مصدر الصورة: Getty Images
قد يكون من أصعب ما يواجهه الأهل اليوم في تربية أطفالهم تأمين الحضور الذهني، والوقت، والمال.
فوتيرة الحياة السريعة وتراكم المسؤوليات تضع كثيراً من الأهل في حالة إرهاق ذهني وجسدي، وتُولّد لديهم شعوراً بالذنب والتقصير تجاه أطفالهم، نتيجة محدودية الوقت أو الطاقة المتاحة لهم.
ومع غياب الأهل عن المنزل، أو عودتهم إليه وهم في حالة إنهاك، يجد الأطفال أنفسهم، في كثير من الأحيان، أمام شاشات الأجهزة الذكية أو التلفاز، حتى خلال أيام الإجازة.
وفي حين يستطيع بعض الأهل الخروج إلى الطبيعة، أو اصطحاب أطفالهم إلى أماكن مخصصة للعب، أو السماح لهم باللعب أمام المنزل مع أصدقائهم، تبقى هذه الخيارات غير متاحة للجميع. لذلك أعددنا قائمة بأنشطة متنوعة يمكن ممارستها مع الأطفال في مختلف البلدان، وعلى مدار السنة، وفي جميع أحوال الطقس، من دون أي عبء مالي إضافي.
وفي هذا السياق، تحدثت بي بي سي عربي مع كريستال الحايك، مدربة ومستشارة مختصة بالأطفال الذين يعانون من اضطرابات في النمو العصبي، وتعتمد في عملها على المواقف الحياتية اليومية والألعاب البسيطة داخل المنزل لتنمية القدرات العقلية والعاطفية لدى الأطفال.
الحضور الفكري أولاً تقول الحايك، في مقابلة مع بي بي سي عربي، إنه "قبل التفكير في أي نشاط نريد القيام به مع طفلنا، علينا أولاً أن نكون حاضرين ذهنياً معه في تلك اللحظة، وأن نتواصل معه بعمق".
وتضيف: "يجب أن تكون طاقتنا مشبعة بالاهتمام والحب والفرح قبل أي شيء آخر، لأن ما يبقى في ذاكرة الطفل ليس النشاط بحد ذاته، بل ما شعر به خلال الوقت الذي أمضاه معكم". وتوضح قائلة: "ما يبقى هو شعوره بالأمان، وبالفرح، وبأنه محبوب. هذا ما سيتذكره لاحقاً".
وتتابع: "هناك فارق كبير بين أن نجلس مع الطفل من دون امتلاك الطاقة لتحمّل أسئلته الكثيرة أو رغباته، وبين أن نكون حاضرين ذهنياً معه". وتضيف: "يمكن لأي طفل أن يستشعر هذا الفرق بسهولة تامة، حتى وإن لم يعرف لاحقاً كيف يعبّر بالكلمات عمّا شعر به".
وتشير الحايك إلى أنه لا ينبغي توقّع "إمكانية إلغاء وجود الشاشات من حياة أطفالنا اليوم بشكل كامل"، لكنها تؤكد في الوقت نفسه "ضرورة وضع حدود واضحة لها، عبر اتخاذ الأهل قراراً واعياً ببذل جهد متعمّد لقضاء وقت يومي مع الطفل بعيداً عن الشاشات".
وتنصح الحايك الأهل باستثمار أيام العطلة في الحضور والتواصل العميق مع الأطفال، وبناء علاقة متينة وإيجابية قائمة على الاهتمام، من خلال أنشطة فكرية أو فنية أو حركية-رياضية أو اجتماعية، سواء داخل المنزل أو خارجه.
أعمال يدوية تشير الأخصائية إلى أن من أسهل الأنشطة التي يمكن تنفيذها داخل المنزل تلوين الرسوم مع الطفل، مثل طباعة صور لشخصيات يحبها وتلوينها معاً.
وتضيف أنه يمكن أيضاً قص صور وأشكال من مجلات، إلى جانب قطع من القماش وربما نصوص قصيرة، ثم تجميعها ولصقها على سطح كرتوني واحد أو قطعة قماش كبيرة.
وتقترح بناء "بيوت صغيرة، أو دمية، أو سيارة"، باستخدام مواد متوافرة في المنزل، مثل علب المحارم الفارغة، والأزرار، والأقمشة، أو الملابس القديمة، وغيرها من المواد التي يرغب الأهل في التخلص منها.
وتلفت الحايك إلى أهمية تجنّب الإكثار من الملاحظات أو التصحيحات أثناء هذه الأنشطة، مؤكدة أن الهدف منها هو التسلية لا إنتاج عمل فني متقن. وتقول: "علينا أن نترك للطفل حرية التعبير والتجربة، حتى وإن بدت اختياراته غير منطقية أو غير جميلة بالنسبة لنا".
وتتجدث الحايك عن أهمية مساعدة الأهل أطفالهم على فهم مشاعرهم والتعبير عنها بطريقة صحية. وتقدّم مثالاً آخر لنشاط يمكن استخدامه لهذا الغرض، قائلة: "يمكن أن نطلب من الطفل أن يرسم مشاعره ويُلوّنها، وأن نشاركه النشاط ونسأله: ما شكل هذا الشعور؟ وما لونه؟".
وتوضح أن ذلك مهم، "لأن الطفل يتعلّم هنا التعبير عن مشاعره الخاصة، ويشاهد في الوقت نفسه كيف يعبّر شخص آخر عن مشاعره، حتى وإن كانت رؤيته لها مختلفة، بطريقة سليمة وصحية".
خيال لا حدود له تستخدم الحايك في عملها مع الأطفال وذويهم الألعاب والتواصل اليومي، بهدف بناء قدرات الطفل وتطويرها من دون أن يشعر بأنه يبذل أي جهد.
وتوضح أنه يمكن العمل مع الطفل على تأليف وكتابة قصة، أو حتى استخدام كلمة "كتاب" لوصف هذا النشاط، لما لذلك من أثر في تعزيز ثقته بقدراته، إذ "سيكون الطفل منبهراً عندما يسمع أنه قادر على تأليف كتاب"، بحسب الحايك.
وتشير إلى أن خيال الأطفال في سن مبكرة يكون أوسع بكثير من خيال الكبار، الذي يتقلّص تدريجياً بفعل القيود المدرسية والاجتماعية والحياتية.
وانطلاقاً من ذلك، يمكن توظيف هذا الخيال عبر "تركيب جملة أولاً أو رسم صورة، ثم كتابة فكرة أخرى، لينتهي الأمر بقصة مترابطة". وتقول: "قد تكون فكرة الطفل الأولى أنه يلعب على الغيوم، فنبدأ برسم غيمة، ثم نتابع بتسلسل الأفكار".
وتؤكد مجدداً ضرورة عدم "تصحيح" أفكار الطفل، بل تركه يتخيّل.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي
