مع عودة الحصبة لتسجيل إصابات متفرقة في عدد من الولايات الأميركية عاد الجدل حول دور الخطاب السياسي في التأثير على معدلات التطعيم، خصوصًا في ظل مواقف سابقة للرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته أثارت الشكوك حول سلامة اللقاحات.
ووفق بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن التفشيات الأخيرة تأتي في وقت تشهد فيه بعض المجتمعات انخفاضًا في نسب التحصين.
وتُعد الحصبة من أكثر الأمراض الفيروسية عدوى، وقد أعلنت الولايات المتحدة القضاء عليها عمليًا عام 2000، قبل أن تعاود الظهور على فترات متقطعة خلال السنوات الأخيرة.
ماذا قال ترامب عن اللقاحات؟
خلال حملاته الانتخابية الأولى وبعد وصوله إلى البيت الأبيض، أدلى ترامب بتصريحات شكك فيها بسلامة بعض اللقاحات، وربط دون أدلة علمية بين التطعيمات ومرض التوحّد، وهي مزاعم نفتها مرارًا المؤسسات الطبية الأميركية والدولية.
ورغم أن إدارته لم تُلغِ برامج التطعيم الرسمية، فإن خبراء صحة عامة أشاروا إلى أن الخطاب السياسي المتردد أو المشكك قد أسهم في تعزيز مخاوف قائمة لدى بعض الفئات، خاصة في المجتمعات التي تعارض اللقاحات أصلًا لأسباب أيديولوجية أو دينية.
هل هناك علاقة مباشرة بتفشي الحصبة؟
ولا توجد أدلة علمية تثبت علاقة سببية مباشرة بين تصريحات ترامب وحدها وعودة الحصبة. إلا أن خبراء يؤكدون أن تراجع الثقة باللقاحات، بغض النظر عن مصدره، يُعد عاملًا رئيسيًا في انخفاض المناعة المجتمعية.
وتشير تقارير CDC إلى أن معظم تفشيات الحصبة في أميركا وقعت في تجمعات ذات معدلات تطعيم منخفضة، حيث يكفي إدخال حالة واحدة من الخارج لبدء انتشار سريع للفيروس.
أين تبرز الخطورة؟
القلق لا يقتصر على عدد الإصابات الحالي، بل على ما يمثله من مؤشر أوسع. فمع تصاعد الخطاب المشكك بالعلم، سواء من سياسيين أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تصبح الأمراض القابلة للوقاية أكثر قدرة على العودة.
ويحذّر خبراء من أن تسييس القضايا الصحية قد يقوّض عقودًا من التقدم الطبي، خاصة عندما يتعلق الأمر بأمراض شديدة العدوى مثل الحصبة.
ويرى مختصون أن عودة الحصبة لا يمكن اختزالها في شخص أو إدارة واحدة، لكنها تكشف كيف يمكن للخطاب العام، عندما يتقاطع مع معلومات مضللة، أن يؤثر على قرارات صحية فردية لها تبعات جماعية.
ويؤكدون أن الحل لا يكمن في الجدل السياسي، بل في تعزيز الثقة بالعلم، وضمان وصول معلومات دقيقة حول اللقاحات، التي لا تزال الوسيلة الأكثر فاعلية لحماية المجتمع من أمراض كان يُعتقد أنها أصبحت من الماضي.
هذا المحتوى مقدم من قناة الرابعة
