بوصلة حوكمة القطاع العام

عندما أصدر الاتحاد الدولي للمحاسبين (IFAC) في 2014 مبادئ الحوكمة الجيدة في القطاع العام، لم يكن يبتكر مفهومًا جديدًا بقدر ما كان يقرّ بأن جوهر الإشكال في القطاعين العام والخاص واحد، ويتمثل في إدارة المال والسلطة نيابة عن الغير. هذه الحقيقة هي التي دفعت IFAC في تحديثه 2021 إلى الانتقال من لغة المبادئ العامة إلى أدوات تشغيلية تضع الشفافية والمساءلة وإدارة المخاطر في صميم القرار اليومي، لا على هامشه.

وتُعد حوكمة القطاع العام ركيزة أساسية لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، بوصفها الحلقة التي تصل بين الكفاءة الإدارية والنتائج التنموية. وقد عَكس الدليل الاسترشادي للحوكمة في القطاع العام هذا التوجه، مدعومًا بتحديث الهياكل التنظيمية في الجهات الحكومية عبر إنشاء إدارات للحوكمة والالتزام والمخاطر، وبالتوازي مع نظام الرقابة المالية الجديد الذي يسعى إلى تجاوز النموذج الرقابي الإجرائي القائم على إجازة الصرف، نحو منظومة أشمل لإدارة المخاطر وتعزيز النزاهة والانضباط المالي.

ويُحسب لهذا المسار أنه لم يبدأ من فراغ؛ فقد سبقته تشريعات عززّت حماية المال العام، ونظّمت سلوك الموظف العام والجهة الحكومية، ورفعت سقف الشفافية في التقارير السنوية من خلال تضمين الأحكام القضائية النهائية وما اتخذته الجهات من إجراءات لتصحيح ممارساتها. ويمكن القول إن هذه المنظومة تمثل نقلة نوعية في مفهوم حماية المال العام خلال أكثر من 90 عامًا من تأسيس الدولة، وتفتح المجال لتطوير إطار أكثر تكاملًا لحوكمة القطاع العام.

غير أن الإشكال الجوهري لا يكمن في وفرة النصوص، بل في طبيعتها. فالدليل الاسترشادي صِيغَ بلغة الغايات لا الوسائل؛ تتكرر فيه مفاهيم ككفاءة الإنفاق، والشفافية، والنزاهة، وسيادة النظام، دون أن تُربط بأدوات تنفيذية داخل الجهة العامة تجعل هذه القيم قابلة للقياس والمساءلة. وهنا تتجلى فجوة التطبيق.

فكفاءة الإنفاق العام، على سبيل المثال، تخضع اليوم لجهات متعددة: وزارة المالية، وهيئة كفاءة الإنفاق، وديوان المحاسبة. ورغم أهمية هذا التوزيع، إلا أنه يثير تساؤلًا مشروعًا حول "الصورة الكبرى للمساءلة": من يملك دورة رقابية مكتملة داخل الجهة نفسها؟ التجارب الدولية تشير بوضوح إلى أن كفاءة الإنفاق ليست وظيفة رقابية لاحقة، بل جزء من القرار التنفيذي اليومي، تُراجع فيه الجدوى والكلفة والعائد بشكل مستمر، وترفع نتائجه إلى لجنة مراجعة مستقلة تملك سلطة التنبيه.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الاقتصادية

منذ 5 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 30 دقيقة
منذ 9 ساعات
منذ 3 ساعات
منصة CNN الاقتصادية منذ 7 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 4 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ 3 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 7 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ 5 ساعات
فوربس الشرق الأوسط منذ ساعة
منصة CNN الاقتصادية منذ 10 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 11 ساعة