في الوقت الذي تخوض فيه القوات المسلحة الجنوبية في اليمن معركة مفتوحة مع تنظيم "القاعدة"، تتكشف تباعا ملامح علاقة توظيف مركّبة تديرها ميليشيا الحوثي، تقوم على إعادة إنتاج التنظيم كأداة حرب غير مباشرة، بهدف إرباك الجبهة الجنوبية واستنزاف قدراتها الأمنية والعسكرية، بعيدا عن خطوط المواجهة التقليدية.
وبحسب معطيات أمنية، لم تعد هذه العلاقة مجرد تقاطع ظرفي في المصالح، بل تطوّرت إلى ما يشبه "التحالف الاستراتيجي الوظيفي" بدعم إيراني مباشر، ضمن مقاربة تقوم على بناء قوى هجينة تمزج بين العنف الإيديولوجي والأدوار الاستخباراتية، وتسخيرها كأدوات نفوذ إقليمي.
"تحالف الضرورة"
وخلال الأسابيع الأخيرة، صعّد تنظيم "القاعدة" من وتيرة هجماته ضد القوات الجنوبية في محافظتي أبين وشبوة، مستخدما مزيجا من الأساليب التقليدية والتكتيكات المستحدثة، يرى مراقبون أنها متصلة بالتقدم الميداني الذي أحرزته الوحدات الجنوبية في المحافظات الشرقية، وتعكس ارتباطا مباشرا بين التحوّلات الميدانية وحركية التنظيم.
ورغم التناقض الأيديولوجي، عمل "الحوثيون" خلال السنوات الماضية على نسج قنوات تعاون مع "القاعدة" تحت ذريعة ما يسمى بـ"تحالف الضرورة"، الذي بدأ بالإفراج المنهجي عن قيادات وعناصر مصنّفة إرهابيا من سجون صنعاء، قبل أن يتوسع لاحقا ليشمل تقديم دعم لوجستي وتقني، تضمن تزويد التنظيم بطائرات مسيّرة ومواد شديدة الانفجار وصواريخ حرارية، بما يشير إلى انتقال العلاقة من مستوى الاحتواء إلى مستوى التمكين العملياتي.
ووفقا لدراسات صادرة عن مركز "P.T.O.C Yemen" للأبحاث والدراسات، أفرجت الميليشيا عن مئات المحتجزين على ذمة قضايا إرهاب، ومنحتهم امتيازات مالية وحماية أمنية وزودتهم بهويات مزوّرة، قبل إعادة توظيفهم كخلايا استخبارية وأدوات ضغط ميداني في المحافظات الجنوبية، ضمن عملية إعادة تدوير ممنهجة للعنف.
ويشير المركز إلى أن هذه العمليات تُدار عبر جهاز "الأمن والمخابرات" الحوثي، ضمن مشروع أوسع مدعوم من الحرس الثوري الإيراني، يسعى إلى دمج الإرهاب في البنية التشغيلية للميليشيا، وتحويله إلى رافعة ضمن استراتيجية طهران الإقليمية القائمة على الحروب بالوكالة.
أداة غير نظامية
في هذا السياق، يقول المحلل العسكري، العميد ثابت حسين، إن توظيف ميليشيا الحوثيين لتنظيم "القاعدة" في تنفيذ عمليات إرهابية ضد القيادات والمصالح الجنوبية ليس تطورا طارئا، بل امتداد لنمط طويل من التخادم الأمني والعملياتي الذي خدم مصالح مشتركة للطرفين على مدى سنوات.
وأوضح حسين لـ"إرم نيوز"، أن التصعيد الأخير للقاعدة يرتبط مباشرة بالمتغيرات الميدانية التي فرضتها القوات الجنوبية، لا سيما بعد تطهير وادي حضرموت والمهرة من الجماعات المرتبطة بـ"الحوثيين"، وقطع أحد أهم مسارات تهريب السلاح نحو الميليشيا؛ ما دفع الأخيرة إلى تفعيل أدواتها غير النظامية.
وأضاف أن المرحلة الراهنة تشهد انتقال هذا التخادم من مستوى التنسيق السرّي إلى ما يشبه التحالف شبه العلني، وهو تطوّر يضاعف من التحديات أمام القوات الجنوبية، ويفرض عليها خوض معركة متعددة الجبهات ضد أطراف متداخلة المصالح والأدوار.
وحذّر حسين من أن هذا التحالف لا يهدد الداخل الجنوبي فحسب، بل يحمل تداعيات خطيرة على أمن الملاحة البحرية الإقليمية والدولية؛ ما يستدعي دعما إقليميا ودوليا مباشرا للقوات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من عدن تايم
