نيويورك تايمز: جلادّو الأسد بطشوا بسوريا واليوم يعيشون في رغد متخفّين ويتهرّبون من العدالة

زاد الاردن الاخباري -

يُظهر تحقيق لصحيفة نيويورك تايمز حول أماكن وجود كبار المسؤولين السوريين الذين فرّوا بعد سقوط النظام أن كثيرين منهم ما زالوا أحرارًا، تحميهم الثروة ودولٌ مضيفة متساهلة.

توفّر الشقق السكنية التابعة لفندق فور سيزونز في موسكو غرف جلوس تزيّنها ثريات كريستالية، وإطلالات على الكرملين، وإمكانية الوصول إلى خدمة كونسيرج جاهزة لحجز أي شيء، من عروض باليه البولشوي الافتتاحية إلى رحلات بطائرات خاصة.

وتُسوَّق هذه المساكن، التي تصل كلفة الإقامة فيها إلى 13 ألف دولار أسبوعيًا، على أنها مثالية للتجمعات العائلية وحفلات الكوكتيل والفعاليات التجارية .

أو ربما، في حالة بعض مجرمي الحرب الأكثر طلبًا في العالم، تصلح لتكون بدايةً من فئة الخمس نجوم لحياة المنفى.

لعقود، قام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاؤه بتعذيب مئات الآلاف من الناس وإخفائهم قسرًا. وبقوة سلاح الجو الروسي، خاضوا حربًا استمرت 13 عامًا لقمع انتفاضة شعبية.

كثير من أعوان الأسد دفعوا رشى للصعود إلى طائرات شحن مكتظة متجهة إلى موسكو، ثم جرى إسكانهم في مساكن عسكرية، وكان من بينهم جميل حسن

لكن في ديسمبر/كانون الأول 2024، دفع هجوم خاطف شنّته فصائل المعارضة بالسيد الأسد ودائرته الضيقة إلى الفرار نحو روسيا، حيث أعادوا تجميع صفوفهم في واحد من أفخم العناوين في موسكو. ووفقًا لشهود ومعارف كانوا على صلة بمن حضروا تلك الأيام، أرادت السلطات الروسية وجودهم جميعًا في مكان واحد لغايات المراقبة الأمنية.

شوهد ماهر الأسد، البالغ 58 عامًا، شقيق بشار ورئيس قوات الصدمة المرعبة منذ زمن- الفرقة الرابعة المدرعة- في صالة الألعاب الرياضية بالفندق، وهو يهمهم بكلمات عن العار ، بحسب مسؤول سابق. أما آخرون فكانوا يتأملون مستقبلهم فوق موائد إفطار فاخرة، كما روى ثلاثة من أفراد مرافقي الفندق المرتبطين بدائرة النظام.

وقد تمكن تحقيق أجرته نيويورك تايمز من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين المرتبطين بأكثر الفصول دموية في تاريخ سوريا الحديث، بمن فيهم علماء طوّروا أسلحة كيميائية، ورؤساء أجهزة استخبارات متهمون بالتعذيب، وكشف تفاصيل جديدة عن ظروفهم الحالية وبعض نشاطاتهم الأخيرة.

سعت الصحيفة إلى فهم مصير 55 من قادة النظام السابق الذين اختفوا حين سقط الأسد من السلطة، وخلصت إلى أن كثيرين منهم يعيشون عامًا أول في المنفى بين حياة مرفهة أو اختفاءٍ حذر، وأن الغالبية الساحقة منهم تبدو وقد أفلتت من العدالة.

كانت هناك حفلات عيد ميلاد باذخة لبنات الأخوين الأسد في فيلا بموسكو وعلى متن يخت في دبي، وفقًا لأقارب وأصدقاء ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويقول شخصان مقربان من علي مملوك، رئيس جهاز مخابرات سابق كان في قمة الهرم الأمني، البالغ 79 عامًا، إنه يعيش في شقة بموسكو على نفقة روسيا ويتجنب الظهور، رافضًا استقبال معظم الزوار.

أما غسان بلال، البالغ 59 عامًا، والذي يُعد أحد أقطاب إمبراطورية المخدرات التابعة للنظام، فهو موجود في موسكو أيضًا، لكنه، بحسب ثلاثة ضباط سابقين، يدعم نمط حياة مريحًا لعائلته في الخارج، من إسبانيا إلى دبي.

غير أن كثيرًا من أعوان الأسد حظوا ببداية أقل رفاهًا. فقد دفعوا رشى للصعود إلى طائرات شحن مكتظة متجهة إلى موسكو، ثم جرى إسكانهم في مساكن عسكرية. وكان من بينهم جميل حسن، البالغ 73 عامًا، المدير السابق لاستخبارات القوات الجوية والمتهم بقيادة منظومة منهجية لتعذيب السجناء وإعدامهم، بحسب ثلاثة أشخاص قالوا إنهم التقوه منذ ذلك الحين.

وبينما توزع بعضهم خارج روسيا إلى الإمارات العربية المتحدة ولبنان، لم يغادر آخرون سوريا أصلًا وبقوا فيها متخفّين.

وفي المقابل، تُرك ضحايا أكثر من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد يتساءلون: أين ذهب الأشخاص الذين يقفون خلف بعض أسوأ الفظائع في هذا القرن؟ وهل سيواجهون العدالة يومًا؟

كان الرجال الـ55 الذين تناولهم تحقيق الصحيفة يتمتعون بقوة هائلة، لكن حضورهم العلني كان محدودًا. وكانت لديهم عقود لإتقان فن إخفاء الهوية عبر أسماء مستعارة وجوازات سفر مُشتراة . وجميعهم خاضعون لعقوبات دولية؛ ويواجه بعضهم مذكرات توقيف دولية.

ولسدّ فراغات كثيرة حول مصائرهم، فتّشنا في فيلات مهجورة كان يستخدمها النظام، ونقبنا الإنترنت المفتوح، وتشاورنا مع ناشطين ومحامين سوريين يلاحقون جلادي الأمس. وأجرينا مقابلات مع جهات إنفاذ قانون دولية ومع مسؤولين سابقين في النظام. وفي بعض الحالات، واجهنا هؤلاء وجهًا لوجه.

تمكّن عملنا الصحافي من تحديد أماكن وجود نصف هؤلاء المنفذين تقريبًا. ولم نجد سوى شخص واحد بدا أنه محتجز. أما الآخرون، فقد اختفوا تمامًا أو تركوا أثرًا ضئيلًا.

وكان كل من قابلناهم تقريبًا يتحدثون بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، لأنهم منخرطون في جهود سرية لملاحقة العدالة أو يخشون الانتقام- سواء من رموز النظام السابق أو من ضحايا جرائمهم.

يقول المحامون والناشطون الذين يسعون لتعقب مرتكبي جرائم حقبة الأسد ومحاسبتهم إنهم يصطدمون بغياب الإرادة السياسية. فالحكومة السورية الجديدة تركز على تثبيت السيطرة على البلاد. وبعض الحكومات الأجنبية- بحسبهم- تتردد في تسليم حلفاء قدامى، أو تفضّل استخدام الفارين كمصادر استخباراتية.

موجات تسوق ومساكن سوفيتية

بالنسبة لبعض أفراد نخبة النظام، بدت الأشهر الأولى في موسكو وكأنها نوع من سياحة المنفى .

ظهر جمال يونس، 63 عامًا، والمتهم بإصدار أوامر مباشرة بإطلاق النار على متظاهرين غير مسلحين، في فيديو نُشر على الإنترنت وهو يقود سكوترًا حول الملعب الوطني الروسي. وقد أكد معارف من بلدته صحة الفيديو.

وشوهد وزير الدفاع السابق علي عباس، 64 عامًا، ورئيس الأركان السابق عبد الكريم إبراهيم، 62 عامًا- وكلاهما متهم بالتعذيب والعنف الجنسي خلال الانتفاضة السورية- يتجولان في مركز إيوروبين مول الأوروبي اللامع ذي الطوابق الثمانية في موسكو، بحسب أحد المعارف القدامى.

أما كفاح ملحم، 64 عامًا، فبحسب شخصين على تواصل معه، يعيش في فيلا كبيرة في موسكو مع صهره غسان إسماعيل، 65 عامًا. ويُتهم الجنرالان السابقان في الاستخبارات بالإشراف على تعذيب المتظاهرين واحتجازهم.

الغالبية الساحقة من أعوان الأسد أفلتوا من العدالة، ويعيشون بين منفى مرفّه أو اختفاء حذر، بينما يواصل الضحايا التساؤل ما إذا كان هؤلاء سيحاسَبون يومًا ما

وكان ملحم واحدًا من القلة التي استطاعت الصحيفة التواصل معها للحصول على تعليق. وقد أرسل ردًا مطولًا ينفي فيه اتهامات بجرائم ضد الإنسانية. وزعم أن أي تجاوزات ارتكبها نظام الأسد تتضاءل مقارنة بجرائم ارتكبها قادة سوريا الجدد، الذين قادوا سابقًا جماعةً مرتبطة بـ القاعدة ، قبل أن يسلكوا مسارًا أكثر اعتدالًا.

وكتب: هذا ليس بهدف التغطية على جرائم النظام السابق أو انتهاكاته، اذكروا هذه الجرائم بصدق وعدالة، ولكن هل تعتقدون حقًا أن النظام السابق يمكن مقارنته بالقاعدة؟ . وأضاف أن الحالات الموثقة للتعذيب والإعدام الجماعي في سجون مثل صيدنايا مفبركة .

وعندما سُئل عن حياته في روسيا، قال ملحم فقط: نعيش كمواطنين عاديين .

وبالنسبة لأشخاص اعتادوا الامتياز والسلطة طويلًا، لم يخلُ المنفى الروسي من الإهانات.

فالمسؤولون الذين اعتادوا إسكات خصومهم بوحشية أصبحوا هم أنفسهم من يجري تكميمهم. فقد طالبت روسيا بحظر صارم على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو التحدث علنًا، بحسب عدة مسؤولين سابقين وأقاربهم. كما تقيد البروتوكولات الأمنية حركة كثير من كبار المسؤولين بشدة، وفقًا لهم.

ولم ترد السلطات الروسية على أسئلة الصحيفة بشأن وجود مسؤولين من عهد الأسد على أراضيها.

واقعٌ أكثر إذلالًا بدأ بالنسبة لأكثر من 1,200 ضابط سوري عندما هرعوا، وأحيانًا دفعوا رشى، للصعود إلى طائرات إليوشن المتجهة إلى موسكو من قاعدة روسية على الساحل السوري. وعند وصولهم، قال من تحدثوا إليهم إن الضباط ملأوا طلبات لجوء مؤقت، ما جعل كثيرين يشعرون بأن وضعهم في روسيا هشّ.

لم ينل هؤلاء الضباط معاملة فور سيزونز ، فقد جرى إرسالهم إلى منشآت تعود إلى الحقبة السوفيتية، غالبًا على هيئة سكن شبيه بالمهاجع: ثلاثة إلى أربعة أشخاص في الغرفة الواحدة، وفقًا لأربعة ضباط سابقين. وكانوا يتذمرون من الطعام الروسي ومواعيد الوجبات الصارمة.

وبينما جمعهم المكان قسرًا، كانوا أحيانًا يسوّون حسابات قديمة.

في حادثة حظيت بحديث واسع داخل إحدى تلك المساكن في موسكو، ضرب بعض الضباط الغاضبين وبصقوا على آصف الدكر، 60 عامًا، قائد الشرطة العسكرية المتهم بالإشراف على تعذيب السجناء، والمتهم كذلك من كثير من مرؤوسيه بابتزازهم. وقد روى القصة الضباط الأربعة، وأكدها أيضًا مساعد ما زال على تواصل مع الدكر.

وبعد أسابيع في المنفى، قال عدة أشخاص على صلة بالضباط إنهم عُرض عليهم خياران:

إما الخروج والعيش بحرية بأموالهم الخاصة، أو البقاء على إعانات الدولة مع توزيعهم في أنحاء روسيا. وقيل إن بعض من اختاروا الخيار الثاني انتهى بهم المطاف في مناطق بعيدة تصل إلى سيبيريا.

وقال نظراء من رموز النظام إن كثيرًا من كبار القادة تمكنوا من تأمين.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من زاد الأردن الإخباري

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من زاد الأردن الإخباري

منذ ساعتين
منذ 14 دقيقة
منذ 39 دقيقة
منذ ساعتين
منذ 11 دقيقة
منذ ساعتين
خبرني منذ 5 ساعات
وكالة عمون الإخبارية منذ 15 ساعة
موقع الوكيل الإخباري منذ 9 ساعات
قناة رؤيا منذ ساعتين
قناة المملكة منذ 12 ساعة
وكالة عمون الإخبارية منذ 14 ساعة
خبرني منذ 18 ساعة
وكالة عمون الإخبارية منذ 7 ساعات