محلل سياسي من عرب 48: غريزة البقاء توحّد الشارع العربي.. وحسابات القيادة تفرّقه

كتبت: سمر صلاح الدين

في قلب المشهد السياسي الإسرائيلي الملىء بالتعقيدات والاستقطابات لم تعد انتخابات الكنيست مجرد صراع بين يمين ويسار، بل تحوّلت إلى معركة وجودية تُرسَم فيها ملامح الهوية والمستقبل. فبينما تترقّب الأوساط السياسية نتائج المخاض العسير لتشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، سواء جرت الانتخابات في موعدها المقرر في 27 أكتوبر 2026، أو تم تبكيرها مع تزايد احتمالات حلّ الكنيست قبل الموعد في ظل تصاعد الضغوط الأمنية والسياسية الداخلية، ويبدو أن مفاتيح «القلعة» باتت في يد الأحزاب العربية، ولكن أي أحزاب؟ تلك التى مزّقتها الخلافات الأيديولوجية، أم التي اختارت الواقعية السياسية مسارًا وحيدًا؟

السياسة ليست «صراخًا في الكنيست» بل قدرة على فرض المعادلة

خطة نتنياهو.. منع وحدة العرب «بأي ثمن» لضمان بقاء اليمين

هكذا يستخدم نتنياهو ورقة الإخوان لـ«شل المعارضة»

نعيش حالة طوارئ تستوجب سياسة القوة لا الصفقات التكتيكية

عن «عناق الدب».. لماذا يخشى منصور عباس العودة إلى القائمة المشتركة؟

العنصرية في إسرائيل تحوّلت من «الخفاء» إلى «التشريع»

من أزقة الجليل والمثلث والنقب، وبينما يخرج الصوت العربي مثقلًا بهموم الأرض والمسكن والجريمة وتصاعد اليمين المتطرف، تطل السياسة برأسها لتكشف عن فجوة تتّسع بين نخب حزبية غارقة فى صراعات التموضع، ليقف المواطن العربى الفلسطينى في الداخل أمام مفترق طرق تاريخى. فبين وحدة كانت تمنحه «ثِقَل الكتلة»، وتشرذم يفتحه على «لعبة الأرقام»، يبرز إصرار القائمة الموحدة بقيادة منصور عباس على خوض الانتخابات منفردة كحالة جدلية نضعها تحت مجهر النقد والتحليل، فهل هو اختراق براجماتى لجدار التهميش، أم مغامرة تكتيكية قد تطيح بالعمق الاستراتيجي للصوت العربي؟ وهل يمكن أن يتحوّل هذا الانقسام الداخلي من خلاف حزبى إلى ورقة رابحة فى يد معسكرات الحكم الإسرائيلية؟

أسئلة كثيرة وضعناها على طاولة النقاش مع المحامي والصحفي هاني طنوس من عرب الداخل، الذى يُعدّ من أبرز المحللين السياسيين للشأن السياسي الإسرائيلي الداخلي، وكان هذا الحوار..

تشهد الساحة السياسية العربية حالة من التوتر وعدم اليقين، كيف تصفون المشهد الحالي في ظل التباين بين رغبة الشارع الفلسطيني وتوجهات القيادات العربية؟

ـ الساحة السياسية فى المجتمع العربى فى إسرائيل تشهد حالة من الغليان غير المسبوق، تعكس أزمة عميقة فى الرؤية والمسار. فبينما يصدح «الشارع العربى» بصوت واضح وموحّد، مدفوعًا بغريزة البقاء، مطالبًا برصّ الصفوف وإعادة تأسيس «القائمة المشتركة» كدرع واقٍ وجدار صدّ أخير، تعيش القيادة السياسية العربية فى عالم موازٍ من الانقسامات الحادة حول استراتيجية العمل المثلى. وفى قلب هذا الخلاف الجوهرى يقف رئيس القائمة الموحدة «راعم»، النائب د. منصور عباس، الذى يطرح عقيدة سياسية براجماتية تختلف جوهريًا عن عقيدة شركائه السابقين، مما يضع المجتمع العربى أمام مفترق طرق تاريخى.

النائب منصور عباس يرفض فكرة إعادة توحيد الأحزاب تحت مظلة واحدة، ما المبررات التي يسوقها لهذا الرفض، أو ما تسمونه «عقيدة الهروب من العقم السياسي»؟

ـ يستند رفض منصور عباس لفكرة إعادة توحيد الأحزاب العربية إلى قراءة نقدية لتجربة الماضى، وتحديدًا ما يسميه فشل نموذج «الـ15 مقعدًا»، حيث يسوق عباس حجة تاريخية عملية مفادها أن القائمة المشتركة، حتى عندما بلغت ذروة قوتها الانتخابية وحصلت على 15 مقعدًا فى الكنيست، ظلت قوة معزولة فى المعارضة، عاجزة عن ترجمة هذا الثقل العددى إلى إنجازات سياسية ملموسة أو تغيير فى السياسات الحكومية، ولم تنجح حتى فى إزاحة بنيامين نتنياهو عن الحكم. ووفقًا لمنهج عباس، فإن تكرار التجربة نفسها سيؤدى حتمًا إلى النتيجة ذاتها: تشكيل كتلة برلمانية كبيرة ولكنها «عقيمة»، تفتقر إلى أدوات الضغط الحقيقية ولا تملك القدرة على التأثير فى مركز اتخاذ القرار. ويرى عباس أن السياسة ليست لعبة «من يصرخ بصوت أعلى» فى قاعة الكنيست، بل من يجلس إلى طاولة الحكومة ويشارك فى توزيع الموارد وصياغة القرارات.

