جوفاني بوكاتشيو.. صانع ملامح النهضة الأوروبية

يعد جوفاني بوكاتشيو واحدًا من العقول التي أسهمت في تغيير وجه الثقافة الأوروبية في لحظة تاريخية فارقة، عاش الكاتب الإيطالي وسط أجواء مضطربة، كان الطاعون قد اجتاح المدن، فهرب هو وعدد من الفلورنسيين بحثًا عن النجاة، لكن تلك المحنة تحولت لاحقًا إلى دافع للإبداع والمعرفة، وأسهمت في تشكيل مشروعه الأدبي والفكري الذي تجاوز حدود زمانه.

تعلم بوكاتشيو خلال تلك الفترة، على يد بيلاتس ما مكنه من قراءة الآداب اليونانية القديمة، وإن اعترف بنفسه أن قراءته كانت محدودة وضعيفة، إلا أن ما اطلع عليه ترك فيه أثرًا بالغًا.

رأى في النصوص اليونانية جمالًا لا يوصف، فكرس معظم جهده لاحقا لتعريف أوروبا اللاتينية بهذا التراث، سواء من خلال التاريخ أو الأساطير أو السير.

أصدر بوكاتشيو أعمالًا موسوعية الطابع، من بينها كتب تناولت سير الرجال المشهورين، وقصص النساء البارزات، فضلًا عن مؤلفات رتب فيها أسماء الجبال والأنهار والبحيرات الواردة في الأدب القديم ترتيبًا أبجديًا.

كما وضع كتابًا عن الأنساب والأساطير، وظهر في كتاباته انغماس كامل في عالم الميثولوجيا، حتى بدا وكأنه يتعامل مع شخصياته بوصفها واقعًا حيًا.

ورغم أن هذه الكتب تُعد اليوم ثقيلة الأسلوب وضعيفة اللغة، فإنها كانت في عصرها مراجع أساسية لطلاب المعرفة، وأسهمت بقوة في تمهيد الطريق أمام حركة النهضة الأوروبية.

ومع تقدمه في العمر، تحول بوكاتشيو من نزق الشباب إلى وقار الشيخوخة، وعمل في مهام دبلوماسية لصالح البندقية، قبل أن تتدهور صحته ويعيش سنواته الأخيرة في ضيق مادي واضح.

في عام 1373، أُنشئ له كرسي لدراسة أعمال دانتي، لكنه لم يستطع إكمال محاضراته بسبب المرض، حتى رحل بوكاتشيو عام 1375 عن عمر 61 عامًا، بعد حياة حافلة بالتحولات، تاركًا وراءه بذورًا فكرية وأدبية ظلت تنمو حتى أثمرت واحدة من أهم مراحل التاريخ الثقافي الأوروبي.


هذا المحتوى مقدم من بوابة دار الهلال

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بوابة دار الهلال

منذ 4 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 7 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 8 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 11 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 9 ساعات
موقع صدى البلد منذ 12 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 9 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 22 ساعة
بوابة الأهرام منذ 11 ساعة