لماذا تضاء الشموع في ليلة الميلاد؟. قراءة تقدم رؤية تحفل بكثير مما هو غير معلوم عن "الكريسماس"، تلك الكلمة ذاتها التي ترجع إلى اللغة المصرية القديمة، قبل أن تذهب إلى قاموس اللغات العالمية دفعة واحدة. لاتفوتوا القراءة

ملخص في الخلاصة، من المؤكد أن شعوب العالم المحتفلة بـ"الكريسماس"، تمضي غالب الوقت في طريق بسط عباءتها الثقافية والفكرية على "الكريسماس"، كل بطريقته وأريحيته، أسلوبه ومنهجه، مأكولاته ومهرجاناته، لكن يبقى الجامع، كونها أيام فرح ومسرة حيث "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة".

إنه "الكريسماس"، زمن الاحتفالات والمهرجانات، تلك التي حاولت درء صقيع أوروبا وأميركا، بدفء لم الشمل وتبادل الهدايا، وتغيير أنماط الحياة الرهيبة، ليتحول المشهد من طقس ديني ليتورجي، إلى فولكلور شعبي طاغٍ. يحل "الكريسماس" فتظهر ثقافات الشعوب، وكل منها له طابعه الاحتفالي الخاص، ليجعل منه العطلة المميزة، وفي مقدم ملامحها ومعالمها، الأطباق المميزة أو الحلويات التي لا تظهر إلا مرة واحدة في السنة. في "الكريسماس" يقدم الناس الهدايا بعضهم لبعض، ما يجعل للعيد نكهة خاصة، ويقيمون المهرجانات الموسيقية والحفلات الخاصة، في محاولة لرفع عناء عام كامل من العمل الدؤوب والشاق، حيث الإجازة تمتد غالباً من الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر (كانون الأول) إلى الأسبوع الأول من شهر يناير (كانون الثاني). لكن الأسئلة من حول أصل عيد الميلاد، وحلقات احتفالاته، لا تزال تثور وتدور، ما بين الأسطورة والحقيقة، وبين التاريخ المثبت عند المؤرخين، وما ورد في الكتب السماوية، الأمر الذي يخلق مجالاً واسعاً من التفكير في ما هو أبعد من مجرد اللهو والمتعة على أهميتهما في هذا الزمان.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more في هذه القراءة نحاول تقديم رؤية تحفل بكثير مما هو غير معلوم عن "الكريسماس"، تلك الكلمة ذاتها التي ترجع إلى اللغة المصرية القديمة، قبل أن تذهب إلى قاموس اللغات العالمية دفعة واحدة.

شجرة عيد الميلاد مضاءة خلال تساقط الثلوج في برلين، ألمانيا، 1 ديسمبر 2022 (رويترز)

في إشكالية تاريخ "الكريسماس" أولاً تكثر الروايات حول الجذور التاريخية ليوم 25 ديسمبر، إذ يعتقد معظم المؤرخين، وفيهم نسبة كبرى من المسيحيين أنفسهم، أن أصل عيد الميلاد هو الأعياد الوثنية التي كانت مخصصة لعبادة إله الشمس "سول إنفكتوس"، أو إله زحل "ساتورناليا"، أو إله الشمس الفارسي الذي تبناه الرومان "ميثرا".

أكاديمياً تعرف هذه النظرية بنظرية الأديان التاريخية، وتشير هذه النظرية إلى أن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بدأت الاحتفالات بعيد الميلاد في عام 336 لتحل محل الاحتفالات الوثنية، غير أن العديد من المخطوطات والنظريات القديمة تشير إلى أن الاحتفالات الأصلية بعيد الميلاد بدأت حتى قبل عام 336. فهناك بعض المصادر من عام 200 ضمناً، وبشكل صريح، تقطع بأن يوم 25 ديسمبر قد تم تحديده كتاريخ ميلاد السيد المسيح.

على سبيل المثال، ذكر عالم اللاهوت البارز في الكنيسة الكاثوليكية هيبوليتوس (170-235) في كتابه الشهير "تعليق على سفر دانيال" الذي كتبه عام 204، أن يسوع ولد في بيت لحم، في حدود 25 ديسمبر، بحسب التقويم اليولياني، وهو تقويم شمسي قدمه يوليوس قيصر عام 46 قبل الميلاد. غير أن هناك روايات أخرى للتاريخ، منها ما هو موصول بالتقاليد اليهودية، إذ يتزامن تاريخ الحمل بالشخص المقدس مع تاريخ وفاته، ولهذا اعتقد المسيحيون الأوائل أن 25 مارس (آذار) هو تاريخ صلب المسيح بحسب المفهوم الإيماني المسيحي. وبناء على هذا الافتراض اللاهوتي، يُظهر الحساب أن حمل يسوع حدث أيضاً في 25 مارس، ما يعني أن المسيح ولد بعد 9 أشهر بالضبط، أو في 15 ديسمبر. ويعرف هذا الحساب القائم على فكر لاهوتي باسم نظرية الحساب، ما يعني أن موعد "الكريسماس" لم يكن مرتبطاً منذ البداية بتاريخ آلهة وثنية للشمس أو غيرها.

