قد يكون عام 2026 نقطة تحوّل مهمة في سوق الإسكان في أميركا، بعد سنوات من الركود الحاد الذي تسبب فيه ارتفاع أسعار الفائدة وصعود أسعار المنازل إلى مستويات قياسية، ما حال دون تمكن ملايين الأميركيين من تملك مساكنهم.. ويرى اقتصاديون أن السوق، الذي بدا عالقًا لفترة طويلة، قد يبدأ في الخروج من حالة الجمود خلال العام المقبل. وبعد عدة أعوام من ضعف المبيعات رغم استمرار ارتفاع الأسعار، يتوقع خبراء أن يشهد السوق تحسنًا تدريجيًا في القدرة على تحمّل تكاليف السكن، مع توقعات بأن يبدأ نمو الدخول في التفوق على أسعار المنازل خلال 2026، الأمر الذي قد يجعل شراء المنازل أكثر واقعية لشريحة أوسع من الأميركيين. إعادة ضبط الإسكان الكبرى وأطلقت شركة «ريدفين» على عام 2026 وصف «إعادة ضبط الإسكان الكبرى»، في حين اعتبرت شركة «كومباس» أنه يمثل بداية «عصر جديد» لسوق العقارات.
وتأتي هذه التوقعات في ظل استمرار انخفاض حجم مبيعات المنازل إلى مستويات تاريخية متدنية، إذ يرى محللون أنه حتى زيادة طفيفة في عدد الصفقات ستكون بمثابة تحول حقيقي في اتجاه السوق.
وقال مايك سيمونسن، كبير الاقتصاديين في «كومباس»، إن سوق الإسكان في السنوات الأخيرة اتسم بحالة من الشلل، إذ تراجعت حركة البيع والشراء بشكل ملحوظ، في الوقت الذي واصلت فيه الأسعار الارتفاع دون توقف. وأضاف أن المرحلة المقبلة قد تشهد توفر مخزون كافٍ من المعروض السكني على مستوى البلاد، ما يسمح بارتفاع عدد المبيعات خلال عام 2026 للمرة الأولى منذ سنوات.
تكيّف السوق مع أسعار فائدة مرتفعة وأوضح سيمونسن أن هذا التحول قد يحدث لأسباب متعددة، من بينها تكيّف السوق مع أسعار فائدة مرتفعة نسبيًا، لكنه استبعد أن تكون الإصلاحات الحكومية وحدها العامل الحاسم في هذا التغيير. وبشأن الأسعار، أشار خبراء إلى أن أسعار المنازل شهدت قفزة كبيرة منذ جائحة كورونا، نتيجة تفوق الطلب على العرض، حيث ارتفعت بنحو 55% على مستوى البلاد بين بداية عام 2020 والربع الثالث من عام 2025، وفقًا لتقرير صادر عن الرابطة الوطنية لبنّائي المنازل. وأسهم نقص المعروض وتمسك كثير من أصحاب المنازل بأسعار الفائدة المنخفضة التي حصلوا عليها في سنوات سابقة في تقليص عدد المنازل المعروضة للبيع.
متوسط أسعار المنازل ومع ذلك، يتوقع اقتصاديون أن يبدأ مزيد من مالكي المنازل في طرح ممتلكاتهم للبيع خلال 2026، مع تأقلمهم مع أسعار فائدة تتجاوز 6%، ما قد يضيف وحدات جديدة إلى السوق ويخفف الضغوط السعرية. وشهد عام 2025 بالفعل مؤشرات أولية على هذا الاتجاه، مع تسجيل ولايات مثل فلوريدا وتكساس وكاليفورنيا تراجعًا في متوسط أسعار المنازل مقارنة بذروتها السابقة.
ورغم ذلك، لا يتوقع المحللون حدوث انخفاض حاد في الأسعار على مستوى أميركا خلال 2026، مرجحين أن تظل الأسعار قريبة من مستوياتها الحالية، مع زيادة طفيفة قد تصل إلى نحو 0.5%، وهو ما يعكس حالة من الاستقرار أكثر منه تراجعًا فعليًا. ومع هذا الاستقرار، قد يظل عدد كبير من المشترين يشعرون بأن الأسعار لا تزال بعيدة عن متناولهم، في ظل محدودية المعروض مقارنة بالطلب.
الفائدة على الرهن العقاري أما بالنسبة لأسعار الفائدة على الرهن العقاري، فقد سجلت تراجعًا خلال النصف الثاني من العام الجاري، إذ بلغ متوسط سعر الفائدة على القروض الثابتة لأجل 30 عامًا نحو 6.18%، منخفضًا عن مستويات قاربت 7% في بداية 2025. ويتوقع خبراء استمرار الفائدة فوق مستوى 6% خلال 2026، مع احتمال حدوث تغييرات في حال ضعف سوق العمل أو تراجع التضخم، ما قد يدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع.
وفي ما يتعلق بسوق الإيجارات، حصل المستأجرون على بعض الهدوء خلال 2025 بعد تباطؤ نمو الإيجارات، حيث ظلت الأسعار مستقرة على أساس سنوي في أكتوبر للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، وفق بيانات مصرفية. غير أن هذا التحسن قد يكون مؤقتًا، في ظل استمرار الطلب المرتفع على الإيجارات من الأميركيين غير القادرين على تملك المنازل، مع توقعات بارتفاع الإيجارات بنسبة تتراوح بين 2% و3% بحلول نهاية 2026.
وعود ترامب ويأتي ذلك في وقت وعد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإطلاق «أكثر خطط إصلاح الإسكان جرأة» في تاريخ أميركا خلال عام 2026، مع تركيز محتمل على تخفيف القيود التنظيمية وتسريع إجراءات البناء وتشجيع الولايات على تسهيل إنشاء مساكن جديدة. وأكد البيت الأبيض أن تملك المنازل يمثل أولوية رئيسية ضمن أجندة القدرة على تحمّل التكاليف.
ورغم طرح أفكار مثل الرهون العقارية طويلة الأجل لمدة 50 عامًا أو الرهون القابلة للنقل، يرى محللون أن فرص تطبيق هذه المقترحات خلال 2026 تبقى محدودة، مشيرين إلى وجود قيود تشريعية واقتصادية تحد من قدرة الإدارة على إحداث تحول سريع في سوق الإسكان خلال عام واحد فقط. (سامانثا ديلويـا CNN)
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
