في ظل تصاعد الضغوط المالية واتساع فجوة العجز في الموازنة العامة، تتزايد المخاوف من لجوء الحكومة إلى خيارات استثنائية لتأمين السيولة، من بينها المساس بالاحتياطيات السيادية التي تمثل صمام أمان للاقتصاد الوطني.
وأعلن مرصد إيكو عراق الاقتصادي، أن احتياطي العراق من الذهب بلغت قيمته نحو 23 ملياراً و64 مليون دولار، محذرا من التصرف به لحل ازمة العجز المالي الذي يشهده البلد.
وقال المرصد في بيان، إن العراق اشترى خلال عام 2025 نحو 8.2 طن من الذهب، ما رفع إجمالي احتياطيه إلى 170.9 طن ، مبينا أن هذه الزيادة توزعت بواقع طن واحد في شهر آذار/ مارس، و1.6 طن في حزيران/ يونيو، و3.1 أطنان في تموز/ يوليو، و2.5 طن في آب/ أغسطس .
وأوضح أن إجمالي احتياطي العراق البالغ 170.9 طن يعادل حالياً 23 ملياراً و64 مليون دولار، وهو أعلى مستوى تصل إليه قيمة الاحتياطي الذهبي في تاريخ العراق .
سوابق من الأزمات
وبين تحذيرات الخبراء من تداعيات استخدام احتياطي الذهب، وسوابق سحب أموال من الأمانات الضريبية وصناديق الحماية الاجتماعية لتمويل الرواتب، يطفو على السطح سؤال جوهري حول كلفة الحلول المؤقتة، وما إذا كانت ستقود إلى أزمات نقدية أعمق في المستقبل.
ويرى مختصون أن لجوء الحكومة إلى موارد سيادية أو صناديق مخصصة خارج الموازنة يعكس عمق الأزمة المالية وضيق الخيارات المتاحة، لكنه في الوقت ذاته ينذر بمخاطر بعيدة المدى على الاستقرار النقدي والمالي.
كما أن استمرار الاعتماد على الحلول الطارئة، بدلاً من المعالجات الهيكلية، قد يضعف ثقة الأسواق ويقوض استقلالية السياسة النقدية، ما يستدعي تسريع الإصلاحات المالية وتنويع مصادر الإيرادات لتجنب المساس باحتياطيات تمثل خط الدفاع الأخير للاقتصاد العراقي.
خبراء يحذرون
بدوره حذّر الخبير الاقتصادي عبد السلام حسن من أن لجوء الحكومة إلى السحب من احتياطي الذهب لسد عجز الموازنة يمثل خياراً بالغ الخطورة على الاستقرار المالي والنقدي في العراق، لما يحمله من تداعيات سلبية على الثقة بالاقتصاد وقدرة الدولة على مواجهة الأزمات.
وقال حسن لـ عراق أوبزيرفر ، أن احتياطي الذهب يُعد خط الدفاع الأخير للاقتصاد الوطني، واستخدامه لتمويل الإنفاق الحكومي يشكل إشارة سلبية للأسواق والمستثمرين، كما يضعف قدرة البنك المركزي على الحفاظ على استقرار سعر الصرف والسيطرة على التضخم، محذراً من خلط السياسة المالية بالسياسة النقدية .
وأشار إلى أن بيع أو تقليص احتياطي الذهب يفقد العراق أداة تحوط استراتيجية في مواجهة التقلبات العالمية، ولا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية الدولية وارتفاع المخاطر الجيوسياسية، مؤكداً أن هذا الإجراء قد تكون كلفته طويلة الأمد أكبر من مكاسب سد العجز الآنية .
وبيّن حسن أن الحكومة سبق أن لجأت إلى إجراءات استثنائية لتمويل الرواتب، من بينها السحب من الأمانات الضريبية وصندوق الرعاية الاجتماعية، ما يجعل التفكير بالمساس بالاحتياطي النقدي أو الذهبي أمراً غير مستبعد في حال استمرار الضغوط المالية .
ويعاني العراق من أزمة مالية متفاقمة في ظل سياسات التوسع في التوظيف الحكومي وما ترتب عليها من تضخم في فاتورة الرواتب، بالتزامن مع تقلبات وانخفاض أسعار النفط التي تمثل المصدر الرئيس للإيرادات، فضلاً عن إخفاق متواصل في تنويع مصادر الدخل، ما يفاقم الضغوط على الموازنة ويدفع باتجاه البحث عن حلول استثنائية لسد العجز المالي.
هذا المحتوى مقدم من عراق أوبزيرڤر
