تضخم عدد الكُتّاب.. هل نعيش «فقاعة تأليف»؟ #صحيفة_الخليج

يلاحظ المتابع للمشهد الثقافي العربي والعالمي، ظاهرة ثقافية لافتة وهي تضاعف أعداد الكُتّاب والروائيين والشعراء في مجالات الآدب والتنمية الذاتية والفكر، فيما نشهد في المقابل تقلّص قاعدة القراء وتراجع معدلات اقتناء الكتب وقراءتها بعمق، ويبدو أن هذه المفارقة تحتم علينا إثارة السؤال حول طبيعة العلاقة الجديدة بين التأليف والقراءة، وهل نحن أمام حالة صحية من اتساع دائرة التعبير، أم نحن فعلياً أمام «فقاعة تأليف» تشبه فقاعة العقارات أو العملات الرقمية، فقاعة تضخم غير مستدام في الإنتاج يقابله طلب ضعيف آخذ في الانكماش؟

ظلت الكتابة طوال تاريخها وظيفة نخبوية، تتطلب معرفة وثقافة وبراعة لغوية وشجاعة فكرية، إذ لم يكن الكاتب يظهر إلا بعد سنوات من التكوين والقراءة الواسعة، وكانت عملية النشر بحد ذاتها تتطلب المرور أولاً عبر بوابات دور النشر التقليدية، التي كانت تعمل بمثابة «فلتر» نقدي وجمالي، أما اليوم فقد أصبحت الكتابة متاحة لكل من يملك الرغبة والمال، وبهذا تحوّل النشر من فعل نخبوي إلى نشاط متاح للجميع، النشر الذي يتطلب الصبر والجهد المركّز، يبدو أنه اليوم منتج يمكن صناعته بسرعة.

بطبيعة الحال لا يمكن اعتبار هذا التحول سلبياً بالكامل، فقد حررت التكنولوجيا الفرد المثقف من هيمنة المؤسسات الثقافية التقليدية، وسمحت لأقلام جديدة بالتعبير عن تجاربها الخاصة، غير أن هذا التحرر المفرط في النشر، ولّد أيضاً إغراقاً في المحتوى، وفتح الباب لكثرة المؤلفين، الذين يكتبون قبل أن يقرؤوا بما يكفي ويتمكنوا من أدواتهم الثقافية والفكرية.

تأثيرات

التضاعف اللافت في أعداد المؤلفين، يمكن إرجاعه إلى مجموعة من العوامل التي يسرت دخول عالم التأليف والنشر، ومن أبرزها، أن النشر الرقمي ودور النشر الإلكترونية والطباعة عند الطلب ومنصات الكتابة المفتوحة- أتاحت الفرصة لكل من يمتلك فكرة أو تجربة أن يصبح كاتباً، كما ساعد التسويق الذاتي عبر شبكات التواصل الاجتماعي على إبراز الكاتب كشخصية عامة قبل صدور مؤلفاته، ما زاد من الإقبال على هذه التجربة الشعورية.

إلى جانب ذلك، أصبحت الكتابة في بعض الحالات وسيلة لاكتساب المكانة والشهرة أكثر من كونها قيمة معرفية، خاصة مع تشجيع الجوائز والمنح والفعاليات الثقافية لظاهرة التأليف، ومع غياب النقد الأدبي الراصد الفعّال فقدت الساحة الثقافية توازنها، وأصبح الكثيرون يعدون أنفسهم كتاباً بمجرد نشر كتاب، دون وجود سلطة نقدية حقيقية تفرز وتقيّم النتاج الأدبي.

من جهة أخرى، تراجع الإقبال على القراءة لأسباب متعددة تتعلق بالتحولات الاجتماعية والتكنولوجية، فقد أدى السلوك الرقمي للأفراد إلى تقليص وقت القراءة الطويل وتحويله إلى لحظات تصفُّح سريعة لا تسمح بالتعمق، وتبدلت الذائقة العامة نحو تفضيل الصورة والفيديو على النص المكتوب، كما أسهمت الأزمات الاقتصادية في جعل الكتاب منتجاً ثانوياً في قائمة رغبات الاقتناء، يضاف إلى ذلك غياب تعليم مهارات القراءة العميقة في المدارس، حيث تدرس النصوص كمادة للحفظ، لا كوسيلة لاكتشاف متعة القراءة، وهكذا اتسعت الفجوة بين الكاتب الذي ينتج أكثر والقارئ الذي يقرأ أقل.

تأثيرات هذه الظاهرة على المشهد الثقافي تبدو واضحة، حيث أصبحنا نشهد اضطراباً في معايير الجدارة، وبات من الصعوبة التمييز بين الكاتب الحقيقي وبين صاحبِ المغامرة، فقد تساوت الأسماء على رف واحد دون تصنيف نقدي منصف، ومع هذا التداخل، تراجعت القيمة الرمزية للكتاب، إذ لم تعد هناك صعوبة وجدّية يُنظر بهما لفكرة التأليف، وتحوَّل الكتاب إلى منتج يمكن تنفيذه من قِبَل أي أحد، وبذلك فقد شيئاً من هالة الهيبة القديمة، ليواكب هذا التحولَ ارتباكٌ في صناعة النشر، حيث تسعى دور النشر وراء الربح السريع، مفضلةً الأعمال التي تجلب المال على تلك التي تضيف قيمة فكرية أو فنية، فتغذي بذلك فقاعة من الإنتاج الهش، هذا الواقع انعكس بدوره على القارئ، الذي بدأ يفقد ثقته في الإصدارات الجديدة بعد أن واجه ضعفاً لغوياً وفكرياً متكرراً، فانصرف عن القراءة الجادة.

فرص جديدة

ولكن، بالرغم من هذه المظاهر.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الخليج الإماراتية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الخليج الإماراتية

منذ ساعتين
منذ 7 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ 6 ساعات
موقع 24 الإخباري منذ 4 ساعات
صحيفة الخليج الإماراتية منذ ساعة
صحيفة الخليج الإماراتية منذ 21 ساعة
صحيفة الاتحاد الإماراتية منذ ساعتين
صحيفة الخليج الإماراتية منذ 4 ساعات
موقع 24 الإخباري منذ 7 ساعات
موقع 24 الإخباري منذ 5 ساعات
الإمارات نيوز منذ 4 ساعات