زياد صالح الزعبي
الكتابة عن يوسف بكار «الأستاذ الدكتور «، كتابة تأخذنا إلى أفق فكري ثقافي مفتوح، فهو لم يقصر اهتماماته وشغفه على حقل علمي واحد، وعلى لغة واحدة. إنه يأخذ القارئ إلى مسارات متعددة يميزها عمق معرفي، وقراءات تجاوز الصور المألوفة إلى آفاق مفتوحة. قد تبدأ معه بالنقد العربي القديم الذي بدأه بدراسته عن «اتجاهات الغزل في القرن الثاني الهجري»، وأردفه بأطروحته للدكتوراه الموسومة «بناء القصيدة في النقد العربي القديم في ضوء النقد الحديث»، وهي الأطروحة التي غدت مرجعية في بابها، لما احتوته من مادة علمية ثرة، وتحليل عميق للقضايا النقدية.
لكن علينا بعد هذا أن تسير معه في غير مسار من مسارات البحث العملي الرصين الذي يأخذنا إلى بحث علمي في: الدارسات الأدبية المعاصرة، والدراسات في النقد القديم، والبحث في الأدب المقارن، وفي الترجمة وبخاصة من اللغة الفارسية. كما أنه لم يغفل عن العناية بالكتب الجامعية التي تسعف الطلبة وترشدهم بأيسر الطرق إلى مداخل تهمهم في اللغة الفارسية، وفي العروض، وفي الأدب المقارن، على سبيل المثال.
لكني هنا سأقف على موضوع أمعن الدكتور بكار في بحثه وقراءته من وجوه متعددة، وهو اهتمامه بالشاعر الفارسي الشهير عمر الخيام الذي طارت شهرته في الغرب والشرق، وربطت هذه الشهرة برباعياته التي ترجمت إلى معظم لغات العالم. وربما كانت ترجمة فيتزجيرالد Edward Fitzgerald أشهرها. وسأذهب إلى التركيز على الترجمات العربية للرباعيات، وهي موضوع أثير عند الدكتور بكار. فقد عالج هذا الموضوع من زوايا ومداخل مختلفة في أزيد من عشرين كتابا. ولقد كنت شاهدا على عنايته بالخيام ورباعياته منذ فترة مبكرة. فقد طلب مني في عام 1989 نصوصا مخطوطة لمصطفى وهبي التل، عرار، وكان يحضر لنشر ترجمته، فسعدت بذلك، على ألا ينشر ها، وهذا ما فعله، وهو صاحب الالتزام العلمي الأخلاقي الرفيع.
لعل أول الكتب التي بحث فيها الدكتور بكار حضور الرباعيات في اللغة العربية، وعلى نحو شمولي، كتابه «الترجمات العربية لرباعيات الخيام، دراسة نقدية» الصادر عام 1989 عن جامعة قطر. وفيه استقراء تفصيلي تاريخي نقدي للترجمات العربية للرباعيات، سواء أكانت ترجمات شعرية، أم نثرية، أم منظومات. وهو كما يتضح تسلسل تاريخي مقترن بفعل تصنيفي مهم لشكل الترجمات. وقد توج بكار عنايته الكبيرة بالخيام بتقديم ترجمته الخاصة لرباعيات مختارة يرجح أنها الأصح نسبة للخيام، وذلك في عمله المعنون «رباعيات الخيام، ترجمة أخرى جديدة عن الفارسية» الصادر عن دار «الآن ناشرون وموزعون» عام 2025. وهو بهذا يضيف الترجمة الأردنية الثامنة إلى الترجمات السبع السابقة التي عرض لها في كتابه «الترجمات الأردنية لرباعيات الخيام» الصادر عام 2018.
هذه الترجمات الأردنية التي تبدأ بترجمة مصطفى وهبي التل، عرار التي أنجزها في مرحلتين، في عامي 1022 و1925. وكان الدكتور بكار قد نشرها عام 1990 مشيرا إلى ريادة عرار في هذا المجال من الاهتمام برباعيات الخيام وترجمتها. وقد نشر جزءا من ترجمته في مجلة مينرفا التي كانت تصدرها ماري يني عطا الله في بيروت في عشرينات القرن الماضي. وقد اشتبك بسببها مع أمين نخلة، إذ رأى أن ترجمته نخلة للرباعيات غير دقيقة، ولا تحتفظ بروح صاحبها.
إن اهتمام الدكتور بكار بالرباعيات وترجماتها عمل قائم على الاستقراء الدقيق لكل ما يتعلق بها، وهو ما يتجلى في كتبه الكثيرة عن الرباعيات، فقد تتبع حضورها في اللغة العربية، حتى لو كانت الترجمة لرباعية واحدة. فإذا وقفنا.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور الأردنية
