سوريا بعد عام التحول.. إنجازات تحققت وتحديات تنتظر

شهد عام 2025، العديد من الإنجازات التي تُحتسب للإدارة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، بداية من رفع العقوبات وإدخال سوريا إلى النظام العالمي، وصولاً إلى تطوير وتحسين القطاعات الاقتصادية الرئيسية مثل النفط والغاز.

رغم ذلك، فإن المسيرة ليست سهلة، بل تواجه تحديات متشابكة عند أكثر من مستوى، فبداية من ملف إعادة الإعمار إلى تثبيت الأمن، وصولاً إلى كيفية نسج سوريا لعلاقاتها مع الصين وروسيا من جهة وواشنطن من جهة أخرى، كلها تحديات على الإدارة الجديدة معرفة كيفية التعامل معها خلال 2026 والأعوام التالية.

رفع العقوبات أهم الإنجازات ليس من باب المبالغة القول إن رفع العقوبات الغربية المفروضة على نظام بشار الأسد من أبرز الإنجازات التي تمكنت سوريا من تحقيقها. ففي 19 ديسمبر الجاري، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب قانون تقويض الدفاع الذي يتضمن إلغاء عقوبات "قانون قيصر" عن سوريا.

أشار محافظ مصرف سورية المركزي عبد القادر حصرية إلى أن هذا القرار سيفتح فرصاً مهمة أمام البلاد، من بينها الحصول على تصنيف ائتماني سيادي. وأضاف أن الإلغاء يزيل حاجزاً قانونياً أساسياً أمام إعادة اندماج سوريا في النظام المالي الدولي.

حصرية لمّح إلى السعي للحصول على تصنيف ائتماني سيادي غير معلن واستشاري كخطوة أولى، ثم الانتقال إلى تصنيف علني عندما تسمح الظروف، لافتاً إلى أن من المرجح أن تحصل سوريا في البداية على تصنيف ائتماني منخفض، معتبراً أن ذلك أمر طبيعي بالنسبة للدول الخارجة من نزاعات.

عملياً، سيحقق إلغاء العقوبات أثراً اقتصادياً ضخماً بالنسبة لسوريا. وفي مقابلة مع "الشرق"، رأى حصرية أن هذه الخطوة سترفع الاستثمار والنقل، وتزيد من مساهمة القطاع المالي في الناتج المحلي الإجمالي، مؤكداً أن القطاع المالي سيكون المستفيد الأول، بعدما تسببت العقوبات في "عزل القطاع عن العالم".

ظهرت آثار إزالة العقوبات حتى قبل توقيع القانون، إذ أعلنت البلاد عودتها للعمل بنظام "سويفت" العالمي، كما بدأت بعض المصارف العالمية والإقليمية في التعامل مع سوريا، في وقت وقّع مصرف سورية المركزي اتفاقية مع شركة "فيزا" العالمية تتضمن خارطة طريق لبناء منظومة المدفوعات الرقمية.

تحديات في ملف العقوبات لكن هذه الإنجازات لا تلغي التحديات التي ستواجه هذا القطاع في 2026، إذ يطلب القانون من الرئيس الأميركي تقديم تقرير للكونغرس كل 6 أشهر خلال السنوات الأربع المقبلة لتقييم أداء الحكومة السورية، ومدى اتخاذها "إجراءات ملموسة" في عدة ملفات من بينها القضاء على تهديد "الجماعات الإرهابية".

هذا يعني أن الحكومة السورية ستكون أمام مطالب أميركية وغربية للقضاء على تهديدات هذه الجماعات، في وقت أنها لم تنه بعد عملية بناء الجيش وترسيخ سلطتها على كامل الأراضي السورية، وسط تزايد لهجمات "داعش" في البلاد.

تحسن في الكهرباء وإنتاج النفط والغاز منذ الأيام الأولى لتسلمها السلطة، سارعت الإدارة الجديدة إلى البدء بعمليات صيانة وتطوير لمنشآت الكهرباء والغاز والنفط، خصوصاً أنها تمثل حجر الأساس لتطوير الاقتصاد، وتشكّل عاملاً مباشراً في تحسين معيشة المواطنين مع وصول نسبة الفقر داخل البلاد إلى 90%.

خالد أبو دي، المدير العام لمؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء، أكد في تصريحات سابقة لـ"الشرق" أن الإنتاج الكهربائي لا يغطي إلا 20% من إجمالي الاحتياجات الحالية لافتاً إلى أن كلفة إعادة تأهيل القطاع تُقدّر بنحو 40 مليار دولار، وهو ما يعادل ضعف الناتج المحلي الإجمالي الحالي.

رغم ذلك، تمكنت البلاد خلال هذه السنة من زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 2400 ميغاواط بدعم من التحسينات وعمليات الصيانة، ما خفف من ساعات التقنين الكهربائي في مختلف المحافظات، في وقت تواصل العمل على جذب شركات إقليمية وعالمية للعمل في هذا القطاع.

أبرز الاتفاقات الموقعة في مجال الكهرباء في 2025

نوفمبر: سوريا تستعين بـ"أكوا باور" السعودية لوضع خطة تطوير قطاع الطاقة حتى 2040.

نوفمبر: دمشق تبحث مع البنك الدولي إطلاق مشاريع في قطاع الكهرباء.

نوفمبر: تفاوض مع "سيمنز" و"جنرال إلكتريك" لتوريد توربينات كهرباء ضمن مشروع ضخم لإعادة بناء قطاع الطاقة.

أغسطس: السعودية وسوريا توقعان اتفاقية و6 مذكرات لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة.

مايو: أعلنت سوريا توقيع مذكرات بقيمة 7 مليارات دولار مع عدد من الشركات، بهدف إنعاش قطاع الكهرباء في البلاد.

فبراير: سوريا تبدأ إنتاج الغاز من بئر "تيأس 5" لدعم محطات الكهرباء

في قطاع النفط، عملت البلاد أيضاً على رفع معدلات الإنتاج لتناهز 100 ألف برميل يومياً، بعدما بلغت في 2023 نحو 30 ألف برميل يومياً، انخفاضاً من 400 ألف برميل بين 2008 و2010.

وتقدر احتياجات سوريا من النفط حالياً قرابة 120 ألف برميل يومياً، بحسب تصريحات محمد البشير وزير الطاقة السوري لـ"تلفزيون سوريا"، مرجحاً ارتفاع هذه الحاجة إلى نحو 200 ألف برميل في المرحلة المقبلة، مع تسارع متطلبات إعادة الإعمار وعودة النشاط إلى القطاعات الإنتاجية والخدمية.

وتمتلك البلاد مصفاتين رئيسيتين للنفط، هما "بانياس" بطاقة إنتاجية تبلغ 120 ألف برميل يومياً، ومصفاة "حمص" التي تبلغ طاقتها 100 ألف برميل يومياً.

وأعلنت البلاد في أبريل تشغيل مصفاة "بانياس" للمرة الأولى منذ سقوط نظام الأسد، في حين صدّرت لأول مرة منذ سنوات شحنة قدرها 600 ألف برميل من النفط الثقيل.

وعلى صعيد الغاز، وقعت البلاد عدة اتفاقات مع شركات إقليمية وغربية لتطوير هذا القطاع، في مسعى يتوقع أن ينعكس تدريجياً على الإنتاج المحلي. ويأتي ذلك بعد أن تسببت الحرب في تراجع إنتاج الغاز إلى نحو 10 ملايين متر مكعب يومياً، وهو مستوى يقل عن احتياجات محطات توليد الكهرباء المقدّرة بنحو 18 مليون متر مكعب يومياً.

أبرز تطورات ملفي الغاز والنفط في 2025

أعلنت البلاد في أبريل تشغيل مصفاة "بانياس" للمرة الأولى منذ سقوط نظام الأسد

تعكف البلاد على بناء مصفاة جديدة بطاقة تبلغ 150 ألف برميل يومياً.

تمكنت من تصدير شحنة قدرها 600 ألف برميل من النفط الثقيل، في خطوة هي الأولى من سنوات.

وقّعت سوريا في نوفمبر مذكرة مع شركتي "كونوكو فيليبس" و"نوفاتيرا" الأميركيتين، لتطوير قطاع الغاز.

وقعت "دانة غاز" الإماراتية مذكرة تفاهم تمهيداً للاستثمار في قطاع الطاقة بالبلاد.

أبرز تحديات ملفي النفط والغاز تتمثل العقدة الرئيسية في هذين الملفين في "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، إذ تسيطر على غالبية مواقع إنتاج النفط في شمال شرقي البلاد.

ورغم التوصل لاتفاق بين الحكومة و"قسد" في 10 مارس الماضي، إلا أن التعقيدات لا تزال متواصلة، وأبرز مثال على ذلك الاشتباكات التي وقعت في الأيام الأخيرة بين القوات الحكومية وقوات من "قسد" في حلب.

بالإضافة لذلك، فإن الاهتمام الإقليمي والغربي في تطوير قطاعي النفط والغاز لن يوصل إلى زيادة الإنتاج بشكل فوري، خصوصاً أن الاستثمارات في هذه القطاعات غالباً ما تكون "طويلة الأجل"، بحسب تعبير حصرية.

تخطط سوريا للبدء بالتنقيب عن النفط والغاز في البحر وفق وزير الطاقة محمد البشير، في وقت هناك تداخل تاريخي لمكامن النفط والغاز بين سوريا ولبنان، ما يتطلب اتفاقاً واضحاً بين البلدين على ترسيم الحدود البرية والبحرية.

ولذلك، فإن السلطات السورية بحاجة لإنهاء هذه الملفات وحلها، لإعطاء ضمانات واضحة وطويلة الأمد للشركات الراغبة في تطوير القطاعين، بهدف إعادة الإنتاج لما كان عليه قبل الحرب، أو حتى رفعه عن هذا المعدل.

النقل والسياحة أولوية لم تقتصر الإنجازات على القطاعات النفطية، إذ ركزت البلاد أيضاً على القطاعات الخدمية وتلك التي قد تعزز تدفق العملات الصعبة إلى البلاد مثل السياحة.

وبدأت السلطات بالعمل على تعزيز عمليات نقل المنتجات النفطية من السعودية وتركيا وقطر، وحتى أذربيجان، إلى سوريا، كما ستُخصص أجزاء من منحة البنك الدولي البالغة 146 مليون دولار لإصلاح محطات التحويل في المناطق المتضررة، في وقت تبحث مع لبنان تحديث اتفاقية ربط الكهرباء، وتعمل على تحسين تشغيل أنبوب النفط الذي يربط البلاد بالعراق.

بالإضافة لذلك، شكّل الرئيس السوري في نوفمبر، "الهيئة العامة للمنافذ والجمارك"، في خطوة تهدف إلى إعادة تنظيم عمل المنافذ البرية والبحرية والمناطق الحرة، وتعزيز كفاءة الإجراءات الجمركية واللوجستية.

يأتي ذلك بعدما أعلنت سوريا في أغسطس، عن واحدة من أضخم خططها الاستثمارية منذ عقود، كاشفة عن 12 مشروعاً استراتيجياً، على رأسها تطوير وتوسعة مطار دمشق الدولي، وشبكة مترو في العاصمة، إضافةً إلى مشروعات عقارية وتجارية ضخمة، وبلغت العقود الموقعة المرتبطة بهذه المشاريع 14 مليار دولار.

كما أعلنت دمشق في ديسمبر الجاري، عن حزمة مشاريع في القطاع السياحي بقيمة 1.5 مليار دولار تشمل تطوير منشآت قائمة، وإنشاء فنادق ومنتجعات ومدن ترفيهية.

تحديات أمام قطاع السياحة في 2026 رغم إبداء العديد من الشركات مثل "بن داود للاستثمار" السعودية و"الحبتور" الإماراتية اهتماماً بالدخول إلى هذا القطاع في سوريا، إلا أن أي تحسن في القطاع يتطلب استقراراً أمنياً.

وتعاني البلاد من تزايد هجمات تنظيم "داعش"، بالإضافة إلى اشتباكات متفرقة بين الحين والآخر، كان آخرها اشتباكات السويداء. الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة لا تقل خطورة، وهي من التحديات الرئيسية التي تعيق قدرة الدولة على بناء القطاعات والاقتصاد.

هذه التوترات الأمنية قد تؤثر على شهية الشركات الراغبة في الدخول إلى السوق السورية، بالإضافة إلى تدفق الاستثمارات المخصصة لهذا القطاع الذي يعتمد بشكل رئيسي على الاستقرار الأمني والسياسي.

إنجازات السياسة النقدية تدرك سوريا أن النهوض باقتصادها يتطلب إصلاحات أساسية في السياستين المالية والنقدية.

حصرية كشف في نوفمبر عن خطوات تركز على ثلاثة أدوار رئيسية، أبرزها "توفير مؤسسات مالية استثمارية". وأصدر المصرف المركزي التعليمات التنفيذية لترخيص المصارف الاستثمارية، وبدأ بالفعل حواراً مع عدد من البنوك والمستثمرين الراغبين في الحصول على تراخيص لتأسيس هذه المصارف الجديدة.

أما الدور الثاني فيتعلق بـ"إصلاح القطاع المصرفي وإعادة تأهيل المصارف القائمة"، لبلوغ عدد المصارف في البلاد 30 مصرفاً بحلول عام 2030، في حين أن الدور الثالث يركز على أن تصبح سوريا "مركزاً إقليمياً" للتمويل الإسلامي إلى.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اقتصاد الشرق مع Bloomberg

منذ 7 ساعات
منذ ساعة
منذ 4 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 56 دقيقة
قناة CNBC عربية منذ 18 ساعة
فوربس الشرق الأوسط منذ ساعة
قناة العربية - الأسواق منذ ساعتين
منصة CNN الاقتصادية منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ 4 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 14 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 13 دقيقة