هل هناك أبعاد أخرى لهذا الانفصال تتعلق بصورة القائمة المشتركة ومكوناتها أمام الرأي العام الإسرائيلي؟

ـ يسعى عباس للهروب مما يمكن تسميته «عناق الدب» للقائمة المشتركة. فهو يدرك جيدًا الوصمة الإشكالية، وغير المبررة أحيانًا، التى أُلصقت بالمشتركة فى الإعلام الإسرائيلى ولدى الرأى العام اليهودي، حيث يُنظر إليها، خاصة بوجود مكونات مثل التجمع الوطنى الديمقراطي، كجسم «راديكالى» لا يمكن أن يشكّل شريكًا ائتلافيًا شرعيًا لأى حكومة صهيونية. ويفهم عباس أن إعادة التحالف مع الجبهة والعربية للتغيير ستصبغه مجددًا بتلك الألوان، وستفرض عليه «السقف الزجاجى» ذاته الذى يمنعه من الدخول فى الائتلافات. لذلك يسعى إلى تمايز «الموحدة» كحزب «مدنى» و«براجماتى» مستعد للانشغال بقضايا المواطن العربى اليومية والخدماتية بمعزل عن القضايا القومية الكبرى، ليبقى بذلك «مقبولًا» بنظر الكتل السياسية الساعية لتشكيل الحكومة.

يكثر الحديث عن استراتيجية «بيضة القبان»، ما المنطق السياسي الذي يعتمده عباس في إصراره على خوض الانتخابات منفردًا؟

ـ إصرار عباس على خوض الانتخابات منفردًا ينبع من طموح استراتيجى بأن يبقى «اللاعب الحر» الوحيد فى الملعب السياسى، وهو منطق «رياضى ـ سياسى» بحت. فالمرونة والمناورة، كجزء من قائمة مشتركة، ستجعله مقيّدًا بانضباط كتلوِى صارم وخطوط حمراء أيديولوجية تمنعه من عقد صفقات سياسية. أما منفردًا، فيمكنه المناورة بين المعسكرات، حيث يزعم عباس أن الطريقة الوحيدة لإسقاط حكومة اليمين هى خلق بديل عددى، فإن انضمّ لكتلة التغيير «الوسط ـ اليسار» بعد الانتخابات، يمكنه أن يكون «صانع الملوك» الذى يتوّج رئيس الحكومة القادم. وهذه ورقة مساومة لن يمتلكها أبدًا إذا كان جزءًا من قائمة مشتركة يتم استبعادها تلقائيًا من قبل أحزاب «اليمين الناعم» فى المعارضة، مثل ليبرمان أو بينيت أو ساعر.

رغم هذه المبررات، لماذا يرى قطاع واسع من النخب العربية أن تبريرات عباس «خطيئة وجودية» وليست مجرد اجتهاد سياسي؟

ـ رغم وجاهة الحجج البراجماتية ظاهريًا، فإن تحليل الواقع يشير إلى أن موقف عباس يعكس قراءة خاطئة وخطيرة للمشهد، ويشكّل تضليلًا للجمهور. أولًا، الرياضيات الانتخابية لا ترحم. التاريخ الانتخابى فى إسرائيل أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الوحدة هى الرافعة الأقوى لرفع نسب التصويت، بينما الانقسام يولّد الإحباط واليأس ويؤدى إلى عزوف الناخبين. تفتيت الصوت العربى يعنى بالضرورة ضياع عشرات الآلاف من الأصوات، إما عبر عدم تجاوز نسبة الحسم المقدرة بـ3.25%، أو انخفاض المشاركة، ما يمنح هدية مجانية لكتلة اليمين ويعزّز قدرة اليمين المتطرف فى الكنيست. فقط كتلة عربية كبيرة موحّدة وغير قابلة للكسر يمكنها تغيير «قواعد اللعبة» ومنع قيام حكومات يمين ضيقة وخطيرة.

هل الواقع الحالي للمجتمع العربي يسمح بمناورات تكتيكية وصفقات سياسية أم أنه يتطلب نهجًا مختلفًا؟

ـ لا يعيش المجتمع العربى أيامًا سياسية عادية تسمح بالمناورات التكتيكية. نحن فى حالة طوارئ تستوجب أدوات مختلفة. نقف أمام خطر وجودى واضح وفورى، يبدأ من استفحال الجريمة المنظمة،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بوابة أخبار اليوم

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بوابة أخبار اليوم

منذ ساعتين
منذ 6 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ 7 ساعات
منذ 3 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 17 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 13 ساعة
موقع صدى البلد منذ 12 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 9 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 13 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 4 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 11 ساعة
موقع صدى البلد منذ 9 ساعات