ملخص التعليم في سوريا لم يكن ترفاً في زمن الحرب، بل ما أنقذ الأطفال من الانكسار وحفظ قدرتهم على الحلم وسط القصف والنزوح. واليوم، بعد عام على سقوط النظام، لا يمكن بناء مستقبل البلاد ولا إعادة إعمارها فعلياً إلا بالبدء بالمدارس والمعلمين قبل الإسمنت.
كان عام 2011، وكانت الحرب في سوريا بدأت لتوها. كنا نسمع عن قصف مدن أخرى، لكننا كنا نعتقد بصدق أن مدارس حلب أكثر أماناً للأطفال من بيوتهم. كان الملعب مكتظاً. كنا أنهينا الدروس للتو وسمحنا للأطفال بالخروج إلى الاستراحة. كنت أقف مع معلمين آخرين نراقبهم وهم يركضون ويلعبون. بدا الأمر كأنه يوم عادي آخر.
LIVE An error occurred. Please try again later
Tap to unmute Learn more ثم سمعنا صوت الطائرة يقترب. بدأنا ننادي الأطفال ليعودوا إلى صفوفهم. لا أذكر لحظة الارتطام بوضوح. كل ما أذكره هو ألم مفاجئ في صدري وأذني، ثم لا شيء. وعندما فتحت عيني، كان الغبار في كل مكان، وصوت صراخ الأطفال يملأ الأجواء. كان بعضهم ممدداً على الأرض، ووجوههم مغطاة بالغبار والدماء. اندفع الآباء إلى الداخل وهم يصرخون بأسماء أبنائهم وبناتهم. في ذلك اليوم، لم يعد ستة أطفال إلى منازلهم.
هذا الشهر، يمر عام كامل على سقوط نظام الأسد الذي قصف ذلك الملعب. يتحدث الناس اليوم عن إعادة الإعمار: عن الطرق والجسور والمباني. وبالطبع، نحن في حاجة إلى أسقف لا تتسرب منها المياه، وإلى مستشفيات غير مدمرة. لكن بعد 14 عاماً من التعليم في ظل الحرب، أعرف أمراً قد يغفله كثير من المخططين في عواصم بعيدة: التعليم ليس أمراً ثانوياً. بالنسبة إلى الأطفال، هو لا يقل أهمية عن الغذاء والمأوى في إنقاذ حياتهم، ويجب أن يكون في صلب إعادة بناء سوريا.
أدركت ذلك أولاً في منزلي. بعد الهجوم، أبقى الآباء أطفالهم في البيوت لأسابيع. وكنت أنا أيضاً خائفة من إعادة ابني ذي الأعوام السبعة إلى المدرسة. لكن خوفه وقلقه لم يتراجعا، بل ازدادا. اشتاق إلى أصدقائه، وكان يريد أن يلعب ويضحك كما في السابق. إبقاؤه محبوساً في الداخل لم يجعله أكثر أماناً.
لذلك، قررنا نحن مجموعة من المعلمين تحويل منازلنا إلى صفوف دراسية. استقبل كل واحد منا ما بين 10 و15 طفلاً في غرفة الجلوس. واصلنا إعطاء الدروس، وحاولنا أن نوفر لهم قدراً من الروتين. ساعد ذلك قليلاً، لكنه لم يكن كافياً. كان الأطفال في حاجة إلى ما هو أكثر من دفاتر التمارين وأوراق العمل.
عندها أدركنا نقطة مهمة. لا يحتاج الأطفال إلى كتب وألواح فحسب. بل يحتاجون إلى بعضهم بعضاً. وهم في حاجة إلى مشاركة مخاوفهم- ونسيانها لبعض الوقت. والمدرسة ليست مكاناً مخصصاً للعلامات والاختبارات فحسب. بل هي نافذة يتنفس الأطفال من خلالها ويعيشون طفولتهم مجدداً، وهي المكان الذي يخرجون فيه من واقع الحرب لبضع ساعات يدخلون فيها عالماً مختلفاً يحيكونه من القصص والقصائد والأغاني والألعاب والدروس.
قبل الحرب، كنت أعمل في التدريس منذ أكثر من 20 عاماً. كنت أحب عملي، لكنه كان أيضاً روتيناً: وظيفة تبدأ في السابعة صباحاً وتنتهي في الثالثة بعد الظهر. أدرس حصصي، أتقاضى راتبي، وأعود إلى المنزل. بعدما أصاب ذلك الصاروخ ساحة المدرسة، تغير كل شيء. لم أعد مجرد موظفة. شعرت بأنني على خط المواجهة. كان هناك نظام يريد أن ينتزع من أطفالنا حقهم في التعلم وفي الشعور بالأمان. وكان دوري أن أدافع عن هذا الحق، وأن أضمن أن يتمسك الأطفال به، مهما كانت الظروف.
لقد أثبتت أعوام الحرب صحة ذلك. فالتعليم في زمن النزاع ليس ترفاً يمول "بعد انتهاء الطوارئ". إنه ما يبقي الأطفال صامدين في قلب الطوارئ نفسها. يمنحهم الاستقرار وإحساساً بالحياة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية
