بدأ الدولار الأميركي العام الحالي 2025 بقوّة مقابل المنافسين، واقفاً قرب أعلى مستوياته في عامين مقابل سلة من العملات الكبرى، وقبل أيّام قليلة من تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ودخوله إلى البيت الأبيض للمرة الثانية، كان مؤشر الدولار مقابل سلة العملات الرئيسة فوق مستويات 110 نقاط.. التفاصيل في

بدأ الدولار الأميركي العام الحالي 2025 بقوّة مقابل المنافسين، واقفاً قرب أعلى مستوياته في عامين مقابل سلة من العملات الكبرى، وقبل أيّام قليلة من تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ودخوله إلى البيت الأبيض للمرة الثانية، كان مؤشر الدولار مقابل سلة العملات الرئيسة فوق مستويات 110 نقاط.

وبين عشية وضحاها، انقلبت قوّة الدولار ضعفاً، وصعوده تحوّل سقوطاً حرّاً، وذلك بمجرد جلوس ترامب على مكتبه البيضاوي، وإمساكه بقلمه الذهبي ليبدأ في توقيع 10 مراسيم وأوامر رئاسية، وإطلاق حرب التعريفات الجمركية التي بلغت ذروتها في مطلع أبريل الماضي، واصفاً إيّاها بـ«يوم التحرير».

لكن ما يميّز هذا الهبوط أنّه لم يكن مدفوعاً ببيانات اقتصادية كارثية، بل بهزّة ثقة سياسية غير مسبوقة في استقلالية صانع القرار النقدي الأميركي، إذ ما يواجهه الدولار اليوم ليس دورة هبوط تقليدية، بل اختبار ثقة طويل الأمد في حيادية السياسة النقدية الأميركية.

في المحصّلة، لا يواجه الدولار أزمة أرقام بقدر ما يواجه أزمة إشارة، والسؤال لم يعد: متى يخفض «الفيدرالي» الفائدة؟ بل من يملك القرار فعلاً حين تهتزّ الثقة؟

7 أسباب تُكبد النفط 20 دولاراً في 2025.. وسيناريوهان محتملان بـ2026

من يقود الفيدرالي.. ترامب أم باول؟

لم يكتفِ ترامب بحربٍ تجارية أدخلت الأسواق في حالة من الذعر وعدم اليقين، وهو ما انعكس على أداء الدولار بشدّة، ليبدأ الرئيس الأميركي حرباً جديدة، لكنّها ليست على منافسيه أو شركائه التجاريين، بل على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول، ما أدخل الدولار في دوّامة مزمنة من التراجعات.

وإذا استمرّت الضغوط السياسية على «الفيدرالي»، فقد يكون ضعف الدولار في 2025 مجرّد بداية لمسار أطول في 2026، إذ يعيد هذا المشهد إلى الأذهان صدمتي الدولار: فكّ ارتباطه بالذهب عام 1971، وأزمة الثقة بعد 2008. فكلّما تآكلت الثقة في الإطار النقدي، لن يكون التصحيح مالياً فقط، بل مؤسسياً قبل كلّ شيء.

أكبر مكاسب في 46 عاماً.. هل يأفل نجم الذهب بعد ارتفاع 1900 دولار؟

ماذا فعل الدولار في 2025؟

استقرّ مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة العملة الأميركية مقابل سلة من العملات من بينها الين واليورو، عند مستويات 97.95 نقطة بنهاية تعاملات أمس الأربعاء.

خلال خمس جلسات، فقدت العملة الخضراء مقابل منافسيها 0.5%، كما خسرت 1.7% خلال الثلاثين جلسة الأخيرة، بينما تراجعت بنسبة 0.6% في الربع الأخير من العام.

منذ بداية العام، انخفضت قيمة العملة الأميركية نحو 10% وهي أكبر وتيرة تراجع سنوية منذ 2003، أي منذ 22 عاما، لكن منذ تولّي ترامب فترته الثانية في 20 يناير، فقد الدولار أكثر من 12%.

شاشات داخل بورصة طوكيو تعرض أسعار الدولار الأميركي مقابل الين- 24 أبريل 2025

لماذا انزلق الدولار هذا العام؟

بدأ العام والدولار قريباً من أعلى مستوياته التاريخية الأخيرة، مدعوماً بمسيرة صعود استمرّت عقداً كاملاً، ثم انحسر المدّ من يناير حتى يونيو، ليتراجع الدولار بنحو 11% مقابل سلة من العملات الرئيسية.

خسر الدولار في النصف الأول من هذا العام 11%، ما يجعله أسوأ نصف الأول منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، عندما أدّى انهيار نظام بريتون وودز وأزمة النفط إلى قلب النظام العالمي رأساً على عقب.

في خضم حرب التعريفات وأزمة الثقة وتلاشي فكرة استثنائية اميركا، شهد العام الحالي ثلاثة تخفيضات لأسعار الفائدة الأميركية بإجمالي 75 نقطة أساس، مع توقعات بثلاثة تخفيضات في 2026، ما يُطيل سيناريو الهبوط الطويل للدولار.

وزاد الطين بلّة مع ضغط ترامب على مسؤلي الفيدرالي، ما أشعل موجة قلق في الأسواق من فقدان استقلالية «الفيدرالي»، وبالتالي فقدان الثقة في تقييم الأصول الأميركية.

يمتلك المستثمرون والمؤسسات أكثر من 30 تريليون دولار من الأصول الأميركية، وكان هناك رهان ضمني على استمرار قوّة الدولار، ومع تراجع العملة بدأ التخلّص من الأصول الأميركية، وعلى رأسها بيع الدولار في السوق.

استقواء الين ينعش شبهة التدخل.. هل تتحرك طوكيو بعطلة السيولة الضعيفة؟

هل يكون 2026 أسوأ من العام الحالي؟

يتوقّع بعض الاستراتيجيين، من بينهم في «مورغان ستانلي»، مزيداً من ضعف الدولار مع تباطؤ النمو الأميركي، وتضييق فروق أسعار الفائدة، واستمرار المستثمرين الأجانب في تحوّطهم وبيع العملة.

في المقابل، يرى آخرون، من بينهم «جيه بي مورغان»، أنّ الركود الذي تشير إليه استطلاعات ثقة المستهلك الأخيرة قد يخلق، على نحو متناقض، هروباً إلى الأمان يصبّ في مصلحة الدولار الأميركي.

هذا ما يريده ترامب

كتب الخبير الاقتصادي لدى «غولدمان ساكس» ديفيد ميريكل: «مرّ الدولار بعام مضطرب، إذ تذبذب بقوّة بفعل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، والتي أشعلت أزمة ثقة في الأصول الأميركية في وقت سابق من العام، فيما أثار تنامي نفوذ ترامب على الاحتياطي الفيدرالي أيضاً مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي».

وفي أحدث عاصفة أصابت الدولار وأجّجت المخاوف بشأن استقلالية البنك الفيدرالي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنّه «يرغب في أن يُخفّض الرئيس القادم لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة».

وكتب ترامب في منشور عبر «تروث سوشيال»: «أيّ شخص يخالفني الرأي لن يتولّى هذا المنصب»، وأضاف: «أريد من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الجديد أن يُخفّض أسعار الفائدة، لا أن يدمّر السوق دون داعٍ».

واجهة أحد مكاتب الصرافة في العاصمة اليابانية طوكيو، حيث يظهر سعر صرف الين مقابل الدولار الأميركي واليورو واليوان الصيني والدولار الكندي، يوم 25 أبريل 2024

الرهان على الدولار يتلاشى

ترى كبيرة المحلّلين في «سويسكوت بنك»، إيبيك أوزكارديسكايا، أنّ النظرة العامة للدولار لا تزال سلبية بوضوح، مشيرة إلى أنّ الرهانات الإيجابية على العملة الأميركية أصبحت نادرة في الوقت الراهن.

