كانت ليز لامبرت، وهي ابنة من الجيل السابع لعائلة تنشط في قطاع تربية الماشية ونشأت في غرب تكساس، تروي لي حكايات ممتعة عن ولاية النجم الأوحد التي اكتسبت لقبها من النجم الذي يزيّن رايتها.
قالت لي في صبيحة الأربعاء تلك: "لا يبدو الغرب الأميركي أسطورياً في نظري... فلطالما كان موطني". كنا نجلس في مقهى في كلاركسفيل، أحد أحياء مدينة أوستن، على بعد بضعة كيلومترات فقط من حانات شارع سيكسث ستريت التي ذاع صيتها لاستقطابها جمهوراً من محبي السهر والصخب.
LIVE An error occurred. Please try again later
Tap to unmute Learn more اكتسبت لامبرت شهرة واسعة في مطلع القرن بفضل فنادقها البوتيكية في تكساس، ولا سيما فندق سانت سيسيليا في أوستن. بالتعاون مع شركائها في شركة إم إم إل هوسبيتاليتي (MML Hospitality)، تعمل حالياً على تطوير مطاعم ومساكن ومتاجر جديدة في أنحاء أخرى من المدينة، بما في ذلك مشروع "سيكسث آند بلانكو" الذي يمتد على مساحة فدانين ونصف، ومقرر افتتاحه عام 2027.
لكننا نتحدث هنا عن شيء أعمق من مجرد الأعمال التجارية: تكساس كفكرة. مع 32 مليون نسمة وتاريخ متشابك مع نشأة الولايات المتحدة، يصعب حصر هذه الولاية في وصف واحد.
إذا كانت هذه الولاية تستحضر في الأذهان رياضة الروديو وشراب الشعير البارد، فإنها تقدم أيضاً بطولة بي جي إيه للغولف واستكشاف الفضاء وحوافز بقيمة 1.5 مليار دولار لصناعة الأفلام في هوليوود.
تحتفل الولايات المتحدة بالذكرى 250 لتأسيسها عام 2026. وستشمل مشاركات تكساس على الساحة العالمية استضافة دالاس وهيوستن لكأس العالم لكرة القدم، وسباق فورمولا ون المحبوب في أوستن، وافتتاح بورصة تكساس المسماة أيضاً يو-أول ستريت .
معقل للديمقراطيين يتحول إلى الجمهوريين كما تبقى الولاية محوراً رئيسياً في السياسة الوطنية مع استعداد الولايات المتحدة لانتخابات التجديد النصفي. أصبحت تكساس رمزاً لسياسات الحزب الجمهوري بشأن الأسلحة والهجرة.
مع ذلك، حصدت كامالا هاريس في تكساس أصواتاً أكثر في الانتخابات الرئاسية لعام 2024 مما حصدته في ولايتي إلينوي وكولورادو، وهما ولايتان ديمقراطيتان تقليدياً. سواءً كان ذلك للأفضل أو للأسوأ، ستكون هذه الولاية هذا العام بمثابة المنظار الذي يرى من خلاله الكثيرون تعقيدات الاتحاد الأميركي.
هذا أمر منطقي، لأن الصورة النمطية عن ثقافة تكساس غالباً ما تكون هي ما يتصوره الأجانب عندما يتخيلون أميركا: رعاة بقر ورأس مال استثماري، أثاث فرنسي باهظ الثمن وشاحنات بيك آب ضخمة، شواء وساندويتش بان مي. إذا كانت كاليفورنيا هي مستقبل أميركا، كما يُقال، فإن تكساس مرآة حالها الآن.
قررت أن أقود سيارتي عبر تكساس لمدة ثمانية أيام في أكتوبر. رغم أنني درست في جامعة واكو، إلا أن ضخامة هذه الولاية يجعل المرء ينسى تفاصيلها.
لقد ازداد تنوع الأفكار والمعتقدات عمقاً من نواحٍ عديدة منذ أن غادرتها قبل عشرين عاماً، بينما انحصر في نواحٍ أخرى. هيمن الديمقراطيون على السياسة في تكساس لما يقارب 120 عاماً بعد إعادة الإعمار، لكن الولاية تحولت إلى معقل جمهوري في عام 1994 عندما خسرت آن ريتشاردز محاولتها لإعادة انتخابها حاكمةً أمام جورج دبليو بوش.
منذ ذلك الحين، أصبحت واكو معقلاً للمحافظين، تجذب الصناعات بفضل عدم فرضها ضريبة دخل على مستوى الولاية، بينما تسنّ بعضاً من أشد قوانين الإجهاض صرامةً في البلاد.
لكن الفقاعات المحيطة بمؤسسات مثل جامعة رايس لطالما كانت ملاذاً لليساريين، ودالاس ليست المدينة الوحيدة التي بها متسع لأصحاب الاختيارات المختلفة.
رغم أن جامعة تكساس إيه آند إم تقيّد النقاشات حول النوع الاجتماعي والعرقي، ويسعى الحاكم الحالي غريغ أبوت إلى إعادة رسم مزيد من الدوائر الانتخابية الجمهورية، إلا أنني لم أمضِ في أوستن سوى خمس دقائق حتى بدأت أرى لافتات "أمهات ضد تيد كروز" على الأسوار.
