كتبه / علي همام بن همام
*أولًا: التحول النوعي في المشهد الجنوبي من الشراكة الهشّة إلى فرض الأمر الواقع*
ما شهدته حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية لا يمكن قراءته كتحركات أمنية معزولة، بل يمثل انتقالًا استراتيجيًا للمجلس الانتقالي الجنوبي من مرحلة الدفاع السياسي إلى مرحلة فرض الوقائع السيادية.
زيارات الرئيس عيدروس الزبيدي إلى المحافظات الشرقية في رمضان الفائت لم تكن زيارات بروتوكولية، بل حملت ثلاث حزم من الرسائل الواضحة:
1. للداخل الجنوبي:
التأكيد أن حضرموت تمثل العمق الاستراتيجي للجنوب، سياسيًا واقتصاديًا وجغرافيًا.
كسر احتكار التمثيل الحضرمي من قبل قوى قبلية أو عسكرية مرتبطة بمراكز نفوذ شمالية أو إقليمية.
التحذير الصريح للجماعات المسلحة التابعة لعمرو بن حبريش بأن أي تهديد لوحدة الجنوب سيُواجَه حتى لو تطلب الأمر تجاوز الصلاحيات الشكلية، في إشارة إلى أولوية الكيان الجنوبي على الترتيبات الانتقالية الهشّة.
2. للإقليم (التحالف العربي):
أن الجنوب لم يعد ساحة مفتوحة للتجارب أو إدارة التوازنات المؤقتة.
أن أي ترتيبات أمنية أو سياسية في حضرموت دون شراكة الانتقالي ستكون غير قابلة للاستمرار.
3. للمجتمع الدولي:
أن المجلس الانتقالي بات يمتلك السيطرة السياسية والشعبية والعسكرية التي تؤهله ليكون طرفًا رئيسيًا في أي تسوية قادمة، لا ملحقًا ضمن شرعية انتهى رصيدها.
ثانيًا: خطاب بن بريك ومليونية حضرموت أولًا إعلان نهاية مرحلة
خطاب اللواء أحمد بن بريك في مليونية المكلا لم يكن مجرد حشد جماهيري، بل إعلان سياسي مباشر عن انتهاء مرحلة التسامح مع الوجود العسكري الشمالي في وادي حضرموت والمهرة.
تعهد بن بريك بأن يكون هذا العام نهاية لذلك الوجود يحمل دلالات خطيرة:
انتقال القضية من مطلب سياسي إلى جدول زمني عملي.
تحميل التحالف مسؤولية الحسم : إما أن يكون شريكًا في إعادة ترتيب الجنوب، أو شاهدًا على فرض أمر واقع جنوبي.
ربط الأمن والاستقرار في حضرموت بإنهاء ازدواجية القوة، لا بإعادة إنتاجها عبر مسميات قبلية أو نخبوية موازية.
ثالثًا: اتفاق التهدئة مع بن حبريش مشروعية شكلية ومأزق سياسي
الاتفاق الذي جرى بين ممثل بن حبريش والسلطة المحلية برئاسة المحافظ، برعاية رئيس اللجنة السعودية في حضرموت (القحطاني)، يعاني من ثلاث إشكاليات جوهرية:
1. غياب الطرف الأكثر تمثيلًا على الأرض (المجلس الانتقالي)، ما يجعله اتفاقًا إداريًا لا سياسيًا.
2. شرعنة قوة مسلحة خارج مؤسسات الدولة تحت غطاء التهدئة ، وهو ما يتناقض مع منطق بناء الاستقرار.
3. تحويل السعودية من وسيط ضامن إلى طرف مثير للشكوك، خاصة مع المواقف العلنية للقحطاني المعارضة للانتقالي ومطالبته بسحب القوات من خارج حضرموت في حين إن السعودية لم تبدي أي اعتراض سابق لتواجد القوات الشمالية في حضرموت والمهرة .
من زاوية القانون السياسي، الاتفاق يفتقر للمشروعية التمثيلية، ومن زاوية الواقع غير قابل للتنفيذ طويل الأمد.
رابعًا: موقف السعودية والإمارات تباين الأدوار لا تضاد المصالح
السعودية:
ما تزال تتعامل مع الجنوب بعقلية إدارة التوازنات لا حسم الخيارات ، خوفًا من فراغ أمني أو تصاعد نفوذ قوى غير منضبطة. إلا أن هذا النهج أصبح مكلفًا، ويُنتج أزمات مؤجلة.
الإمارات:
تبدو أكثر انسجامًا مع رؤية الانتقالي، باعتبار أن الاستقرار لا يتحقق دون شريك محلي قوي ومتماسك. دعمها أقل صخبًا لكنه أكثر عمقًا على مستوى بناء المؤسسات الأمنية.
هذا التباين لا يعني صدامًا داخل التحالف، بل اختلافًا في أدوات إدارة المرحلة.
خامسًا: التحول الدولي نهاية وهم المرجعيات الثلاث
إفادة المبعوث الدولي إلى اليمن بأن الرؤية السابقة للتسوية لم تعد صالحة تمثل اختراقًا سياسيًا بالغ الأهمية.
الاعتراف بأن المرجعيات (المبادرة الخليجية مخرجات الحوار القرار 2216) أصبحت غير قابلة للتطبيق.
الدعوة إلى اعتماد رؤية جديدة تتعامل مع الواقع الجديد والأطراف الفاعلة، وهو توصيف ينطبق بوضوح على المجلس الانتقالي.
هذا التطور يمنح الجنوب نافذة تاريخية للانتقال من موقع الاحتجاج إلى موقع التفاوض على الدولة.
سادسًا: الحوار الجنوبي إعادة بناء الشرعية من الداخل
نتائج الحوار الجنوبي الجنوبي، وهيكلة المجلس الانتقالي، شكلت ردًا عمليًا على اتهامات الإقصاء:
توسيع قاعدة المشاركة السياسية.
إعادة الاعتبار لقيم التصالح والتسامح.
تقديم نموذج أولي لشراكة جنوبية في السلطة.
هذه الخطوة تعزز الشرعية الداخلية، وهي شرط أساسي لأي اعتراف خارجي مستقبلي.
سابعًا: ترتيبات المرحلة الانتقالية نحو فصل المسارات
المقترحات المطروحة (إقالة مجلس القيادة الرئاسي، رئيس شرفي، نائبان شمالي وجنوبي، حكومتان منفصلتان) تعكس إدراكًا متزايدًا بأن وحدة القرار اليمني أصبحت عبئًا لا حلًا.
هذه الترتيبات، إن نُفذت، قد تشكل:
مرحلة انتقالية منظمة.
تمهيدًا لتسوية نهائية تقوم على دولتين.
ثامنًا: استشراف المشهد القادم
وفق المعطيات الواقعية، يمكن توقع ما يلي:
1. تصاعد التأييد الشعبي لخطوات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من عدن تايم
