خلال العام الحالي الذي يقترب من نهايته، نجحت الفضة، الذي بات نفيساً، في إعادة صياغة تاريخ ارتفاعات المعادن، متجاوزةً الجميع، ومحققةً ارتفاعات أسعار قياسية، حتى إنها ويترة صعودها تجاوزت الذهب، سيد الملاذات الآمنة.. التفاصيل في

خلال العام الحالي الذي يقترب من نهايته، نجحت الفضة، الذي بات نفيساً، في إعادة صياغة تاريخ ارتفاعات المعادن، متجاوزةً الجميع، ومحققةً ارتفاعات أسعار قياسية، حتى إنها ويترة صعودها تجاوزت الذهب، سيد الملاذات الآمنة.

جاء ارتفاع الفضة تزامناً مع طفرة الذكاء الاصطناعي، والإقبال المتزايد على الاستثمار في بناء مراكز البيانات العملاقة، والتي تدخل فيها الفضة بشكلٍ رئيسي، مع قفزة في الطلب الصناعي على المعدن الذي شهد انخفاضًا متزايدًا في الإنتاج.

وبحسب بنوك عالمية، وصل سعر الفضة، التي غالبًا ما يُطلق عليها اسم «معدن الشيطان» بسبب تقلباتها العنيفة وصعوبة تعدينها، إلى مستويات قياسية هذا العام، ولا يزال أمامها المزيد من الارتفاع، في ظل نقص الإمدادات وزيادة الطلب.

ولا يبدو صعود «معدن الشيطان» موجةً عابرة، بل انعكاسا لتحوّل هيكلي في الطلب تقوده التكنولوجيا ونقص الإمدادات، وبينما يبقى الذهب ملاذاً تقليدياً، تفرض الفضة نفسها كسلعة أكثر حساسية للدورة الصناعية، وأكثر قدرة على مفاجأة الأسواق.

حرب العملات بين الين والدولار.. هل ولت أيام السعادة للعملة الخضراء؟

رحلة الفضة في 2025

سجلت الفضة في أحدث التداولات اليوم مستويات قياسية جديدة بوصولها إلى سعر 72.75 دولار للأونصة، بزيادة في حدود 2%.

في خمسة أيام، ارتفعت الفضة ما يقرب من 95%، كما زادت بنسبة 35% خلال تداولات ثلاثين يومًا.

زادت الفضة في الربع الأخير، الذي أوشك على الرحيل، حوالي 65%، كما ارتفعت بنسبة 147% منذ بداية العام.

طريق الذهب في 2025

قفزت أسعار الذهب اليوم إلى مستويات غير مسبوقة، بملامسة مستويات 4555.1 دولار للأونصة، قبل أن تقلص جانباً من مكاسبها.

يرتفع المعدن النفيس بنسبة 3.5% في خمس جلسات، كما يزيد بنسبة 8% خلال تداولات ثلاثين جلسة.

في الربع الرابع من 2025، ارتفع المعدن الأصفر 20%، في حين يرتفع بأكثر من 72% منذ بداية العام الحالي.

طلب ضخم

كتب رئيس قسم إدارة منتجات الدخل الثابت والسلع في صناديق الاستثمار المتداولة في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة «إنفيسكو» بول سيمز: «كان على بعض الناس نقل الفضة بالطائرة بدلاً من سفن الشحن لتلبية طلبات التسليم».

أضاف سيمز في مذكرة للعملاء: «على الرغم من أننا شهدنا ارتفاعاً حاداً، إلا أننا شهدنا انخفاضاً طفيفاً في السعر في أوقات متفرقة، وعلى المدى الطويل هناك ديناميكية مختلفة هذه المرة قد تحافظ على أسعار الفضة عند مستويات مرتفعة نسبياً، وربما تستمر في الارتفاع لبعض الوقت في المستقبل».

بائع يعرض سبائك من الفضة، في سوق الصاغة، القاهرة - مصر، 14 يناير 2024

لمحة تاريخية

انفجرت أسعار الفضة في شهر أكتوبر، للمرة الثالثة خلال الخمسين عاماً الماضية التي بلغت فيها المعدن الأبيض ذروته.

من بين أعلى مستويات أسعار الفضة الأخرى يناير 1980، عندما جمع الأخوان هانت ثلث المعروض العالمي في محاولتهما احتكار السوق.

في عام 2011، في أعقاب أزمة سقف الدين الأميركي، تم اللجوء إلى الفضة والذهب كملاذ آمن.

سر الطفرة

قال سيمز: «حجم سوق الفضة لا يتجاوز عُشر حجم سوق الذهب، ومن الواضح أن هذا الضغط على الأسعار والطلب الهائل قد فاجأ بعض المستثمرين».

وعلى عكس موجات الاستثمار السابقة، اعتمد ازدهار الفضة في عام 2025 على مزيج من العرض المنخفض والطلب المرتفع من الهند، بالإضافة إلى الاحتياجات الصناعية والتعريفات الجمركية، بحسب محللي «غولدمان ساكس».

كتب استراتيجيو المعادن في البنك الأميركي: «بعد فرض تعريفات يوم التحرير الجمركية، ارتفع سعر الذهب بشكل حاد، لكن الفضة انخفضت قليلاً، وارتفعت نسبة الذهب إلى الفضة إلى أكثر من 100».

رغم قوة الرقائق تنقلب المعادلة.. لماذا تجاهلت طوكيو مكاسب وول ستريت؟

مستوى تاريخي

يُعد مؤشر نسبة الذهب إلى الفضة من مؤشرات قياس الطلب على المعادن المهمة، وتعكس النسبة عدد أونصات الفضة اللازمة لشراء أونصة واحدة من الذهب.

