لم يعد الذكاء الاصطناعي ترفاً معرفياً أو أداة تقنية هامشية، بل تحوّل إلى عنصر فاعل يعيد تشكيل أدوار المعلّم، ويطرح أسئلة عميقة حول المحتوى، والمنهج، والمهارة، والهوية. وفي ظل هذا التحول المتسارع، بات المشتغلون في اللغة العربية أمام لحظة فارقة تتطلب إعادة التفكير في أدوات التعليم، وطرائق التدريس، وكيفية مخاطبة أجيال نشأت في قلب الثورة الرقمية.
وفي هذا السياق، جاء مؤتمر الذكاء الاصطناعي واللغة العربية، الذي أُقيم ضمن فعاليات مهرجان أيام العربية، واختتم مؤخراً في منارة السعديات بأبوظبي، ليقدّم مقاربات علمية وتربوية جديدة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء والممارسين، ونظمته جامعة نيويورك أبوظبي بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية.
وقد شكّل المؤتمر منصة حوار معمّق حول مستقبل اللغة العربية في عصر النماذج اللغوية الضخمة، مسلطاً الضوء على التجارب التطبيقية، والتحديات التربوية، والفرص التاريخية التي يتيحها الذكاء الاصطناعي للمشتغلين في مجال اللغة العربية، من أساتذة وباحثين ومعلمين.
في البداية أكد الدكتور عطية يوسف، أستاذ بجامعة إنديانا في الولايات المتحدة الأمريكية، ومدير التدريس الخاص لبرنامج الفلاجشيب لتدريس اللغة العربية، ومدير المناهج والتقويم بمدرسة ميدلبري العربية الصيفية، أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة علمية غير مسبوقة، لا تقل أهمية عن ثورة الإنترنت، بل قد تتجاوزها تأثيراً وانتشاراً.
وقال: «الذكاء الاصطناعي للإنتاج الإبداعي والوظيفي والتعلم القائم على المدخلات. الذكاء الاصطناعي وما نحن بصدد الحديث عنه الآن هو ثورة علمية لا تقل أهمية عن ثورة الإنترنت، بل لعلها أقوى وأعظم من أي ثورة سابقة».
وأشار إلى أن وصول تطبيق ChatGPT إلى مئة مليون مستخدم خلال شهر واحد فقط، في الفترة ما بين 30 نوفمبر ونهاية ديسمبر 2022، يُعد سابقة تاريخية لم يشهدها أي منتج تقني سابق، ما يعكس حجم التحول المتسارع الذي يفرض على الأنظمة التعليمية مراجعة شاملة لأدواتها ومناهجها.
نماذج لغوية
وأوضح الدكتور عطية أن الجديد في المشهد الراهن لا يكمن في مصطلح الذكاء الاصطناعي ذاته، الذي يعود إلى عام 1956 عندما صاغه جون مكارثي، بل في بروز النماذج اللغوية الضخمة (LLMs) مثل ChatGPT وGemini وClaude وCopilot وDeepSeek.
وقال في هذا السياق: «طبعاً مصطلح الذكاء الاصطناعي قديم، لكن الجديد والمبتكر الآن هو النماذج اللغوية الضخمة، والآن تطمح الشركات للوصول إلى الذكاء الفائق أو الذكاء العام الذي يستطيع أن يفكر ويتخذ قرارات مستقلة».
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي لم يعد يعتمد فقط على الترجمة من المحتوى الإنجليزي، بل أصبح يعتمد بشكل متزايد على المحتوى العربي الذي تدرّب عليه، ما يفتح آفاقاً جديدة لتعزيز الإبداع وتقديم صفوف دراسية غير تقليدية.
دور المعلم
وشدد الدكتور عطية يوسف على أن التحدي الحقيقي لا يكمن في امتلاك الأدوات، بل في توظيفها تربوياً، مؤكداً ضرورة استخدام الذكاء الاصطناعي بيداغوجياً وليس إبداعياً فقط. وقال: «الأستاذ الذي يستخدم هذه الأدوات بذكاء يصبح كأنه يدير فريق عمل من المتخصصين».
وطرح في هذا السياق استراتيجية 10-80-10، موضحاً أن 10% من الجهد يبذله المعلم في اختيار الأداة المناسبة وكتابة الأمر (Prompt) بدقة، و80% تنجزه النماذج الذكية، فيما يعود.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية





