أصبح مفهوم "المستشفيات الذكية" ركيزة أساسية في تحسين كفاءة الرعاية الصحية الحديثة، حيث يلعب الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية دورًا جوهريًا في إعادة صياغة رحلة المريض وتحويلها إلى منظومة متكاملة لا تتوقف عند حدود المنشأة الصحية، بل تمتد لتشمل كافة المراحل من قبل وصول المريض إلى الدولة المستضيفة وحتى ما بعد عودته إلى بلده.
ويعتمد هذا النموذج المتطور على توظيف البيانات الضخمة والتكامل الرقمي لضمان استمرارية الرعاية ورفع جودة التجربة العلاجية للمرضى الدوليين.
هذه المواضيع ناقشتها جلسة حوارية في قمة فوربس الشرق الأوسط للسياحة العلاجية والرفاهية الصحية، وركزت على دور الشراكات المؤسسية والابتكار الرقمي في تطوير أنظمة صحية عالمية المستوى قادرة على استقطاب المرضى الدوليين وتلبية تطلعاتهم. شارك في النقاش د. مهيمن عبد الغني، الرئيس التنفيذي لمجموعة "فقيه هيلث"، ومحمد المهيري، مدير إدارة السياحة الصحية في هيئة الصحة بدبي، ود. جاك قبرصي، الرئيس التنفيذي للخدمات الطبية في "ميديكلينيك"، فيما أدارت الحوار جيداء شكري، المنتجة في فوربس الشرق الأوسط.
تحليل البيانات من أجل رقمنة رحلة العلاج يتربع قطاع الرعاية الصحية على عرش القطاعات الأكثر ثراءً بالبيانات، وما تمتلكه المؤسسات الصحية اليوم هو "محيط من البيانات" حسب وصف د. مهيمن عبد الغني. إلا أن القيمة الحقيقية لا تكمن في تراكم هذا الزخم الهائل، بل في القدرة على تحويله إلى معلومات ذكية وقابلة للتطبيق، تسهم بفاعلية في إدارة تدفق المرضى وتجويد المسارات الصحية داخل النظام الطبي.
أوضح د. عبد الغني أن بناء "المستشفيات الذكية" يتطلب أدوات تمكينية فائقة التطور؛ في مقدمتها التحليلات التنبؤية (Predictive Analytics) وأنظمة تتبع نقاط الاتصال الرقمية، التي تتيح للمؤسسة مراقبة رحلة المريض بدقة، سواء كان مقيمًا داخل الدولة أو وافدًا من الخارج بغرض العلاج.
وشدد على أن "رقمنة الرحلة الصحية" لم تعد ترفًا، بل ضرورة لتحقيق معادلة النجاح: توفير بيانات تدعم التحسين المستمر للأداء، وتقديم تجربة سلسة تتخطى توقعات المريض الحديث.
وبالنظر إلى تحليل وعي المستهلك الصحي، فقد أصبح المريض المعاصر أكثر خبرة وتطلبًا، حيث يعقد مقارنات دقيقة بين الوجهات الصحية بناءً على "التجربة الشاملة" وليس جودة العلاج فحسب؛ ويرى المرضى اليوم أن النتائج الطبية المتميزة هي "حق مكتسب"، بينما يظل الفارق التنافسي مرهونًا بسلاسة التجربة الرقمية في كافة مراحلها.
وقد أكد د. عبد الغني على أن تبني هذه الأدوات الرقمية يعزز التنافسية العالمية لقطاع الرعاية الصحية، لا سيما في دبي التي تقود طليعة المدن في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي. كما لفت إلى أهمية الانتقال من قياس المؤشرات السريرية التقليدية إلى قياس "النتائج التي يبلغ عنها المرضى بأنفسهم" (PROMs)، لفهم مدى تحسن جودة حياتهم اليومية بعد العلاج، وهو المعيار الأصدق لنجاح أي منظومة صحية ذكية.
دقة العلاج هي الأساس.. والتقنية لخدمة الحالات الحرجة قرار المريض بمغادرة وطنه لا يأتي إلا بدافع البحث عن رعاية تخصصية فائقة لا تتوفر في بلده. وفي هذا الإطار طرح د. جاك قبرصي رؤية عميقة تركز على الأبعاد الإنسانية والسريرية للسياحة العلاجية. وأوضح أن وجهات السياحة الصحية العالمية، مثل دولة الإمارات، تستقبل حالات طبية بالغة التعقيد والحساسية، مثل الأورام، والعلاجات المتقدمة بالخلايا الجذعية، وتقنيات الإخصاب (IVF)، وهي حالات تتطلب دعمًا نفسيًا وطبيًا استثنائيًا.
يجب أن تظل الأولوية القصوى دائماً لجودة الرعاية السريرية وسلامة المرضى؛ فالتكنولوجيا هي "عامل تمكين" يأتي لتعزيز الأسس الطبية الراسخة لا لاستبدالها.
إن السجلات الصحية الإلكترونية القوية.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من فوربس الشرق الأوسط
