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 5 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 17 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 5 ساعات
موقع صدى البلد منذ 5 ساعات
مصراوي منذ 14 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 23 ساعة
مصراوي منذ 11 ساعة