ملخص تحول جذري للصناديق السيادية الخليجية، من دروع دفاعية ضد الصدمات إلى محركات رئيسة للنمو الاقتصادي المستدام.
تقف دول مجلس التعاون الخليجي، مع اقتراب نهاية عام 2025، أمام مرحلة مفصلية في هندسة سياساتها المالية لعام 2026، إذ تتبنى استراتيجية "التحوط الاستباقي" لمواجهة احتمالات بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة.
LIVE An error occurred. Please try again later
Tap to unmute Learn more تأتي هذه التحركات مدفوعة برؤية واقعية تهدف إلى فك الارتباط التدريجي بين تذبذب أسعار الطاقة ومسيرة التنمية المستدامة.
في السياق، أشار محللون اقتصاديون ونفطيون لـ"اندبندنت عربية" إلى أن دول المنطقة تمكنت من بناء مصدات مالية متينة تمثلت في تنويع القاعدة الضريبية ورفع كفاءة الإنفاق العام، مما يجعلها أكثر قدرة على امتصاص الصدمات الخارجية بما في ذلك تقلبات أسعار النفط، سواء بسبب تخمة المعروض النفطي أو أي تغير محتمل في بوصلة السياسة الأميركية في ظل إدارة ترمب، التي قد تدفع نحو زيادة الإنتاج الأميركي وضغوط إضافية على الأسعار العالمية.
وأوضحوا أن أولويات الإنفاق في 2026 ستتركز على قطاعات "اقتصاد المستقبل" مثل الذكاء الاصطناعي والخدمات اللوجستية والهيدروجين الأخضر، إذ بدأت هذه القطاعات بالفعل في توليد تدفقات نقدية بالدولار تسهم في دعم الموازنات العامة، وتضمن بقاء الزخم الاقتصادي الخليجي قوياً ومستقيلاً عن تقلبات سوق الطاقة التقليدية.
قفزة قوية في الأنشطة غير النفطية سجلت الإيرادات غير النفطية بدول الخليج قفزة قوية إذ قطعت السعودية، أكبر مُصدّر للنفط في العالم، أكثر من نصف الطريق في تنفيذ مخطط "رؤية 2030" للتحول الاقتصادي والتي تدخل مرحلتها الثالثة في عام 2026.
وأقرت الرياض مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، موازنة العام 2026 والتي توقعت بموجبها نفقات عامة قدرها 1.313 تريليون ريال (350.1 مليار دولار) وإجمالي إيرادات قدرها 1.147 تريليون ريال (305.8 مليار دولار) بعجز قدره 165.4 تريليون ريال (44.1 مليار دولار)، في ظل استمرار النهج التوسعي على المشاريع التي تهدف إلى تنويع القاعدة الاقتصادية، وتحفيز الاستثمار، وتسريع وتيرة التحول الاقتصادي بما يتوافق مع مستهدفات "رؤية 2030".
وتتوقع الحكومة السعودية نمو الاقتصاد بنسبة 4.6 في المئة في 2026 بدعم من الأنشطة غير النفطية، ووفق تقديرات وزارة المالية السعودية، ستبلغ الإيرادات غير النفطية في موازنة عام 2025 نحو 501 مليار ريال (133.6 مليار دولار)، ما سيمثل قرابة 46 في المئة من مجمل الإيرادات، وهي الأعلى في خمسة أعوام.
وتُظهر البيانات أن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى حققت نمواً إيجابياً في النصف الأول من 2025، مما يعكس فاعلية السياسات الاستراتيجية في تعزيز التنويع الاقتصادي واستقرار المالية الإقليمية.
وفي السياق، تشير البيانات إلى أن أصول الصناديق السيادية الخليجية قفزت لتتجاوز 4.3 تريليون دولار، ما يوفر غطاءً مالياً يكفي لتغطية العجز الافتراضي لعدة أعوام من دون المساس بوتيرة المشاريع القائمة.