في أبريل، بلغت النسبة مستوى قياسياً تاريخياً، ويعني انخفاض النسبة أن الذهب رخيص نسبياً، بينما يشير ارتفاعها إلى أن الفضة مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية ومن المرجح أن ترتفع قيمتها.

كتب خبراء مصرف «آي جي بنك» : «في الوقت الحالي بلغت نسبة الذهب إلى الفضة أدنى مستوى لها في أربع سنوات عند 68.5، ما يسلّط الضوء على الزخم الجديد الذي تشهده الفضة».

ويشير انخفاض نسبة الذهب إلى الفضة عن متوسطها خلال 25 عاماً إلى أن أساسيات الفضة، ولا سيما الطلب المدفوع بالتكنولوجيا، قد تتمتع بالاستدامة، وفقاً لخبراء «آي جي» بنك.

رقم قياسي جديد.. الذهب يطارد الـ5000 دولار

لماذا انخفض المعروض؟

تقول رئيسة قسم تحليل السوق في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا في شركة «ستون إكس» رونا أوكونيل: «لم يرغب مديرو المخاطر في الكيانات المالية والصناعية في السماح بخروج أي معدن من الولايات المتحدة، خوفًا من أن يعود بسعر أعلى بنسبة 35% على سبيل المثال».

أضافت أوكونيل في مذكرة للعملاء: «بالانتقال سريعاً إلى فصل الخريف، وصل الطلب على الفضة إلى ذروته، خاصة مع انتهاء موسم الرياح الموسمية وموسم الحصاد في الهند».

تابعت أوكونيل: «لا يحب المزارعون البنوك كثيرًا، لذا فإن الذهب، وفي الآونة الأخيرة الفضة، يميلان إلى أن يكونا أول ما يلجؤون إليه عندما يحصلون على عوائد بيع المحصول».

أميركا القوية لم تنقذه.. الدولار صوب أكبر خسارة في عقدين

الهند والفضة.. علاقة وثيقة

تُعد الهند أيضًا أكبر مستهلك للفضة في العالم، حيث يتم استخدام حوالي 4000 طن متري سنوياً، معظمها للمجوهرات والأواني والحلي.

في 17 أكتوبر الماضي، ارتفع سعر الفضة في الهند بشكل حاد ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 170415 روبية للكيلوغرام، بزيادة قدرها 85% منذ بداية العام، بالتزامن مع الاحتفال بعيد ديوالي.

يتم استيراد 80% من إمدادات الفضة في الهند، وتساهم الإمارات العربية المتحدة والصين بشكل متزايد في تلبية هذا الطلب، لكن المملكة المتحدة تُعد تقليديًا أكبر مورد للفضة إلى الهند.

تقلص المعروض

تشهد خزائن لندن نفاداً سريعاً خلال السنوات القليلة الماضية. ففي يونيو 2022، بلغ مخزون جمعية سوق لندن للسبائك 31023 طناً مترياً من الفضة، وبحلول مارس 2025 انخفضت الكميات بنحو الثلث لتصل إلى 22126 طناً مترياً، وهو أدنى مستوى لها منذ سنوات.

قالت أوكونيل من «ستون إكس»: «ما لا يراه الناس بالضرورة هو ما يحدث في الخزائن، وقد وصل الأمر إلى نقطة لم يعد فيها أي معدن متاح في لندن». وأضافت: «نعم، هي معدن متقلب، ولكن وفقاً للمعطيات يبدو أن الوصول إلى مستويات 75 دولاراً أمراً وشيكاً».

تشير تقديرات مسح الفضة العالمي لعام 2025 الصادر عن معهد الفضة إلى أن إنتاج المناجم قد انخفض خلال السنوات العشر الماضية، وخاصة في أميركا الوسطى والجنوبية.

على مدار الاثني عشر شهرًا الماضية، بدأ الفائض الأساسي يتحول إلى عجز لثلاثة أسباب: «تأثير كهربة أسطول المركبات، والذكاء الاصطناعي، والخلايا الكهروضوئية»، وفقًا لأوكونيل.

سبائك فضة في مصنع تعدين لشركة «كراستسفيتمت» الروسية 26 مايو 2024.

ارتفاع سيدوم

قال سيمز من «إنفيسكو»: «في الوقت الحالي تحتوي السيارة الكهربائية القياسية على حوالي 25 غراماً من الفضة، وربما تحتوي السيارات الكهربائية الأكبر حجمًا على 50 غراماً من الفضة كجزء من مكوناتها».

أضاف سيمز: «إذا انتقلنا إلى استخدام بطاريات الفضة الصلبة، فقد تحتاج كل سيارة كهربائية إلى كيلوغرام أو أكثر من الفضة»، علمًا بأن الطلب الصناعي على الفضة قفز من حوالي 31 ألف طن متري في عام 2016 إلى أكثر من 36 ألف طن متري في عام 2024.

يتوقع معهد الفضة انخفاض الطلب الصناعي بنسبة 2% في عام 2025، نتيجة وصول أسعار الفضة إلى ذروتها، ولكن نظرًا لارتفاع الطلب عليها في السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، فمن المرجح أن تستمر قيمة هذا المعدن في التألق.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ 7 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 5 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 4 ساعات
قناة CNBC عربية منذ ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 9 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ 6 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ 9 ساعات
فوربس الشرق الأوسط منذ 15 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 8 ساعات
قناة CNBC عربية منذ ساعتين