"يوميات مجنون" النص الذي أنجزه "أحمق العائلة" بحسب وصف سارتر مسحوقاً بين أب قاس وموتين. فلوبير الشاب يكتب "سيرة مواربة لأمه" كامرأة لامبالية

ملخص بحسب جان بول سارتر في كتابه "أحمق العائلة"، فإن غوستاف فلوبير إذ حرم من حنان الأم المفجوعة بابنيها الآخرين، تمكنت تصرفات الأم تجاهه من تحويله إلى موضوع بدلاً من أن يكون ذاتاً، وبهذه الخلفية وضع كتابه "يوميات مجنون"

في كتابه الكبير والرائد، في مجال النقد الأدبي، "أحمق العائلة" الذي كرسه كله لدراسة حياة غوستاف فلوبير وأدبه، يفيدنا جان بول سارتر، بأنه على عكس ما يفعل الباحثون منذ زمن بعيد، لم يجد من الضروري له أن يحدد ملامح أدب فلوبير، وارتباط هذا الأدب بحياته، انطلاقاً من أبعاد طبقية أو تاريخية أو أخلاقية تفسر نزعة هذا الكاتب وأيديولوجيته العلموية الموروثة من العقلانية التحليلية، ولا حتى من انتهازيته وتناقضاته، المتعلقة بأبيه (آشيل كليوفاس)، بل انطلاقاً من أم الكاتب وموقعها من حياته.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more فغوستاف فلوبير، كما يخبرنا سارتر، إذ كان في طفولته مطحوناً بين موت شقيقين له، سيظل طوال حياته شاعراً بعبء ذلك الموقف وعلاقة الموقف بأمه، محتاجاً إلى حنان هذه الأم، في وقت كان يشعر فيه بقوة لامبالاة أبيه تجاهه.

وهكذا، بحسب سارتر، إذ حرم فلوبير من حنان الأم المفجوعة بابنيها الآخرين، تمكنت تصرفات الأم تجاهه من تحويله إلى موضوع بدلاً من أن يكون ذاتاً. وبحسب لغة سارتر "صار الطفل دلالة بدلاً من أن يكون دالاً، وصار ينظر إليه ويحدد من الخارج، من خارجه، مما جعله منذ البداية مؤهلاً لتلك الهستيريا التي طبعته لاحقاً، وللأدوار المتعددة التي ستتبع تناقضاته وتحدد غربته الدائمة، وهي غربة سيعود فلوبير ليحملها للشخصيات الأبرز في رواياته، وستحدد تصرفات هذه الشخصيات.

العودة لسنوات مبكرة

ولئن بدا كلام سارتر معقداً بعض الشيء هنا للقارئ غير المتآلف مع التحليل البنيوي أو مع علم النفس التحليلي، الجامع في هذا السياق بين فرويد وميلاني كلاين، فإن في إمكان هذا القارئ في سبيل الوصول إلى تحليل أقل تعقيداً وأكثر أدبية منه علمية، أن يعود لعمل مبكر من أعمال فلوبير، ليعثر فيه على الجذور الحقيقية، في الأقل لنظرة أديب المستقبل، إلى حياته وعواطفه المبكرة.

وهذا العمل هو بالطبع "يوميات مجنون"، ونحن إذا عرفنا أن فلوبير كتب هذا العمل وهو في الـ17، سيكون في وسعنا تلمس مقدار العفوية - وبالتالي، الصدق - فيه، مما يمكن من اعتماده كمدخل حقيقي، ليس فقط لفهم عمل فلوبير وحياته ككل، بل أيضاً لفهم تلك النظرية التي طبعت عمل سارتر من حول فلوبير، من دون أن ننسى هنا أن سارتر كتب "أحمق العائلة" في وقت كان مهموماً بأعمال فرويد نفسه وحياته، مستعداً للانكباب على سيناريو عن حياة فرويد كان من المفروض أن يحوله جون هستون إلى فيلم، فحقق هذا الأخير فيلمه تاركاً سيناريو سارتر جانباً.

ثلثا قرن من التأخير

كتب غوستاف فلوبير "يوميات مجنون" في عام 1838، لكن هذا العمل المبكر لصاحب "مدام بوفاري" لن ينشر للمرة الأولى إلا في عام 1900، أي بعد 20 عاماً من موت صاحبه.

و"يوميات مجنون" مثل معظم الأعمال الأولى للكتاب والفنانين، هو "سيرة ذاتية"، لكنه ليس بالطبع محصلة حياة طويلة، إذ ما الذي كان يمكن أن يكتبه على سبيل السيرة ذلك المراهق الذي كانه فلوبير في ذلك الحين؟ لقد كان، كما أشرنا، في الـ17، وكان كل ما يهمه، على الأرجح، هو أن يرمي على الورق عواطفه وأحاسيسه تجاه أول حب حقيقي عرفه في حياته، وهو حب كان من نصيب امرأة متزوجة تكبره سناً - هي، في عرف سارتر، كما في عرف كثر من الذين كتبوا عن فلوبير لاحقاً، إسقاط لشخصية أمه نفسها، بل لعل من الأفضل القول إن فلوبير كتب ذلك النص على ضوء خيبة أمله إزاء ذلك الغرام.

وإذا كان الباحثون قد ركزوا على ضعف هذا النص من الناحية الأدبية، وعلى تهافت كثير من وقائعه ومشاهده، فإنهم جميعاً، وفي مقدمهم سارتر، أجمعوا على أهميته في مجال الكشف عن روح فلوبير المعذبة والقلقة، والمتأرجحة بين مثالية كانت طاغية عليه، وبين حزن رومانطيقي كان من سماته، وسيظل يسمه حتى نهاية حياته. وهنا في هذا المجال بالتحديد.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 7 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 12 ساعة
منذ 3 ساعات
منذ ساعة
منذ ساعة
قناة العربية منذ 23 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 13 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 9 ساعات
بي بي سي عربي منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 9 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 21 ساعة