وتعتقد أوزكارديسكايا، بحسب مذكرة صدرت هذا الأسبوع، أنّ «المخاوف المتعلّقة بالانضباط المالي وتصاعد التوتّرات التجارية تمثّل عوامل ضغط إضافية على الدولار».

وفي الوقت نفسه، حذّرت كبيرة المحلّلين في «سويسكوت بنك» من أنّ العملة تبقى عُرضة لارتداد قوي ومفاجئ إذا دفعت البيانات الاقتصادية المقبلة صُنّاع السياسة النقدية إلى تبنّي موقف أكثر تشدّداً تجاه أسعار الفائدة.

رغم قوة الرقائق تنقلب المعادلة.. لماذا تجاهلت طوكيو مكاسب وول ستريت؟

هل فقد الدولار هيمنته؟

أظهرت بيانات حديثة صادرة عن صندوق النقد الدولي تراجعاً طفيفاً في حصة الدولار من احتياطيات العملات العالمية، لتصل إلى 56.92% خلال الربع الثالث من عام 2025، نزولاً من 57.08% بنهاية الربع الثاني.

وبحسب بيانات الصندوق، جاء هذا التراجع المحدود بعد اضطرابات قوية خلال الربع الثاني من العام، حين تعرّضت أسواق العملات، وعلى رأسها الدولار، لهزّات ملحوظة عقب إعلانات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن فرض تعريفات جمركية جديدة، ما أدّى إلى تحرّكات حادّة في أسعار الصرف.

ورغم حديث بعض المحلّلين عن بوادر تراجع تدريجي في دور الدولار، يؤكّد صندوق النقد الدولي أنّ «أي تحوّل جذري في مكانة العملة الأميركية سيبقى بطيئاً للغاية، في ظل غياب بدائل قادرة على منافستها على نطاق عالمي في الوقت الحالي».

أميركا القوية لم تنقذه.. الدولار صوب أكبر خسارة في عقدين

الين وهبوط الدولار

يستحوذ الين على نحو 14% من الوزن النسبي لمؤشر الدولار، وهو أحد أبرز عملات الملاذ الآمن، ومع ارتفاع مخاطر التدخّل الياباني في سعر صرف الدولار/الين في بداية العام المقبل، تتزايد الضغوط على العملة الأميركية، وفقاً لاستراتيجيّي مجموعة «بنك أوف أميركا».

وكتب الاستراتيجيان شوسوكي يامادا وميخاليس روساكيس في مذكرة: «انخفاض السيولة خلال فترة العطلات والمراكز المختلطة يشيران إلى عدم وجود تدخّل قريب، لكن استمرار الاتجاه الصعودي للدولار/الين قد يغيّر الحسابات في يناير 2026».

من حيث مستويات السوق، سلّط الاستراتيجيون في «بنك أوف أميركا» الضوء على نطاق 162 إلى 165 عتباتٍ رئيسية مع دخول العام الجديد لاحتمالات التدخّل، وقالوا: «الارتفاع نحو 165 يمكن اعتباره مضاربة ومنفصلاً عن الأساسيات، ما قد يقود إلى تدخّل وزارة المالية».

تمر أمام شاشة إلكترونية تابعة لأحد مكاتب الصرافة في موسكو، تظهر سعر الدولار واليورو مقابل الروبل يوم 3 أكتوبر 2023

سعر الفائدة

تعتقد محلّلة العملات في «بنك الكومنولث الأسترالي»، كريستينا كليفتون، أنّ المخاوف بشأن سوق العمل الأميركية ستدفع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل.

وقالت: «نتوقّع في بنك الكومنولث ثلاثة تخفيضات في عام 2026، مقارنةً بتخفيضين إلى ثلاثة تخفيضات تُسعّرها الأسواق حالياً، ما يعني نحو ستّة تخفيضات خلال عامين».

ووفقاً لأداة «فيد ووتش» التابعة لـ«سي.إم.إي»، تتوقّع الأسواق حالياً، بنسبة 14%، أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع يناير المقبل.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ 5 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ ساعة
قناة العربية - الأسواق منذ 8 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 10 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 10 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ 9 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 3 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 16 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 10 ساعات