يبدو أن الصين خرجت كأحد أكبر المستفيدين من ثورات ما يسمى بـ" الربيع العربي "، مستفيدة من تراجع النفوذ الأمريكي وتناقض سياساته، لتقدم نفسها كشريك براغماتي يركز على الاقتصاد والاستقرار

يبدو أن الصين خرجت كأحد أكبر المستفيدين من ثورات ما يسمى بالربيع العربي. فقد تمكنت بكين من بناء نفوذ متدرج أعاد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط. هذا ما أكدت عليه الباحثة زينب ربوع، زميلة برامج في مركز السلام والأمن في الشرق الأوسط بمعهد هدسون، ومتخصصة في التنافس بين القوى الكبرى وانخراط الصين وروسيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعلاقات العربية -الإسرائيلية، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية. وتُظهر الاختراقات التي حققتها الصين في الشرق الأوسط أن المنطقة لا تزال جبهة حاسمة في عصر التنافس الأمريكي الصيني.

تشير استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025 إلى أكبر تحول في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط منذ حرب العراق. ويهدف الإطار الجديد إلى إعادة توزيع الموارد باتجاه التنافس بين القوى الكبرى، مع التركيز على خفض التكاليف وتقاسم الأعباء مع الشركاء الإقليميين. وتبقى المصالح الأساسية ثابتة متمثلة في أمن الطاقة وحرية الملاحة عبر مضيق هرمز والبحر الأحمر ومواجهة إيران، وضمان أمن إسرائيل من خلال هيكلية اتفاقات أبراهام.

بين طموح الديموقراطية ودعم السلطوية تقول ربوع إن هذا التعديل كان مستحقا منذ وقت طويل. فعلى مدى أكثر من عقد، تعاملت السياسة الأمريكية مع الشرق الأوسط بوصفه مشروعا لبناء الديمقراطية. وقد بدا "الربيع العربي" وكأنه يؤكد هذا الافتراض. لكن عندما اجتاحت الاحتجاجات المنطقة عام 2011، تذبذبت واشنطن بين دعم المتظاهرين ومجاراة الحلفاء السلطويين، ما ولد ارتباكا وأضعف مصداقيتها لدى جميع الأطراف. وترى ربوع أنه في مصر، بدت الولايات المتحدة وكأنها تخلت عن الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك. وفي ليبيا، أسقطت معمر القذافي من دون خطة لما بعده. وفي سوريا، أعلنت أن "الأسد يجب أن يرحل" من دون أن تفعل الكثير لتحقيق ذلك. وفرض هذا الارتباك تكاليف دائمة. فالدول الضعيفة والصراعات الممتدة دفعت الولايات المتحدة إلى إدارة أزمات تفاعلية، وضيقت في الوقت نفسه من تركيزها الاستراتيجي.

وتزامنت هذه المرحلة مع صعود الصين بوصفها المنافس الرئيسي للقوة الأمريكية. وبينما كانت واشنطن منشغلة بتداعيات سياسة ساهمت هي نفسها في إطلاقها، تحرك خصومها. فبينما كانت أمريكا مشتتة، تقدم خصومها. وبحسب ربوع، كانت إيران أول من استغل الفرصة. فقد أتاح إضعاف الدول العربية منافذ للتوسع عبر الوكلاء. وأصبح كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن عقدا مركزية في الاستراتيجية الإقليمية لطهران. وتحول "حزب الله" إلى قوة عسكرية موازية تمتلك ترسانة تضم نحو 100 ألف صاروخ وآلاف القذائف. كما حول الحوثيون اليمن إلى منصة للإكراه الإقليمي، وبعد أكتوبر/تشرين الأول 2023 وسعوا هجماتهم لتشمل طرقا بحرية تمر عبرها ما بين 12 و15% من التجارة العالمية. ويعتمد نموذج طهران على بيئات ضعف الدول، إذ يزدهر وكلاؤها حيث تعجز السلطة المركزية عن احتكار استخدام القوة، وحيث تكون الحدود رخوة. ووفر الربيع العربي هذه الظروف بالضبط.

الصين تنتهز فرصة تاريخية! استغلت الصين الفراغ نفسه ولكن بطريقة مختلفة. فمع تراجع مصداقية الولايات المتحدة وسط تدخلات متناقضة، قدمت بكين نفسها بديلا غير أيديولوجي، يركز على السيادة والاستقرار والانخراط الاقتصادي من دون اشتراطات سياسية. ومع خيبة أمل الحكومات الإقليمية من مشروع الترويج الأمريكي للديمقراطية، بات ينظر إلى الصين على نحو متزايد بوصفها طرفا يمكن التنبؤ بسلوكه ويتعامل بمنطق المعاملات. وتوسعت الصين بشكل منهجي. ففي أسواق الطاقة، أصبحت العميل الذي لا غنى عنه، إذ استوعبت معظم صادرات النفط الإيرانية ووفرت لطهران شريان حياة اقتصاديا يخفف من وطأة العقوبات الأمريكية. وفي أنحاء الخليج، حصلت شركات صينية على حصص في مصافي التكرير ومنشآت الغاز الطبيعي المسال.

وامتدت مبادرة "الحزام والطريق"إلى موانئ من البحر المتوسط إلى بحر العرب. كما قامت شركة "هواوي" ببناء شبكات الجيل الخامس وبيع أنظمة مراقبة، ما خلق تبعيات تمتد إلى البنية الرقمية للدول الإقليمية. وبحلول أوائل عشرينيات القرن الحالي، تجاوز حجم التجارة الثنائية بين الصين.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من قناة DW العربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة DW العربية

منذ 5 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ 9 ساعات
منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ 3 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 18 ساعة
بي بي سي عربي منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 18 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 18 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ ساعة