تتطلع كبرى الشركات الصناعية في أوروبا إلى عام قوي في 2026، مدفوعة باستمرار التوسع في بناء مراكز البيانات، وتسارع الطلب على الكهرباء والتحول الكهربائي، وتعافي نشاط التصنيع.
وتتجه التوقعات إلى مستويات مرتفعة على وجه الخصوص لدى الشركات المنكشفة على بنية الذكاء الاصطناعي التحتية بحسب «بلومبيرغ»، وفي مقدمتها «شنايدر إلكتريك» الفرنسية، و«سيمنس إنرجي» الألمانية، و«برايسميان» الإيطالية.
ومن المرتقب أن يشكّل التحفيز المالي في ألمانيا، إلى جانب استمرار موجة إعادة التسلّح في أوروبا، عاملين محفّزين رئيسيين خلال 2026. كما يُنتظر أن تشهد الشركات الصناعية قصيرة الدورة تعافياً عبر أسواقها النهائية مع استئناف دورات الاستثمار.
المفوضية الأوروبية تتوقع نمو منطقة اليورو بأسرع من المتوقع في 2025
وبعد عام طغت عليه ضبابية الرسوم الجمركية، تتوقع عمالقة الصناعة الأوروبية 2026 متماسكاً، مع استمرار بناء مراكز البيانات، وتسارع الطلب على الكهرباء، وعودة نشاط التصنيع إلى التحسن.
ووفق بيانات «بلومبرغ إنتليجنس»، يُتوقع أن يحقق مؤشر الصناعات في «ستوكس أوروبا 600» نمواً في ربحية السهم يقارب 13% العام المقبل، مقارنة بنمو بنحو 6.6% في 2025.
تفاؤل قوي
تتركز الآمال بشكل خاص على الشركات المرتبطة ببنية الذكاء الاصطناعي التحتية، مثل «شنايدر إلكتريك»، و«سيمنس إنرجي»، و«برايسميان».
وقال محللا «بلومبرغ إنتليجنس» أوميد فازيري وبولين إيشباخ إن «معدات الطاقة والطبقات الرقمية لدى هذه الشركات تتيح للمستثمرين الاستفادة من نمو الذكاء الاصطناعي من دون الارتباط بشركة تقنية أو نموذج أو منصة بعينها»، ما يمنحها «أوضح رؤية للأرباح» داخل القطاع.
وقد لاقت الخطوط العريضة لاستراتيجية «شنايدر إلكتريك» حتى عام 2030 ترحيباً من السوق، في إشارة إيجابية لعام 2026. ويرى محلل «سيتي غروب» مارتن ويلكي أن توقعات السوق لنمو المبيعات العضوية بنحو 8% العام المقبل «منخفضة أكثر من اللازم»، مرجحاً نمواً يقارب 10%.
كما تبدو «سيمنس إنرجي» في وضع قوي بفضل سجل طلبات متين، إذ يشير فازيري وبهاوين ثاكير إلى أن نحو 85% من مبيعات الشركة المتوقعة في 2026 مغطاة بالفعل بطلبات قائمة.
وقال محلل «دويتشه بنك» غايل دو-براي: «إنه سباق على الكهرباء بقدر ما هو سباق على الذكاء الاصطناعي، ما يدفع دورة استثمار تمتد لعدة سنوات»، مضيفاً أن «شنايدر إلكتريك» و«سيمنس إنرجي» ستكونان من أبرز المستفيدين.
«المركزي الأوروبي» قد يرفع توقعاته للنمو الاقتصادي مجدداً
تحفيز ألماني وإعادة تسليح
يمثل التحفيز المالي في ألمانيا مع تخصيص 500 مليار يورو لمشروعات البنية التحتية محفزاً كبيراً آخر في 2026. كما يُتوقع أن يترجم استمرار إعادة التسلّح في أوروبا إلى مزيد من الطلبات لشركات مثل «راينميتال»، و«ليوناردو»، و«ساب».
أما الشركات غير المنكشفة على محركات هيكلية كبرى مثل شبكات الكهرباء أو الدفاع، فلا تزال تستفيد من رياح مواتية. إذ قد تشهد الشركات الصناعية قصيرة الدورة ومنها العملاقان السويديان «إس كيه إف» و«ساندفيك»، اللذان تأثرا هذا العام بتقلبات العملات والتوترات التجارية تعافياً في أسواقها النهائية مع عودة دورات الاستثمار.
وقال دو-براي: «على عكس العام الماضي، من المتوقع أن تسجل جميع الأسواق النهائية نمواً إيجابياً أو على الأقل استقراراً، بما في ذلك الإسكان والشاحنات». وأضاف أن «ساندفيك» قد تستفيد على وجه الخصوص من تنامي الطلب على معدات التعدين مع استمرار ارتفاع أسعار الذهب والنحاس.
فرص ومخاطر قائمة
في المقابل، قد يدعم تعافي محتمل في صناعة أشباه الموصلات شركات حلول التفريغ مثل «في إيه تي غروب» و«أطلس كوبكو»، بينما قد تسهم تحسّنات نشاط البناء في تعزيز أعمال «آسا أبلوي» لصناعة الأقفال ومزوّد أنظمة القياس «هيكساغون»، بحسب ثاكير وفازيري.
لكن بعض الأسواق النهائية لا تزال أضعف. فالمخاوف من تخمة محتملة في سوق النفط تضغط على الأسعار، ما قد يحدّ من ميزانيات شركات الطاقة ويؤثر في الشركات المنكشفة على القطاع. كما قد تواجه الشركات المرتبطة بصناعة السيارات ومنها «إس كيه إف»، و«أطلس كوبكو»، و«سيمنس» ضغوطاً في ظل ضعف الطلب واشتداد المنافسة بعد عام بالغ الصعوبة.
كذلك قد تشكل اضطرابات سلاسل الإمداد واستمرار ضعف الطلب السكني في الصين عبئاً على الشركات المنكشفة على أسواق البناء مثل «نيبه إندوستريه» لصناعة المضخات الحرارية، أو «كوني» للمصاعد، إضافة إلى الشركات المعتمدة على التجارة العالمية مثل مورّد مراوح السفن «فارتسيلا».
ورغم ذلك، ومع تراجع تدريجي للتوترات التجارية وتعزّز محركات النمو، تبدو الصناعات الأوروبية مقبلة على عام جيد. وختم دو-براي بالقول: «نعتقد أن الكفة بدأت تميل لصالح الشركات قصيرة الدورة، وأن ضبابية الرسوم الجمركية في 2025 ستفسح المجال لمفاجآت إيجابية محتملة في الهوامش خلال 2026».
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس
