أمين الزاوي يكتب: تخفي عبارة الزمن الجميل التي تتردد على كل لسان أننا مجتمع لم يتمكن الفرد فيه بعد ولا الجماعة من التخلص من ثقل ثقافة البكاء على الأطلال، تلك الثقافة التي ظلت ملتصقة بتقاليد الشعر العريقة، هذا الشعر الذي يعد مركز الثقافة والفكر والفلسفة واللغة في عرف الإنسان العربي، فللشعر سلطة لا تضاهيها سلطة معرفية أخرى على مدى 15 قرناً أو يزيد

ملخص ألم يكن هذا الزمن الجميل زمن القمع السياسي؟ ألم يُرم آلاف المناضلين والمعارضين في السجون؟ ألم يغتل كثير منهم مثل المهدي بن بركة وأحمد بن بلة وعبداللطيف اللعبي ومحمود أمين العالم وبشير حاج علي وأنطوان سعادة وعبدالحكيم عامر ونوال السعداوي؟ ألم تكن الأنظمة السياسية في هذا الزمن الجميل تحكم بالسلاح والسحل وقطع الرؤوس والشنق في الساحات العمومية؟

أستغرب كثيراً هذه العبارة التي على كل الأفواه: الزمن الجميل، إنها تحيرني و تربكني، فعبارة الزمن الجميل تحمل سورة لأزمتنا العميقة والمركبة في فهم فلسفة الزمن في كليته، وفي فهم العلاقة المعقدة ما بين الماضي والحاضر، وتكشف في الوقت نفسه أننا مجتمعات نوستالجية بامتياز وتحن إلى زمن القسوة وتتلذذ بمرارتها.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more تخفي عبارة الزمن الجميل التي تتردد على كل لسان أننا مجتمع لم يتمكن الفرد فيه بعد ولا الجماعة من التخلص من ثقل ثقافة البكاء على الأطلال، تلك الثقافة التي ظلت ملتصقة بتقاليد الشعر العريقة، هذا الشعر الذي يعد مركز الثقافة والفكر والفلسفة واللغة في عرف الإنسان العربي، فللشعر سلطة لا تضاهيها سلطة معرفية أخرى على مدى 15 قرناً أو يزيد.

تطلق عبارة الزمن الجميل هنا أو هناك متبوعة بأسى وأحاسيس الحسرة على الماضي، ويحدث هذا كلما جاء استذكار أحداث منتقاة من الماضي القاسي، وتعد أعوام الخمسينيات والستينيات وحتى نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات الفترة التي تحرك فينا عبارة الزمن الجميل، بل هي المقصودة في أكثر الأحيان بهذا الوصف المتحسر عليه، وينتهي هذا الذي نطلق عليه اسم الزمن الجميل برحيل مجموعة من الرموز في السياسة والثقافة والأدب والموسيقى والسينما وكرة القدم، من أمثال جمال عبدالناصر ونهرو والملك فيصل وهواري بومدين والحبيب بورقيبة وتيتو وشي غيفارا وجون كينيدي وماو تسي تونغ وديغول وأسطورة كرة القدم بيلي والملاكم محمد علي ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وأم كلثوم وأسمهان وفريد الأطرش وطه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم وميخائيل نعيمة ونجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس والعقاد ومالك بن نبي والشابي ومولود فرعون ومولود معمري وكاتب ياسين.

قريباً من قسوة الزمن الجميل حين أسمع عبارة الزمن الجميل يتبادر إلى ذهني وكأننا مصابون بمرض الماضي، وأعتقد أن المجتمع الذي يعيش على النوستالجيا مجتمع لا يحلم ولا يفهم ماضيه ولا يفكك واقعه ولا يتطلع للمستقبل، ففي كل مرحلة هناك لحظات بهاء وهناك أخرى للبؤس والظلام، وكلما سمعت هذه العبارة الزمن الجميل أقول: أي زمن جميل هذا الذي نتحسر عليه؟

ألم تكن أعوام الخمسينيات أعوام حروب بما فيها من موت وتشريد ورعب ودموع؟ ألم تكن أعوام الستينيات والسبعينيات أعوام نكسات وهزائم حقيقية ومؤلمة حتى ولو أن الأنظمة العربية حولتها في خطبها إلى انتصارات واهمة وواهية؟ ألم يكن ذاك الزمن الجميل الذي نتأسف على فقدانه هو زمن سلطة الإقطاع المتوحش الذي حول الفلاحين والعمال الزراعيين وأبناءهم ونساءهم إلى ملكية خاصة أو إلى قطيع بشري من دون قيمة تاريخية ولا إنسانية؟

ألم يكن هذا الزمن الجميل الذي نبكيه أو نتأسف على رحيله هو زمن الفقر المدقع، فرواياتنا وشعرنا وسينمانا ومسرحنا وفننا التشكيلي يدل على ذلك؟

ألم يكن ذاك الزمن الجميل الذي نحنّ إليه هو زمن الأمراض المستشرية والأوبئة التي لا ترحم وتحصد في طريقها آلاف البشر، وقوافل الجراد الزاحفة على الأخضر واليابس؟

كأننا نعيش بلا ذاكرة ألم يكن ذاك الزمن الجميل زمناً لا تجد فيه الأمهات عيادة توليد فتتولى عجوز في الدشرة أو القرية مهمة القابلة، وجراء مثل هذه العمليات ماتت آلاف الأمهات ومعهن مئات آلاف المواليد؟

ألم يكن هذا الزمن الجميل زمن الأمية المعممة حين كانت قلة قليلة هي من تصل إلى مقاعد المدارس، وكمشة نادرة منهم تصل إلى مدرجات الجامعة؟ ألم تكن.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 7 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 6 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 19 ساعة
بي بي سي عربي منذ 7 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 22 ساعة