حصاد 2025 - كأس العالم وخلية "الإخوان".. ماذا حمل العام للأردن؟

ودّع الأردن عام 2025 وهو يلملم أوراق عام صُنّف بأنه الأشد تعقيدًا والأكثر إثارة في آن واحد.

فما بين ملفات أمنية حساسة لامست جدار الأمان وضغوط اقتصادية ناتجة عن تقلبات الدعم الدولي، وصولا إلى إنجازات رياضية وثقافية نقلت "النشامى" إلى مصاف العالمية، رسمت المملكة الأردنية الهاشمية ملامح مرحلة جديدة تتسم بمحاولة الموازنة بين الحفاظ على الاستقرار الداخلي وبين الانفتاح الإستراتيجي على آفاق اقتصادية وسياسية غير تقليدية.

خلية الصواريخلم يكن خبر إلقاء القبض على خلية متورطة في تصنيع صواريخ ومسيرات داخل الأراضي الأردنية مجرد خبر أمني عابر، بل كان "زلزالا" في الأوساط السياسية.

ففي منتصف العام، أعلنت الأجهزة الأمنية الأردنية عن كشف ورش تصنيع متطورة تابعة لـ"جماعة الإخوان" المحظورة، ما أثار تساؤلات جوهرية حول الأهداف الحقيقية لإقدام هذه الجماعة على هذا الفعل.

وفجر هذا الملف حرب "روايات" على المنصات الرقمية ما دفع محكمة أمن الدولة إلى حظر نشر أي مستندات أو بينات أو وثائق أو محاضر وكافة الأوراق التي تخص دعاوى تتعلق بوقائع جلسات المحاكمة.

وتعليقا على ذلك، اعتبر رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات شنيكات أن الأردن نجح في إدارة معركة الأمن والرواية المرتبطة بخلية "الإخوان"، موضحا أن القضاء الأردني باعتباره سلطة مستقلة دستوريا، هو الجهة المخولة بإصدار الأحكام بعيدا عن أي تأثير سياسي.

وأضاف شنيكات في تصريحات لمنصة "المشهد" أن هذا النهج عكس رسالة واضحة للعالم بأن الأردن دولة مؤسسات يحكمها القانون، وأن التعامل مع القضايا الحساسة يتم وفق قواعد قضائية راسخة، ما يعزز استقرار البلاد ويدفع الأطراف السياسية إلى احترام قواعد اللعبة الديمقراطية.

الدبلوماسية الأردنية

وواصل الأردن تعزيز حضوره في الساحة الدولية حيث شارك بوفد رفيع المستوى في أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

ولم تكن المشاركة الأردنية هذا العام بروتوكولية بل ركزت على "الدبلوماسية الوقائية".

وقاد الأردن جلسات حوارية معمقة حول مستقبل الإقليم، محذرا من تبعات تجاهل الأزمات المزمنة مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ومؤكدا على دوره كشريك إستراتيجي في السلم العالمي مما عزز من مكانة عمان كـ"صوت للعقل" في منطقة تشتعل بالصراعات.

تجميد المساعدات الأميركية

مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، جاء الحديث هذه المرة عن تجميد المساعدات الأميركية إلى دول عدة حول العالم والتي كان من بينها الأردن.

وشكل التقرير الدولي الذي كشف عن تأثيرات سلبية لتجميد جزء من المساعدات الأميركية "صدمة" لقطاعات حيوية في الأردن، حيث إن المساعدات التي كانت تشكل رافعة أساسية لقطاعات الصحة والتعليم، واجهت عثرات أدت إلى تأخير تنفيذ مشاريع تنموية في المحافظات مما فاقم من أزمة البطالة التي لا تزال تؤرق صانع القرار.

ووضع هذا التحدي الاقتصادي الحكومة أمام اختبار وسؤال حقيقي: كيف يمكن الحفاظ على جودة الخدمات الأساسية في ظل تراجع الدعم الخارجي؟

من هنا، اعتبر شنيكات تراجع المساعدات الخارجية تمثل تحديًا حقيقيًا أمام الحكومة حيث إن الأردن منذ تأسيسه اعتمد على هذه المساعدات بسبب محدودية موارده الطبيعية، خصوصًا النفط.

وأوضح أن تقلص الدعم الخارجي يفرض على صانع القرار خيارات محدودة أبرزها البحث عن موارد طبيعية جديدة، وتطوير التعليم باعتباره المصدر الأهم لإنتاج الثروات البشرية والمعرفية، إلى جانب ترشيق الجهاز الحكومي وزيادة فعاليته.

وشدد شنيكات على ضرورة تقديم تسهيلات للاستثمارات الأجنبية لما لها من أثر مباشر في تعزيز موارد الدولة، وتوفير فرص عمل والحد من نسب الفقر.

وكان عام 2025 عام "المصارحة" بضرورة تسريع الإصلاحات الضريبية وتحفيز الاستثمار المحلي لجبر النقص الحاصل في التمويل الدولي، مما دفع باتجاه البحث عن بدائل تمويلية في أسواق شرق آسيا ومنطقة الخليج.

السياحة كبوابة للسياسة

كما برزت في عام 2025 إستراتيجية أردنية جديدة تعتمد على "التكامل العنقودي" مع القوى العربية الكبرى وهي الإمارات، السعودية، مصر وقطر.

ولم تعد هذه الجهود تقتصر على التنسيق الأمني، بل امتدت لتشمل مبادرات سياحية واقتصادية مشتركة حيث إن الهدف كان واضحًا وهو تحويل الأردن إلى "مركز إقليمي للسياحة التاريخية والعلاجية" ضمن منظومة عربية متكاملة.

وعكس هذا التوجه قناعة أردنية بأن القوة السياسية في العصر الحديث تُستمد من القوة الاقتصادية وتشابك المصالح مع الجيران.

وأشار شنيكات إلى أن تثبيت التشريعات الاستثمارية وعدم تغييرها بشكل متكرر يعد عاملًا أساسيًا في تعزيز ثقة المستثمرين، مؤكدًا أن أيّ اضطراب تشريعي يثير شكوك أصحاب رؤوس الأموال حول البيئة الاستثمارية.

ودعا إلى تكثيف الجهود في مكافحة الفساد وتقوية المؤسسات الرقابية لضمان بيئة اقتصادية صحية ومستقرة.

الناقل الوطنيعلى ضفة أخرى، كان إقرار الاتفاقية النهائية لمشروع "الناقل الوطني" هو الخبر الاقتصادي الأهم الذي بعث الأمل في الشارع الأردني.

وبعد أعوام من المفاوضات والدراسات، بات الحلم الأردني بتحلية مياه البحر الأحمر ونقلها إلى المحافظات الوسطى والشمالية حقيقة إجرائية.

ولا يعالج هذا المشروع فقط أزمة "العطش" الهيكلية، بل يمنح الأردن استقلالية سياسية أكبر حيث يحرر ملف المياه من الضغوط الخارجية ويخلق آلاف فرص العمل في قطاعات الإنشاءات والطاقة المتجددة المرتبطة بالمشروع.

"النشامى" في كأس العالم

من ناحية أخرى، جاءت الفرحة الأكبر التي وحدت الأردنيين في 2025 من المستطيل الأخضر، حيث نجح المنتخب الأردني المعروف بـ"النشامى" في كسر العقدة التاريخية والتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026 التي ستقام في أميركا وكندا والمكسيك، لأول مرة.

هذا الإنجاز لم يكن رياضيا فحسب، بل كان "حقنة معنوية" للشارع الأردني، حيث تحولت المدن الأردنية إلى ساحات احتفال عفوية، واستثمرت الدولة هذا النجاح لتعزيز الهوية الوطنية الجامعة.

وفي سياق متصل، وصل المنتخب إلى نهائي كأس العرب في نسخة استثنائية، ورغم خسارة اللقب أمام المنتخب المغربي القوي، إلا أن "النشامى" أثبتوا أن الكرة الأردنية باتت تمتلك "شخصية البطل" وأن الاستثمار في المواهب الشابة بدأ يؤتي ثماره على أعلى المستويات الدولية.

ومن هنا، أكد شنيكات أن أي إنجاز رياضي أو ثقافي ينعكس في نهاية المطاف على تعزيز المزاج العام وترسيخ الهوية الوطنية، موضحا أن النجاح يولد نجاحًا آخر ويعزز الثقة بالذات.

وأشار إلى أن التفاعل الكبير الذي شهده الشارع الأردني خلال بطولة كأس العرب، سواء عبر المدرجات أو منصات التواصل الاجتماعي جسد وحدة القيادة والشعب حول المنتخب الوطني وأثبت أن الأردنيين يصطفون دائما خلف وطنهم في اللحظات الحاسمة، سواء كانت سياسية أو رياضية أو اجتماعية.

مهرجان جرش

ثقافيا، ظل مهرجان جرش للثقافة والفنون هو "الرئة" التي يتنفس من خلالها الإبداع الأردني.

وانطلقت النسخة الـ39 تحت رعاية ملكية سامية مقدمة مئات الفعاليات، في حين تميز المهرجان بالتركيز على "الصناعات الثقافية".

ولم يكتف بالحفلات الغنائية، بل فتح مساحات واسعة للشعر والمسرح التجريبي والفنون الرقمية، مما جعل من المواقع الأثرية في جرش متاحف مفتوحة تربط عبق الماضي بتطلعات المستقبل.

ويخرج الأردن من عام 2025 وهو أكثر إدراكاً لحجم التحديات المحيطة به وأكثر ثقة بقدرته على المناورة.(المشهد)۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 11 ساعة
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ 5 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 20 ساعة
بي بي سي عربي منذ 7 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 14 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 20 ساعة
سي ان ان بالعربية منذ 13 ساعة
قناة يورونيوز منذ 12 ساعة
سكاي نيوز عربية منذ 5 ساعات