في ديسمبر، لم تكن «ليالي المحرق» فعالية موسمية عابرة ولا برنامجاً ترفيهياً مؤقتاً، بل كانت بياناً وطنياً مكتمل الأركان، يعلن بوضوح أن البحرين حين تستثمر في الإنسان، فإنها تحوّل المكان إلى ذاكرة حيّة، والتاريخ إلى طاقة متجددة، ما جرى في المحرق، ثم امتد بوعي وسلاسة إلى «هوى المنامة»، قدّم نموذجاً ناضجاً لكيف يمكن للتراث أن يخرج من إطار الحفظ إلى فضاء المعايشة، ومن صفحات الكتب إلى نبض الأزقة والبيوت والوجوه.
هذا الجهد لم يكن ارتجالياً ولا وليد لحظة، بل قام على معرفة دقيقة بالمجتمع المحلي، وبالأهالي، وبما تختزنه البيوت من كنوز بشرية وثقافية، عشرات المنازل فُتحت، مئات الأسر شاركت، وآلاف الزوار توافدوا يومياً، في مشهد تجاوز مفهوم الزيارة إلى حالة اندماج وجداني نادرة، تقديرات الحضور، وإن اختلفت أرقامها، تشير إلى عشرات الآلاف خلال أيام محدودة، ما يعكس قوة الجذب الثقافي حين يُبنى على الأصالة لا على الاستنساخ، وعلى الثقة بالهوية لا على تزييفها.
لكن القيمة الحقيقية لم تكن في الرقم وحده، بل فيما ولّده من أثر، كل زاوية تحولت إلى رواية، وكل درب إلى مسرح مفتوح للحكايات، الضيافة لم تكن خدمة مدفوعة، بل ثقافة متوارثة؛ قهوة وشاي كرك، سمبوسة ونخي وهريس ومأكولات شعبية متنوعة وأحاديث تبدأ بلا موعد وتنتهي بلا حساب، هذه التفاصيل البسيطة صنعت اقتصاداً مجتمعياً مصغراً، استفاد منه البائعون، والأسر المنتجة، والحرفيون، في دورة اقتصادية مباشرة عززت الدخل المحلي ورسخت مفهوم السياحة الثقافية المستدامة.
المشهد الإنساني كان الأكثر سطوعاً، بيوت نامت طويلاً ثم استيقظت على ضحكات وأرواح اجتمعت،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن البحرينية
