بين الترشيق والترهل: قرار إيقاف إنهاء خدمات ذوي الخبرات يستدرك خطأً استراتيجياً أحمد عبدالباسط الرجوب جو 24 :
في خطوة تستحق الثناء والتأييد، قرَّر مجلس الوزراء يوم أمس الثلاثاء 23 كانون الأول / يناير 2025 إيقاف العمل بالقرارات السابقة التي تلزم إنهاء خدمات الموظفين ممن بلغت خدماتهم 30 سنة فأكثر. هذا القرار ليس مجرد تعديل إداري، بل هو تصحيح لمسار خطير كان يهدد بتفريغ مؤسسات الدولة من أهم أصولها: رأس المال البشري المخضرم، والذاكرة المؤسسية الحية، والكفاءات المتراكمة عبر عقود من الخدمة.
لقد حذَّرنا مراراً في مقالات سابقة، منها مقال نشر في 26 أيلول / سبتمبر 2019 بعنوان "هفوة ترشيق جهاز الخدمة"، من العواقب الوخيمة لسياسات "التقاعد القسري" أو "الإحالة الإلزامية" لمن تجاوزوا سناً أو عدد اشتراكات معينة. وكنا نؤكد أن هذه السياسات تقود إلى:
1. إفراغ مؤسسات الدولة من "قباطين إدارتها" وأصحاب الرؤية الشمولية، الذين يعتبرون مراكز تفكير (Think Tanks) داخل أجهزتها.
2. هدر طاقات هائلة وخبرات متراكمة، في وقت أصبح فيه متوسط العمر الصحي للإنسان الأردني يقارب 75 عاماً، مما يعني أن الموظف في الستينيات من عمره ما زال في أوج عطائه وقدرته على الإبداع والتوجيه.
3. خسارة فادحة للاستثمار في رأس المال البشري، حيث تُدفع الكفاءات إلى التقاعد في ذروة نضجها المهني، بينما تكون الحاجة إليها أكبر ما تكون لمواجهة التحديات المعقدة وبناء القدرات المؤسسية.
4. خلق ثغرات تنظيمية خطيرة، حيث يتم التركيز على "ضخ دماء جديدة" وهو هدف مشروع ولكن دون بناء جسر للتواصل بين الخبرة القديمة والطاقة الجديدة، مما يؤدي إلى تكرار الأخطاء وضياع المعرفة المؤسسية.
هذه التحذيرات لم تكن من فراغ، بل تستند إلى حقائق ديموغرافية واقتصادية لا يمكن تجاهلها. فقبل ستة عقود، كان متوسط عمر الإنسان في الأردن حوالي 50 عاماً، وكان من تجاوز الخمسين يُعتبر طاعناً في السن. أما اليوم، فقد أظهرت دراسة لمعهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن، نُشرت في مجلة "لانسيت" المتخصصة، أن معدل عمر الرجال الأردنيين ارتفع إلى 75.7 سنة، والنساء إلى 75.1 سنة. هذا التحول الجذري يضعف أي مبرر لإنهاء خدمات الموظف في سن الستين وهو ما يزال.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من جو ٢٤
