في عالم الأسواق المالية، حيث تُقاس القوة بقدرة الشركات على توليد التدفق النقدي الحر الوقود الذي يتيح الابتكار والتوسع دون الارتهان للديون تمرّ كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية بمرحلة انتقالية دقيقة.. التفاصيل في

في عالم الأسواق المالية، حيث تُقاس القوة بقدرة الشركات على توليد التدفق النقدي الحر الوقود الذي يتيح الابتكار والتوسع دون الارتهان للديون تمرّ كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية بمرحلة انتقالية دقيقة.

أبل، ومايكروسوفت، وأمازون، وألفابت (غوغل)، وميتا، وتسلا، وهي العمود الفقري لما يُعرف بـ«السبعة الكبار»، شهدت تراجعاً ملموساً في الزخم النقدي مقارنة بذروة 2024، في مقابل تصاعد غير مسبوق في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية.

ووفق أحدث البيانات المالية المتاحة حتى الربع الثالث من 2025، بلغ التدفق النقدي الحر التراكمي لهذه الشركات خلال آخر 12 شهراً نحو 312 320 مليار دولار، منخفضاً من ذروة قاربت 336 مليار دولار في منتصف 2024، بحسب تجميع بيانات التقارير الفصلية وملفات الإفصاح الرسمية. هذا التراجع لا يعكس أزمة تشغيلية بقدر ما يشير إلى تحوّل استراتيجي مكلف عنوانه: الاستثمار المكثف في الذكاء الاصطناعي.

الأرقام تحت المجهر

لا تزال «أبل» في الصدارة، بتدفق نقدي حر سنوي يقترب من 99 مليار دولار، رغم تباطؤ نسبي مقارنة بعام 2024، مدعومة بنمو مستقر في إيرادات الخدمات.

«مايكروسوفت» حافظت على قوة نقدية كبيرة، مستفيدة من هوامش عالية، لكن إنفاقها المتسارع على مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي يحدّ من نمو التدفق الحر مقارنة بالسنوات السابقة.

أما «ألفابت» فتواصل توليد تدفقات نقدية قوية تُقدّر بنحو 74 مليار دولار، في وقت ارتفع فيه الإنفاق الرأسمالي على البنية التحتية السحابية والذكاء الاصطناعي إلى مستويات تاريخية.

في المقابل، تبدو «أمازون» الأكثر تأثراً، إذ تراجع تدفقها النقدي الحر بشكل حاد خلال 2025، مع قفزة كبيرة في الإنفاق الرأسمالي لدعم «أمازون ويب سيرفيسز» وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

«ميتا» تحافظ على سيولة قوية نسبياً بفضل نمو الإعلانات، لكنها تضخ مليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي والواقع الممتد، ما يضغط على التدفق الحر.

أما «تسلا» فتبقى الحالة الأكثر تقلباً، مع تحسن فصلي في التدفقات النقدية، لكنه غير كافٍ بعد لإعطاء صورة مستقرة على أساس سنوي، في ظل استثمارات ثقيلة في القيادة الذاتية والروبوتات.

سباق الذكاء الاصطناعي.. ربح مؤجل

السبب الجوهري وراء هذا التحول هو سباق الذكاء الاصطناعي. فهذه الشركات لا تقلّص إنفاقها، بل تعيد توجيه السيولة نحو بناء قدرات يُتوقع أن تشكّل أساس الاقتصاد الرقمي المقبل. تقديرات مؤسسات استثمارية كبرى، من بينها «غولدمان ساكس»، تشير إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي قد تقترب من تريليون دولار بحلول 2030، ما يفسر استعداد الشركات لتحمّل ضغط نقدي مؤقت.

لكن هذا الرهان لا يخلو من المخاطر. فتراجع التدفق النقدي الحر يقلّص المرونة المالية، ويحدّ من القدرة على إعادة شراء الأسهم أو زيادة التوزيعات، في وقت لا تزال فيه التقييمات السوقية مرتفعة، وأسعار الفائدة عند مستويات تجعل التمويل الخارجي أكثر كلفة.

بين الفرصة والتحذير

من منظور المستثمر، المشهد ليس سوداوياً ولا وردياً بالكامل. الاتجاه العام الاستثمار المكثف مقابل سيولة أضعف حقيقي ومُثبت بالأرقام، لكنه لا يعني بالضرورة تآكل الأسس المالية. الرهان الآن على قدرة هذه الشركات على تحويل إنفاق الذكاء الاصطناعي إلى تدفقات نقدية فعلية خلال السنوات القليلة المقبلة.

في الخلاصة، عمالقة التكنولوجيا لم يفقدوا قوتهم، لكنهم يدفعون ثمن الانتقال إلى مرحلة جديدة. التراجع في التدفق النقدي الحر يبدو مرحلياً ومقصوداً، لا علامة ضعف.

غير أن التاريخ يذكّرنا بأن الابتكار وحده لا يكفي؛ فالسوق تكافئ من يحوّل الرؤية إلى نقد لا إلى وعود فقط.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ 6 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 15 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 8 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 3 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 21 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 10 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 13 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 14 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 7 ساعات