زينة الميلاد في أحد شوارع لندن، بريطانيا، 1 ديسمبر 2022 (رويترز)

في أصل الاحتفالات بأعياد "الكريسماس" هل من كتب ووثائق قديمة يمكن الرجوع إليها في بحثنا عن أصل عيد الميلاد والاحتفالات التي كانت تجرى من حوله؟

مؤكد أن هناك ثلاث مخطوطات وجدت قبل عام 330 وهي بالترتيب: كتاب الرسل، كتاب البابوية، ورسالة ثيوفيلوس، والتي تقدم نصوصاً عن الحياة الرعوية للمسيحيين الأوائل، واحتفالاتهم الدينية، وأسماء البابوات.

في كتاب الرسل، أو الدسقولية، والذي يروي حياة الحواريين الأوائل، ويعود تاريخه إلى عام 250 ميلادية، يذكر النص الاحتفال بمولد السيد المسيح، ثم بعيد الغطاس، ثم بزيارة المجوس الثلاثة إلى مدينة بيت لحم.

ويشير كتاب Liber Pontificals الذي يتضمن سيرة ذاتية مختصرة للبابوات، إلى أن الاحتفال بعيد الميلاد، يعود إلى القرن الثاني الميلادي، ويكشف النص أن البابا تيلسفورس (125-136) هو من أمر بالاحتفال بعيد ميلاد المسيح وإن لم يذكر النص تاريخ الاحتفال على وجه التحديد، لكن في كل الأحوال يثبت الكتاب أن الاحتفال بمولد المسيح أقدم مما كنا نعرف.

أما رسالة ثيوفيلوس، فتذكر يوم 25 ديسمبر كتاريخ للاحتفال بميلاد المسيح، ويشير النص إلى أن الاحتفال كان قبل عام 196 ميلادية، لذا يرجح أن يكون عيد الميلاد قد احتفل به قبل ذلك. على أن وثائق الإمبراطورية الرومانية ربما يكون لها دعم وسند لفكرة 25 ديسمبر بنوع خاص، وهو ما يورده المؤرخ الكاثوليكي الأب فرانسيس إكس وايزر (نمساوي الأصل فرّ في زمن النازية إلى الولايات المتحدة) في مؤلفه العمدة "دليل الأعياد والعادات المسيحية".

احتفالات بالميلاد في الولايات المتحدة (رويترز)

عند وايزر أنه لم يُسلم أي سبب رسمي في الوثائق الكنسية لاختيار هذا التاريخ. ونتيجة لذلك، "قُدمت تفسيرات مختلفة لتبرير الاحتفال بميلاد الرب في هذا اليوم تحديداً" على حد تعبيره.

في كتابه يشير إلى أن بعض الآباء والكتاب الأوائل رأوا أن 25 ديسمبر هو التاريخ الفعلي لميلاد المسيح، وأن السلطات في روما أثبتت هذه الحقيقة من السجلات الرسمية للتعداد الروماني الذي أجري وقت ميلاد المخلص. هذا الرأي تبناه القديس يوحنا الذهبي الفم، واستخدمه للدفع في اتجاه اعتماد التاريخ الروماني في الكنيسة الشرقية. إلا أنه أخطأ، إذ لم يدّعِ أحد في روما قط وجود سجلات تعداد الوالي الروماني كيرينوس هناك في القرن الرابع، ناهيك عن تسجيل عيد ميلاد المسيح في القوائم بالواقع، ولهذا يبقى تاريخ مولد المسيح غير معروف، لا سيما في ظل تقاليد مختلفة سادت أجزاء مختلفة من العالم عبر قرابة 2000 عام.

لكن وفي كل الأحوال، سرعان ما أصبح عيد الميلاد أو "الكريسماس"، عيداً بالغ الأهمية، حتى أنه أصبح يمثل بداية السنة الكنسية منذ القرن الخامس الميلادي. وبعد القرن الـ 10 الميلادي، أصبح موسم الميلاد جزءاً لا يتجزأ من دورة عيد الميلاد.

