بالنسبة لمستثمري الأسهم الساعين إلى تحقيق أداء مستقر في عام 2026، قد يكون توسيع نطاق استثماراتهم بعيدًا عن التفاؤل المفرط بشأن الذكاء الاصطناعي قرارًا جيدًا للعام الجديد، وقد تكون الفرص متاحة بوضوح. ما السبب؟ لدى المستثمرين ما يدعوهم إلى الحذر، فتقييمات الأسهم الأميركية تبدو حاليًا مبالغًا فيها، حيث يتجاوز مؤشر شيلر لنسبة السعر إلى الأرباح لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 40%، وهو مستوى قريب جدًا من المستويات التي شهدناها خلال فقاعة الإنترنت في التسعينيات. كما أصبحت الأسواق شديدة التركيز، ووفقًا لتحليل أجرته غولدمان ساكس، فإن القيمة الإجمالية لأكبر 5 شركات تكنولوجيا أميركية -وهي: إنفيديا، وأبل، وألفابت، ومايكروسوفت، وأمازون- تتجاوز الآن مؤشر ستوكس 50 الأوروبي، بالإضافة إلى أسواق الأسهم في بريطانيا والهند واليابان وكندا.
وبذلك، بدأت الشكوك تتسلل إلى الأسواق بشأن الارتفاع الذي حفزته تقنيات الذكاء الاصطناعي هذا العام، مع ارتفاع تقلبات السوق، كما يقيسها مؤشر تقلبات بورصة شيكاغو، بشكل حاد خلال الأشهر القليلة الماضية. ومع ذلك، حققت العديد من المناطق والقطاعات خارج قطاع التكنولوجيا الأمريكي عوائد ثابتة في عام 2025، ونعتقد أن الكثير منها قادر على تكرار ذلك في العام المقبل. على الصعيد الإقليمي، لم تكن الولايات المتحدة محور قصة الأسهم في عام 2025، فقد تراجع أكبر سوق في العالم إلى المركز العشرين في ترتيب أداء الأسواق العالمية منذ بداية العام، وذلك في بداية ديسمبر/كانون الأول، استنادًا إلى العوائد بالعملات المحلية، وتصدرت كوريا الجنوبية وإسبانيا قائمة الدول الرابحة. وبالتأكيد، لم يكن من الضروري البقاء في الولايات المتحدة لتحقيق عوائد تتجاوز 10%، فبحسب غولدمان ساكس، ارتفعت 84% من أسواق الأسهم العالمية بأكثر من 10% خلال الاثني عشر شهرًا الماضية، وهناك العديد من الأسباب التي قد تدفع الأسهم العالمية إلى مواصلة تفوقها في العام المقبل. قد تستفيد الأسهم الأوروبية من انتعاش النشاط الاقتصادي، فنمو القروض آخذ في الارتفاع بالفعل، كما أن مؤشر مديري المشتريات المركب في المنطقة يتجاوز 50 نقطة، ما يشير إلى توسع اقتصادي.. وقد يتعزز هذا التوسع الدوري بشكل كبير في عام 2026 بفضل التحفيز المالي الألماني وزيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي. من شأن كل هذا أن يدعم الشركات الأوروبية ذات الأداء الدوري، مثل شركات تصنيع الشاحنات ومعدات التعدين، لا سيما إذا استقر سعر صرف اليورو مقابل الدولار العام المقبل. في اليابان، قد يستمر مزيج من التضخم المعتدل والتحول المؤسسي -إذ تسعى العديد من الشركات إلى تبسيط عملياتها والتركيز على أعمالها الأساسية- في دفع عجلة الربحية وعوائد المساهمين نحو مزيد من الارتفاع في عام 2026. علاوة على ذلك، أقرّ مجلس النواب الياباني ميزانية تكميلية بقيمة 117 مليار دولار لتمويل حزمة تحفيز مالي ضخمة، ما يُفترض أن يدعم الاقتصاد بشكل عام. اليابان هي الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي نتوقع فيه ارتفاع أسعار الفائدة في عام 2026، ولكن من شأن ذلك أن يعزز أداء البنوك، ومن غير المرجح أن يُشكل عائقًا كبيرًا أمام النمو. في الأسواق الناشئة، قد تدعم الأرباح قوة الدولار، وانخفاض أسعار الفائدة العالمية، وتدفق الأموال والاستثمارات، في ظل إعادة تنظيم سلاسل التوريد العالمية للتكيف مع التوترات التجارية والخلافات الجيوسياسية. أخيرًا، يتمتع سوق المملكة المتحدة، السوق المحلي، والذي تفوق على السوق الأمريكية هذا العام دون مساعدة من أي شركات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، بإمكانية تحقيق عوائد ثابتة ومستقرة، لا سيما مع انخفاض تقييماته حاليًا إلى أدنى مستوياتها في العالم المتقدم. ويكمن التحدي أمام المستثمرين في تحديد الشركات البريطانية المتميزة القادرة على تجاوز النظرة السلبية التي لا تزال تُخيّم على البلاد، وينطبق الأمر نفسه على القطاعات الأخرى. لم يقتصر الأمر على قطاع التكنولوجيا الأميركي فقط.
تفوقت البنوك الأوروبية على «السبعة الكبار» بنسبة 40%، بالعملة المحلية، خلال السنوات الخمس الماضية. ومع ذلك، لا مجال للحديث عن فقاعة هنا. لا تزال التقييمات أقل من المتوسطات طويلة الأجل، ويُظهر تحليلنا أن البنوك الأوروبية كمجموعة ستُعيد حوالي 24% من قيمتها السوقية إلى المساهمين خلال السنوات الثلاث المقبلة عبر توزيعات الأرباح وعمليات إعادة شراء الأسهم. أما أسهم قطاع الرعاية الصحية فقد حققت نجاحا أقل مؤخرا، متخلفةً عن أداء السوق خلال السنوات القليلة الماضية. ومع ذلك، فقد أظهر هذا القطاع الدفاعي تقليديًا -حيث يكون الطلب مستقلاً إلى حد كبير عن الدورات الاقتصادية- نموًا قويًا ومستمرًا في الأرباح، حتى في أوقات اضطراب السوق.
تُتداول أسهم الرعاية الصحية حاليًا بخصم 28% مقارنةً بالأسهم العالمية، وهو مستوى لم يُشهد إلا مرتين فقط خلال الثلاثين عامًا الماضية، وفقا لتحليلنا، وفي كلتا الحالتين حقق القطاع عائدًا يزيد على 20% خلال الاثني عشر شهرًا التالية. يوضح هذا الرسم البياني نسبة نمو الأرباح لقطاعات مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة العالمي. وقد شهد قطاع الرعاية الصحية نموًا مستمرًا في الأرباح مقارنةً بالقطاعات الأخرى. حتى ضمن مجال الذكاء الاصطناعي، توجد طرق للاستفادة منه دون دفع أسعار باهظة. وقد أبرز الطلب المتزايد على الطاقة في مجال الذكاء الاصطناعي الحاجة إلى الاستثمار في الطاقة النظيفة والبنية التحتية للشبكات، بما في ذلك شركات المرافق التي تُشغل مراكز البيانات. (رويترز)
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
