أثار ظهور نيمار جونيور الأخير على مسرح موسيقي، وهو يناشد كارلو أنشيلوتي بعبارة مباشرة (ساعدنا) موجة واسعة من الجدل داخل البرازيل وخارجها، لم تتوقف عند حدود العبارة، بل تجاوزتها إلى المكان والتوقيت والدلالة والمعنى.
الجدل لم يكن عابرًا، ولم ينقسم فقط بين مؤيد ومعارض، بل فتح من جديد الملف الأقدم في مسيرة نيمار:
ملف الموهبة والاختيارات والجدية والقدرة على تحويل الاستثناء إلى أسطورة.
وامتد النقاش ليشمل الإعلام البرازيلي، نجوم الكرة السابقين، الجماهير، وحتى الصحافة الأوروبية، التي اعتادت النظر إلى نيمار جونيور باعتباره لاعبًا عظيمًا لم يصبح ما كان مرشحًا ليكونه.
من الملعب إلى المسرح.. حين يطغى السياق على الرسالة
لم يكن طلب نيمار جونيور العودة إلى المنتخب أو التلميح إلى حلم كأس العالم 2026 أمرًا مستغربًا في حد ذاته.
كل لاعب كبير يحلم بنهاية عظيمة، وكل نجم برازيلي يحلم بأن يرفع كأس العالم، لكن المكان هذه المرة كان هو العنوان.. مسرح غنائي، أجواء احتفالية، جمهور لا يبحث عن خطاب كروي بقدر ما يبحث عن الترفيه.
هنا انقسمت الآراء بين فئة رأت في المشهد استخفافًا بصورة المنتخب ومحاولة ضغط غير مباشرة على المدرب كارلو أنشيلوتي، وفئة أخرى دافعت عن نيمار، معتبرة أن عفويته جزء من شخصيته، وأنه لم يتخل يومًا عن إنسانيته أو شعبيته، غير أنّ الحقيقة الصحفية تقول إن اللاعب الكبير لا يُقيَّم فقط بما يقول، بل أين ومتى وكيف يقول.
بين نيمار جونيور اللاعب والرمز الإعلامي
على مدار أكثر من عقد، عاش نيمار ازدواجية معقدة، لاعب قادر على الحسم في أكبر المباريات ونجم يعيش تحت أضواء لا تنطفئ.
من سانتوس إلى برشلونة، ثم باريس، فالهلال، عرفت مسيرته لحظات قمة حقيقية، لكنها ترافقت دائمًا مع إصابات متكررة، جدل إعلامي دائم، إحساس عام بأنّ شيئًا ما ينقص هذه الرحلة، لم يكن ينقصها الموهبة، بل التركيز، الاستمرارية، والبيئة الصارمة.
هل اتهام نيمار بعدم الجدية منصف؟
السؤال مشروع، والإجابة ليست بسيطة. نيمار لم يكن لاعبًا كسولًا، ولم يتهرب من التحديات الكبرى، لكنه لم يحسن دائمًا اختيار معاركه، ولم يضع حدودًا واضحة بين حياته الخاصة ومسيرته المهنية.
الاحتراف الحديث لا يرحم، ومن يطمح ليكون في مصاف الخلود الكروي عليه أن يدفع الثمن كاملًا، لا جزئيًا.
مونديال 2026: إضافة حقيقية أم آخر محاولة؟
فنيًا، لا يزال نيمار قادرًا على تقديم الإضافة.. رؤية لعب، تمريرة حاسمة، هدوء في اللحظات المعقدة، لكن السؤال الأهم.. هل يستطيع أن يكون محور مشروع، أم مجرد ورقة خبرة؟
أنشيلوتي، المعروف ببراغماتيته، لن يستدعي اسمًا لمجرد تاريخه. المكان في المنتخب يُكسب لا يُطلب.. لا من ملعب ولا من مسرح.
موهبة بحجم تاريخ ومسيرة أقل من الممكن
هنا بيت القصيد. نيمار، في نظر كثيرين، هو آخر رقم 10 تقليدي في كرة القدم العالمية.. لاعب يلعب بالخيال، باللمسة، بالحدس، لكن هذا الرقم 10 لم يتحول إلى أسطورة كاملة.
نيمار جونيور يقدم وعدًا كبيرًا ويطلب مساعدة أنشيلوتي اقرأ المزيد
نيمار جونيور لم يفز بالكرة الذهبية لم يقد البرازيل لكأس عالم ولم يصل إلى المكان الذي وصل إليه الأيقونتان كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي.
في رأيي، نيمار لم يُخذل فقط من كرة القدم، بل خذلته الدائرة المحيطة به. هو، وأبوه، ووكلاء أعماله، وأصدقاؤه الذين رافقوه أينما حلّ وارتحل، أسهموا بدرجات مختلفة في صناعة حياة ضجيج أكبر من مساحة المستطيل الأخضر.
لكن في النهاية نيمار جونيور هو الأكثر لومًا لأنّ الموهبة، حين لا تُدار بحكمة لا تُقتل فجأة بل تُنهك صاحبها من الداخل.. ورغم كل ذلك فإن "راقص السامبا" المدلل سيبقى لاعبًا عظيمًا لكنه سيظل أيضًا سؤالًا مفتوحًا في تاريخ كرة القدم.. ماذا لو؟
هذا المحتوى مقدم من winwin