كيف انتشرت الاحتفالات في أوروبا بحسب المؤرخ فرنسيس وايزر، كان الرواد الدينيون العظماء الذين نقلوا المسيحية إلى القبائل الوثنية في أوروبا هم من أدخلوا الاحتفال بعيد الميلاد، فقد وصل إلى إيرلندا القديس باتريك عام 461 ميلادية، وإلى إنجلترا عن طريق القديس أوغسطينوس من كانتربري عام 604، ومن ثم إلى بقية بلدان أوروبا بواسطة وعاظ ودعاة آخرين، وكان معظم هؤلاء أول أساقفة للبلدان التي اعتنقوا فيها المسيحية، لذلك أسسوا ونظموا الاحتفالات بالميلاد في الدول حديثة الإيمان. وبحلول عام 1100 تقريباً، كانت كل دول أوروبا قد اعتنقت المسيحية، واحتقل بعيد الميلاد في كل مكان بتفانٍ وفرح كبيرين. تاليا شهدت الفترة الممتدة من القرن الـ 12 إلى القرن الـ 16 ذروة الاحتفالات المسيحية بعيد الميلاد. ليس فقط في الكنائس والأديرة بل في المنازل أيضاً، وكانت فترة من الشعائر الدينية الملهمة والمبهجة، فقد كتبت الترانيم ومسرحيات عيد الميلاد. وفي هذه الفترة أيضاً، ظهر معظم عادات عيد الميلاد المبهجة في كل بلد، بعضها اندثر منذ ذلك الحين، بينما تغير بعضها الآخر قليلاً على مرّ العصور، بينما نجا كثير منها حتى يومنا هذا، وتم قمع بعض الممارسات التي اعتبرت غير لائقة بالحدث الروحي الكبير.

احتفالات "الكريسماس" في طوكيو (رويترز)

هل كان زمن ما عرف بالإصلاح الديني في منتصف القرن الـ 16 نقطة محورية في تغير الاهتمام بأعياد الميلاد؟ الشاهد أن ذلك كذلك، فقد طرأ تغيير جذري على احتفالات الميلاد في العديد من دول أوروبا، حيث ألغي طقس القداس، واختفى القربان المقدس، واللذان هما جوهر الحياة المسيحية التقليدية، عطفاً على غياب طقوس الفرض الإلهي، والطقوس الدينية الأخرى، وكذلك اختفت المواكب الزاهية والملهمة، وتبجيل السيدة العذراء مريم والقديسين في العديد من الدول الأوروبية، ولم يتبقَّ من هذا العيد الغني والمجيد إلا عظة وصلاة في يوم العيد، وعلى رغم أن الناس حافظوا على العديد من عاداتهم، إلا أن الإلهام الديني العميق كان غائباً، وبالتالي تحول عيد الميلاد "الجديد" أكثر فأكثر إلى وليمة من الاحتفالات الدنيوية لا الدينية .

الليلة المقدسة وحديث الفلكلور والأساطير ولأن البشر يغرقون دائماً في المخيال، فقد كان ولا بد لليلة عيد الميلاد من أن تعرف بدورها طريقها إلى عالم الأساطير تارة والفلكلور تارة أخرى. من هنا عرفت ليلة الـ 24 والـ 25 من ديسمبر بقداستها منذ القدم، وأطلق عليها "الليلة المقدسة"، وقد نسبت تقاليد العصور الوسطى إلى هذه الليلة أجواء مقدسة وغامضة من الاحتفال والخبر العجيب، فقد كان يعتقد أن روح السلام والعبادة تسود العالم أجمع في تلك الأمسية، وصورت الطبيعة وهي تشارك في هذا الاحتفال البهيج، ولا يزال العديد من هذه الأساطير حية حتى اليوم، بل تشكل جزءاً ساحراً من تراث عيد الميلاد.

زينة الميلاد في، تايبيه، تايوان (ويكيبيديا)

من ضمن المرويات أن الماشية في الإسطبل تجثو عند منتصف ليل عيد الميلاد، وكذلك الغزلان في الغابة. تستيقظ النحلات من نومها وتدندن سيمفونية رائعة من التسبيح للطفل الإلهي، لكن لا يسمعها إلا من يحبه الرب. تغني الطيور طوال ليلة عيد الميلاد، وتصبح أصواتها أكثر عذوبة وغناء، حتى العصافير تغني كطيور العندليب. في الشرق، هناك أسطورة تفيد بأن الأشجار والنباتات، بخاصة تلك التي على ضفاف نهر الأردن، تنحني إجلالاً لبيت لحم في ليلة الميلاد. تروي أساطير أخرى كيف تتحدث الحيوانات كالبشر عند منتصف الليل، ويبدو أن لغتها المفضلة هي اللاتينية. في مسرحية فرنسية قديمة، يصيح الديك بصوت حادChisti s natus ist أي ولد المسيح، ويخور الثورUbi فيجيب الحمل في بيت لحم، وينهق الحمار Eamusf.

من أقدم الأساطير المسيحية القصة الساحرة التي رواها القديس غريغوريوس الثورسي عام 594، في كتابه "كتاب المعجزات"، عن بئر المجوس قرب بيت لحم، اعتاد أهل بيت لحم.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 11 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 18 ساعة
قناة العربية منذ 52 دقيقة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 9 ساعات
بي بي سي عربي منذ 21 ساعة
قناة العربية منذ 17 ساعة
قناة العربية منذ 9 ساعات