من المتوقع أن تصل تدفقات المستثمرين الأفراد إلى سوق الأسهم الأميركية إلى مستوى قياسي في عام 2025، بنحو 301.4 مليار دولار بارتفاع قدره 53% على أساس سنوي، مقارنةً بـ197 مليار دولار في العام السابق. والسر في ذلك هو زيادة رغبة المستثمرين الأفراد في شراء الأسهم والمتوقع أن يستمر حتى العام المقبل، مدفوعاً بآمال خفض أسعار الفائدة.
وقد ارتفع حجم الأموال التي ضخها المستثمرون الأفراد في سوق الأسهم الأميركية حتى الآن بنسبة 14% مقارنةً بـ270 مليار دولار التي سُجلت في ذروة نشاط التداول الفردي في عام 2021، وذلك بحسب محللي جي بي مورغان. وفي الوقت نفسه، شكل التداول الفردي ما بين 20% و25% من إجمالي النشاط هذا العام، مسجلاً مستوى قياسيًا بلغ نحو 35% في أبريل، وفقًا لبيانات تداول منفصلة من جي بي مورغان.
انتهز المستثمرون الأفراد الفرصة لشراء أسهم عالية الجودة بأسعار مخفضة خلال موجات البيع، لا سيما بعد أن أدت تعريفات «يوم التحرير» التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى انهيار عالمي في أبريل، ما أسهم في دفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى مستويات قياسية جديدة، وقد ارتفع المؤشر القياسي بنحو 16% هذا العام. يقول ستيفن دي سانكتيس، استراتيجي الشركات الصغيرة والمتوسطة في جيفريز: «المستثمرون الأفراد باقون، خاصة في عام 2026. لقد حققوا أرباحًا هذا العام، وهم يفضلون تداول الأسهم، ولديهم الأدوات اللازمة لذلك. سنستمر في رؤية حضورهم القوي». وقد نمت مشاركة المستثمرين الأفراد في سوق الأسهم بشكل مطّرد على مر السنين، حيث سهّل ظهور شركات الوساطة منخفضة التكلفة والتي لا تفرض عمولات، مثل روبن هود وإنترأكتيف بروكرز، الوصول إلى السوق وجعله أقل تكلفة بالنسبة للأميركيين العاديين. حظي هذا التوجه باهتمام أوسع في عام 2021، حيث استخدم العديد من الأميركيين الذين التزموا منازلهم خلال جائحة كوفيد-19، والذين كانوا يتمتعون بسيولة نقدية وفيرة، منصات التداول عبر الهاتف المحمول للمراهنة على كل شيء، بدءًا من شركة جيم ستوب وصولًا إلى شركات التكنولوجيا الكبرى. ووفقًا لبيانات شركات الوساطة المالية ومسؤوليها التنفيذيين، كانت أسهم الذكاء الاصطناعي، مثل إنفيديا وبلانتير تكنولوجيز، من بين الأسهم المفضلة هذا العام، حيث تضاعفت قيمة الأخيرة أكثر من مرتين، إذ استغل صغار المتداولين انخفاض الأسعار بعد تراجع المستثمرين المؤسسيين بسبب مخاوف تتعلق بالتقييم. وبلغت أسهم تسلا وهي أيضًا من بين الأسهم المفضلة لدى صغار المتداولين، مستوى قياسيًا جديدًا في 17 ديسمبر، وهو أول مستوى لها منذ نهاية عام 2024. وقال ستيف سوسنيك، كبير الاستراتيجيين في إنترأكتيف بروكرز: «عادةً ما يكون سهما إنفيديا وتسلا الأكثر نشاطًا على منصتنا، وهذان مثالان فقط على كيفية استغلال المستثمرين الأفراد للفرص المتاحة، وفي كثير من الحالات، إجبارهم المستثمرين المؤسسيين على التفاعل معهم». شهدت شركات الحوسبة الكمومية، وشركات تعدين اليورانيوم، وشركات تعدين المعادن، وشركات العناصر الأرضية النادرة، إقبالاً كبيراً من المستثمرين الأفراد، حيث أصبحوا أكثر تركيزاً على الاستثمار في قطاعات محددة. وفقاً لمسؤولين تنفيذيين في منصات تداول رئيسية، كان من أبرز سمات التداول الفردي في عام 2025 تزايد الإقبال على صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) التي تتبع مؤشرات الأسهم والعملات المشفرة والسلع. يقول برايون ليك، الرئيس المشارك العالمي لإدارة ثروات الأطراف الثالثة في شركة غولدمان ساكس لإدارة الأصول: «لا يزال المستثمرون ينجذبون إلى تقنية صناديق المؤشرات المتداولة، فهي تُتداول على مدار اليوم، وتتميز بكفاءتها الضريبية وشفافيتها». ويضيف بريت كينويل، محلل الاستثمار الأميركي في منصة التداول «إيتورو»، أن صندوقي «دايلي سيميكونداكتور 3X بول» و«3X بير» من شركة «دايركسيون» احتلا مرتبة ضمن أفضل خمسة صناديق مؤشرات متداولة من حيث حجم التداول بالدولار على منصة «إيتورو». قال جو مازولا، رئيس قسم التداول والمشتقات في تشارلز شواب، إن المستثمرين الأفراد يتخذون قرارات تداول أكثر وعياً الآن، كما يتضح من انخفاض وتيرة ما يُسمى بـ«موجات الهوس بالميمات» وقصر مدتها، وأضاف: «كان المستثمرون الأفراد أكثر انسجاماً مع ديناميكيات السوق هذا العام». يتوقع المحللون وشركات الوساطة أن تستمر التخفيضات المحتملة في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في دعم الأسواق العام المقبل، مما يحافظ على زخم المستثمرين الأفراد في عام 2026. قد يؤدي ارتفاع تقلبات سوق الأسهم إلى انخفاضات قد تجذب أيضاً الأفراد الراغبين في المراهنة على انتعاش السوق، على الرغم من أن المؤشرات الحديثة تشير إلى انخفاض الحماس تجاه هذه الفرص مقارنةً بالماضي. ذكرت رويترز، الأسبوع الماضي، أن بورصة ناسداك تخطط لتقديم أوراق رسمية إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لإطلاق تداول الأسهم على مدار الساعة، وهي خطوة يعتقد المحللون أنها قد تُسرّع زخم المستثمرين الأفراد. قال ديفيد راسل، الرئيس العالمي لاستراتيجية السوق في تريد ستيشن: «نحن نعيش عصرًا ذهبيًا للاستثمار الفردي، مع سهولة الوصول إلى المعرفة والأسواق نفسها ومنصات التداول المتقدمة». ومع ذلك، في ظل استمرار الشكوك حول شركات الذكاء الاصطناعي التي هيمنت على السوق هذا العام، قال المحللون إنهم لا يتوقعون أن يتجاوز أداء العام المقبل الرقم القياسي المسجل في عام 2025، حيث قد يفكر المستثمرون في تنويع محافظهم الاستثمارية. (رويترز)
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