وكشفت البيانات الحكومية أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في دول المجلس لا تزال ضمن أدنى المستويات العالمية، بمتوسط يقل عن 28 في المئة.
سعر تعادل النفط في ما يخص استدامة الموازنات، نجحت دول الخليج في خفض "سعر تعادل النفط" بشكل ملحوظ لعام 2026، مما يعكس مرونة مالية استثنائية.
في السعودية، كشفت شركة "الأهلي كابيتال" أن سعر النفط الضمني في الموازنة السعودية يراوح ما بين 60 و63 دولاراً للبرميل (بافتراض إنتاج النفط بمقدار 10.2 مليون برميل يومياً) بينما يقدر سعر التعادل عند 85 و90 دولاراً للبرميل.
أما قطر فسجلت سعراً يقدر بنحو 44 دولاراً للبرميل وهو من أدنى المستويات في المنطقة والعالم بفضل كفاءة قطاع الغاز، في حين استقر في الكويت عند نحو 76 دولاراً للبرميل، وفي البحرين عند نحو 86 دولاراً للبرميل مع برامج توازن حالية تهدف لخفضه بنسبة 10 في المئة خلال عامين.
ضبط السيناريو والخيار الأمثل أشار المختص في الشؤون النفطية كامل الحرمي إلى أن دول الخليج لن تستطيع ربط الإنفاق أو شد الحزام لضبط سيناريو انحدار سعر النفط.
وأوضح الحرمي بسلاسة أن التوجه نحو الاقتراض يُعد أفضل الحلول الحالية إلا إذا برز بديل واضح وهو أمر غير وارد حتى الآن ولا يلوح في الأفق، وبيّن أن لمس الصناديق السيادية غير مناسب معتبراً الاقتراض خياراً أقل كلفة بكثير.
وأضاف الحرمي، أن الصناديق السيادية يجب أن تواصل جلب العوائد وتعزيزها باستمرار عبر توسيع الاستثمارات وشراء أصول جديدة تحقق عوائد مالية مرتفعة. وتابع الحرمي بقوله "أما القروض فتُخصص حصرياً لسد العجز المالي إذ تكلّف أقل بكثير من بيع الأصول الثمينة". وختم الحرمي قائلاً "لا أحد يستطيع المساس بأولويات الإنفاق فهي المدخل الآمن والمضمون للمستقبل ومن دونها لن يقرضنا أحد".
تأثير نسبي بدوره، قال المختص في الشأن الاقتصادي وعضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد"، وضاح الطه، إن تأثير انخفاض أسعار النفط يختلف بين دول الخليج بحسب نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، موضحاً أن الإمارات أقل تأثراً نسبياً بفضل تنوع اقتصادي أوسع يقلل الاعتماد على الإيرادات النفطية ويحد من الصدمات على الموازنات.
وأضاف أن دولاً مثل الكويت، التي تعتمد بدرجة عالية على النفط، تواجه تحديات أكبر، غير أن الصناديق السيادية تلعب دوراً حاسماً كأذرع استثمارية مستقلة، إذ توجّه معظم استثماراتها إلى الخارج لتحقيق عوائد سنوية قوية كما في السنوات الثلاث الماضية، مما يخفف التقلبات.
وأوضح الطه أن دول الخليج تُقسم إلى مجموعتين رئيسيتين: الأولى تشمل الإمارات إذ يقلل التنوع من التأثير المباشر، والثانية تضم الكويت وقطر إذ يسيطر النفط والغاز أكثر، مع اعتماد أكبر على الصناديق السيادية لامتصاص الصدمات عبر استثمارات داخلية مثل الاستحواذ على شركات وطنية وطرحها في الأسواق المالية.
ولفت إلى أن أكبر هذه الصناديق تتركز في الإمارات والكويت وقطر، مشيراً إلى أداء الصناديق الملحوظ خلال السنتين الماضيتين في دعم الاقتصاد المحلي، مما يعزز غير مباشر مساهمة الأنشطة غير النفطية من دون ارتباط بالموازنة، ويقلل.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية
