الديمقراطية المستوردة.. وقبائل العرب | د. خالد محمد باطرفي #مقال

كما تحتاجُ أيُّ وصفةٍ ناجحةٍ إلى مكوِّناتها الأساسيَّة بدقَّة، تحتاجُ النُّظم السياسيَّة إلى شروطها الموضوعيَّة؛ كي تنجح. فغيابُ عنصر واحد كفيلٌ بإفساد الطَّبق كله. والديمقراطيَّة بصيغتها الغربيَّة المعاصرة ليست امتدادًا خالصًا للديمقراطيَّة الأثينيَّة الأُولى، بل هي منتجٌ تاريخيٌّ مختلفٌ، نشأ في سياق اجتماعيٍّ وثقافيٍّ واقتصاديٍّ خاصٍّ، ثم أُعيد تصديره إلى العالم بوصفه النموذج الوحيد الصَّالح للجميع.

الديمقراطيَّة القديمة، سواء في أثينا، أو في روما الجمهوريَّة، كانت محصورةً في دائرة ضيِّقة من «أهل الحل والعقد»، من الحكماء ووجهاء المجتمع وقادته. أمَّا الديمقراطيَّة الحديثة، فقد فتحت باب التَّصويت العام على مصراعيه، دون تمييز بين المتعلِّم والجاهل، الواعي والمغيَّب، الصَّالح والطَّالح. ومع الوقت، لم تعد صناديق الاقتراع تعبيرًا نقيًّا عن الإرادة الشعبيَّة، بل تحوَّلت إلى ساحة تتصارع فيها الإعلامُ، والمالُ، والأيديولوجيا، وتديرها أحزابٌ ظاهرةٌ، ودولٌ عميقةٌ تعمل من خلف الستار.

كبرت اللُّعبة الديمقراطيَّة وتعقَّدت، وتحوَّلت من وسيلة حكم، إلى صناعةٍ قائمةٍ بذاتها، تصنع القادة، وتوجِّه القرارات غالبًا بما يخدم مصالح أقليَّة ضيِّقة من أصحاب النفوذ الماليِّ والسياسيِّ، على حساب الأغلبيَّة. وتشابكت مصالح الشركات الكُبْرى مع مؤسسات الدَّولة التنفيذيَّة والعسكريَّة والأمنيَّة، فأصبحت القوانين تُصاغ لحماية النُّخب، لا لتحقيق العدالة الاجتماعيَّة، أو التنمية المتوازنة.

هذا التحوُّل لم يكن سلميًّا أو سريعًا. فقد احتاج الغرب قرونًا من الصراعات الدينيَّة، والحروب الأهليَّة، والثورات الاجتماعيَّة، منذ الإصلاح الدينيِّ في القرن السادس عشر، مرورًا بانهيار التحالف بين العرش والكنيسة، وصولًا إلى نشوء الدولة القوميَّة العلمانيَّة. وسقط النظام الإقطاعيُّ، وتفكَّكت البنى التقليديَّة، وانتقل المجتمعُ من الجماعة إلى الفرد.

ثم جاءت الثورة الصناعيَّة، فالثورات الأيديولوجيَّة الكُبْرى في القرن العشرين، من شيوعيَّة ونازيَّة، أعقبتها الحروب العالميَّة، ثمَّ العولمة الاقتصاديَّة، والثورة التقنية. ومع كل مرحلة، كانت الروابط الاجتماعيَّة تتآكل، وتتحوَّل المجتمعات إلى وحدات أصغر، حتى انتهت في.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة المدينة

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة المدينة

منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ 4 ساعات
منذ 46 دقيقة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 17 ساعة
صحيفة عكاظ منذ ساعتين
صحيفة سبق منذ 11 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 15 ساعة
صحيفة عكاظ منذ 7 ساعات
صحيفة الوطن السعودية منذ 15 ساعة
صحيفة عكاظ منذ 4 ساعات
صحيفة عاجل منذ 3 ساعات