اختلافات مدنها من صلب تكوينها مارفا، وميدلاند، وماكالين مدنٌ متباينة الصفات، تماماً كما يختلف الغاز والفحم والحطب، لكنها جميعاً تمثّل تكساس خير تمثيل. مهما ظننت أنك تعرف عن هذه الولاية، أضف إلى ذلك قروناً من تاريخ سكانها الأصليين من أصول مكسيكية ومن القبائل، وأبطالها الرياضيين وشخصياتها الاجتماعية البارزة، ومليارديراتها وعباقرتها. إنها مسقط رأس ماثيو ماكونهي ومايكل ديل وبيونسيه وسيلينا كوينتانيلا وسيلينا غوميز وهو يزداد ازدهاراً يوماً بعد يوم.
في الأشهر الاثني عشر القادمة، سنشهد افتتاح متحف "جونتينث" الوطني، وتجديداً بتكلفة 19 مليون دولار لمتحف وقاعة مشاهير راعيات البقر الوطني، وكلاهما في فورت وورث.
بالقرب من أوستن، ستقترب مساكن "فور سيزونز" الخاصة من الاكتمال، وسيتم افتتاح منتجع "كانيون رانش" الصحي الممتد على مساحة 600 فدان، وهو متخصص في صحة المرأة.
تتوافد شركات غولدمان ساكس وغيرها من كبرى المؤسسات المالية بأعداد كبيرة إلى دالاس، وتتحول الولاية إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي، حيث تجذب أراضيها الشاسعة ومخزونها الهائل من الكهرباء مراكز بيانات بمليارات الدولارات لشركات مثل أوبن إيه آي و أوراكل و ميتا بلاتفورمز وغيرها.
يأتي أصحاب المطاعم البارزون من سان فرانسيسكو (دومينيك كرين) ونيويورك (أبريل بلومفيلد) لتلبية احتياجات شريحة متنامية من الأثرياء، مثل تايلور شيريدان، مبتكرة مسلسل (Yellowstone)، وعمالقة التقنية إيلون ماسك وجيف بيزوس، الذين انجذبوا إلى الولاية بفضل نظامها الضريبي السخيّ.
مع كل هذه التطورات في عام 2026 فإن رحلةً عبر براري تكساس وفخامتها تقدم تجربة أكثر إثارة من كثير من الرحلات البرية الأميركية الشهيرة. بالنسبة للمسافرين الجريئين، قد يبدو استكشاف ثاني أكبر ولاية في الولايات المتحدة وكأنه دخول عالم آخر.
ولاية شعارها الصداقة كل شيء هنا أكبر، وخاصة التناقضات. لكن لا تدع ذلك يثنيك. إن فهم عقلية أهل تكساس يساعد على فهم لحظة يجد فيها الناس أميركا أكثر إثارة للغضب من أي وقت مضى.
في النهاية، فهذه الولاية غازلت فكرة الانفصال انطلاقاً من موقف لا مبالٍ يجذب البعض وينفر آخرين. هذه النزعة الاستقلالية القوية هي جزء من العمود الفقري الذي شكّل بلدنا- على الأقل هذا ما أقوله لنفسي وأنا أصعد إلى سيارة فورد إكسبيديشن كينج رانش التي استعرتها، وأغادر مطار جورج بوش الدولي في هيوستن.
"الصداقة" هو شعار الولاية، لكن تكساس تأتي أيضاً مع تحذير: لا تعبث معي. يكمن سر اكتشاف خباياها في تقسيمها إلى أجزاء صغيرة. لذا، أخطط لسلسلة من الرحلات بالسيارة لمسافة تقل قليلاً عن 500 كيلومتر. لن أزور كل زاوية، فذلك يتطلب أكثر من ثمانية أيام، لكنني سأحصل على جرعة مكثفة.
13 ألف مطعم مطابخها من 70 دولة أبدأ رحلتي من هيوستن، وأقيم في فندق سانت أوغستين الأنيق، خاصةً لموقعه المقابل لمجموعة مينيل الفنية الاستثنائية التي تضم أعمالاً سريالية وفنون السكان الأصليين، وللصمت المقدس الذي يلفّ الكنيسة ذات الطراز الوحشي التي تضم 14 لوحة ضخمة للفنان مارك روثكو. كلاهما مجاني ويستحقان يوماً من التأمل.
لاحقاً، أتناول العشاء في مطعم بيرسيد ، وهو مطعم جديد أنيق متخصص في المأكولات الفرنسية، مع لمسة ساحل الخليج، مثل سمك النهاش الأحمر مع صلصة غريمولاتا الصنوبر، وحلزون الإسكارغو في عجينة هشة وزبدية. كانت هذه الوجبة الأبرز في رحلتي.
مع أكثر من 13 ألف مطعم تقدم أطباقاً من 70 دولة، تتميز هيوستن بتنوعها الثقافي الغني الذي يجعلها واحدة من أكثر المدن الأميركية جاذبيةً لعشاق الطعام. (في عام 2004، شكلت الأقليات مجتمعةً أكثر من نصف سكان الولاية. وتُعدّ تكساس موطناً لثاني أكبر جالية من السكان الأصليين واللاتينيين في الولايات المتحدة بعد كاليفورنيا).
من هناك، اتجهت غرباً لمسافة 160 كيلومتراً إلى راوند توب، تلك البلدة ذات البيئة الجافة التي تكتظ فيها سوق السلع المستعملة مرتين سنوياً، حيث يعرض الباعة أيقونات دينية من القرن التاسع عشر، وبنادق خشبية، وأعلاماً باهتة، بالإضافة إلى طاولات مصنوعة يدوياً ضخمة تكفي لإطعام ديفي كروكيت ورجاله.
يمكنك شراء.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg
