بحكم واجبي في تغطية التطورات المصرية على مدى ثلاثة عقود متتالية كانت التنقلات والسفر من بيروت إلى القاهرة والإسكندرية وبورسعيد وأسوان السد العالي بصور متتالية. كتبتُ الكثير عن المسيرة السياسية للرؤساء المتتالين على حُكْم مصر، جمال عبد الناصر وأنور السادات الذي تسلَّم القيادة بعد الوفاة المفاجئة للرئيس عبد الناصر، ثم جاء الرئيس حسني مبارك. وكانت الأحداث السياسية هي محور التغطية.
مارس السادات، دورَ الصحافي، وكان عضواً في مجلس قيادة «ثورة 23 يوليو 1952، مشْرفاً على صحيفة «الجمهورية». لكن هذه الصفة لا تعني أنه لم يُمارس مهنة الصحافة والكتابة مِن قبل «ثورة 23 يوليو»؛ حيث إنه بسبب دوره في عملية اغتيال شخصية سياسية مرموقة عام 1946، ونعني بذلك «قضية اغتيال أمين عثمان»، تم إيداعه السجن، فنَشط كتابياً مع سجناء آخرين في نشْر أوراق ذات صفة صحافية علَّقوها على جدران السجن، ثم على حد ما ذَكَره الدكتور خالد عزب وعمرو شلبي في كتاب نشراه بعد ثلاثين سنة من اغتيال السادات، أصدر المساجين، ومنهم أنور السادات، مجلة بتسمية «الهنكرة والمنكَرة»، تلتْها مجلة بتسمية «التاج الأحمر». وكون السادات يُتقن اللغة الألمانية ترجم إلى العربية أعمالاً استهوته قراءته لها. ومثْل هذا الإلمام باللغة الألمانية نادرٌ، كون المصريين في ذلك الزمن ألمّوا بنِسب متفاوتة باللغات الإنجليزية والفرنسية والتركية. تجربة الكتابة والترجمة في سنوات ما قبْل انتسابه إلى «ثورة 23 يوليو»، أفادته في أنه بات يكتب مقالات تنشرها مجلات زمن انطلاق ظاهرة النشر، متمثلة في «روز اليوسف» و«الزمان» و«دار الهلال».
وهنا نجد أنور السادات، ذلك الصحافي الذي يتقاضى أجراً مقابل ما يكتبه. وهذا شجعه على أن يزوِّد الدار الهلالية بمذكرات حول الثلاثين شهراً التي أمضاها سجيناً. لكن تبقى مقالاته في صحيفة «الجمهورية» وكذلك في مجلة «التحرير» هي اللافتة، بصفة كونه من ضباط الثورة (والوحيد بين الضباط الذي تلا البيان الأول للثورة) هي العاكسة في ثنايا كلماتها موقف «ثورة 23 يوليو». ومثْل هذا الدور بات لاحقاً من نصيب محمد حسنين هيكل الذي اعتمده عبد الناصر ناطقاً بأفكاره أو مشاركاً في أجواء اتخاذ القرار، مع أنَّ السادات كان نائب الرئيس. لكن ما كانت تتضمنه مقالات يكتبها السادات كَشَفَ حقائق وخفايا عن قوى تعارض «ثورة 23 يوليو»، وأبرزها جماعة الإخوان المسلمين، التي لم تُوقِف حراكها ضد الحقبة الناصرية، تليها الحقب التي قاد البلاد فيها أنور السادات بعدما بات رئيساً، ثم يكمل الرئيس حسني مبارك دور التصدي، لتحدُث بعد ذلك سنة حُكم إخوانية ما لبث أن طوى صفحتها الرئيس عبد الفتاح السيسي. عدا البداية الساداتية.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط
