في ليلة واحدة من كل عام، تجتمع العائلات حول موائد عامرة، تختلف أطباقها من بلد إلى آخر، لكن نتيجتها واحدة تقريباً وهي سعرات حرارية مرتفعة، وبقايا طعام أكثر من المعتاد، وعادات قد تبدو بسيطة لكنها مكلفة صحياً وبيئياً. يبدو هكذا عشاء الكريسماس عالمياً، ليس فقط كطقس اجتماعي، بل كمشهد اقتصادي وغذائي متكامل، وفقاً لتقارير نشرتها ستارز إنسايدرز Stars Insider وديلي ميل Daily Mail.
عشاء واحد وموائد متعددة الثقافات من اليابان، إذ تحوّل تناول وجبة من مطاعم كي إف سي KFC إلى تقليد غير رسمي في الكريسماس، وصولاً إلى إيطاليا التي تبدأ يومها بالباستا وتنهيه بالبانيتوني، تتنوع أطباق العيد بتنوع الثقافات.
في فرنسا، تسود الأطباق الفاخرة مثل فوا جرا والمحار، بينما تفضل أستراليا المأكولات البحرية واللحوم الباردة بسبب حرارة الصيف.
في مصر، يحتفل الأقباط بالكريسماس بعد صوم طويل، وتكون الفتة، المصنوعة من الأرز والخبز واللحم والثوم والخل، الطبق الرئيسي على المائدة، في تقليد يجمع بين البعد الديني والاجتماعي. السعرات الحرارية.. الاحتفال الذي لا يمر بلا كلفة لكن خلف هذه الموائد الدافئة، هناك رقم آخر لا يغيب عن الحسابات. وفقاً لتقرير نشرته ديلي ميل، فإن وجبة الكريسماس التقليدية، خصوصاً في بريطانيا وأميركا، قد تتجاوز بسهولة الاحتياج اليومي الموصى به من السعرات الحرارية. تشير إرشادات هيئة الصحة الوطنية البريطانية إلى أن الرجال يحتاجون في المتوسط إلى نحو 2500 سعرة حرارية يومياً، مقابل 2000 للنساء، لكن أطباقاً مثل البطاطس المحمّصة، والنقانق الملفوفة باللحم المقدد، والحلويات الثقيلة، تجعل تجاوز هذه الأرقام أمراً شبه حتمي. ورغم شيوع عدّ السعرات كوسيلة للسيطرة على الوزن، يحذر خبراء، نقلاً عن ديلي ميل، من التركيز على الأرقام فقط، لأن القيمة الغذائية وجودة الطعام، إلى جانب صحة الجهاز الهضمي، تلعب دوراً حاسماً في كيفية تعامل الجسم مع هذه السعرات. بقايا الطعام.. خطر صامت على المنازل والبنية التحتية ولا تنتهي قصة الكريسماس عند آخر لقمة، فالتعامل مع بقايا الطعام قد يكون مكلفاً بطرق غير متوقعة، نقل تقرير آخر لصحيفة ديلي ميل تحذيرات خبراء السباكة من التخلص من بقايا مثل الصلصة، والدهون، ومشروبات كريمية كبايليز عبر الأحواض. تُصنّف هذه المواد ضمن الدهون والزيوت والشحوم، التي تتصلب داخل الأنابيب مع برودة الطقس، مسببة انسدادات قد تتطلب تدخلاً طارئاً بتكلفة أعلى خلال موسم الأعياد. الأخطر أن هذه المخلفات لا تؤذي المنازل فقط، بل تسهم في تكوين ما يُعرف بالكتل الدهنية في شبكات الصرف، وهي تكتلات ضخمة من الدهون والنفايات تكلّف المدن ملايين الدولارات لإزالتها سنوياً.
زينة الكريسماس بين أميركا والصين.. أرقام تكشف تحوّلاً في الاعتماد التجاري
تعكس بيانات تجارة زينة الكريسماس خلال العقد الأخير علاقة معقدة ومتغيرة بين الولايات المتحدة والصين، إذ تظل بكين اللاعب المهيمن عالمياً، لكن مع تراجع نسبي في اختراقها للسوق الأميركية خلال السنوات الأخيرة. ففي الفترة بين 2015 و2019، سجلت واردات أميركا من زينة الكريسماس الصينية مساراً تصاعدياً واضحاً، إذ ارتفعت من 5.52 مليار دولار إلى ذروة بلغت 6.57 مليار دولار في 2018، قبل أن تتراجع قليلاً في 2019.
في 2022، تظهر الأرقام مساراً هبوطياً واضحاً، إذ انخفضت واردات أميركا من الصين إلى 5.63 مليار دولار في 2022 ثم إلى 4.85 مليار دولار في 2023، قبل أن ترتفع بشكل محدود إلى 5.40 مليار دولار في 2024. في الوقت نفسه، تراجعت صادرات الصين العالمية من زينة الكريسماس إلى ما يقرب من 10.5 مليار دولار في 2024، أي أقل بكثير من مستويات الذروة، ما يعكس تباطؤ الطلب العالمي وتنامي الضغوط التجارية.
سارت واردات أميركا من العالم ككل في الاتجاه نفسه، إذ انخفضت من ذروة 10.72 مليار دولار في 2021 إلى 6.19 مليار دولار في 2024. خلفية أوسع.. احتفال فردي بأثر جماعي خلال السنوات الأخيرة، ومع ارتفاع كلفة المعيشة والضغط على البنية التحتية في المدن الكبرى، باتت تفاصيل صغيرة مثل عادات الأكل والتخلص من الطعام تحظى باهتمام متزايد من صناع السياسات والخدمات. يكشف الكريسماس، بكونه موسم استهلاك مكثف، بوضوح كيف يمكن لاحتفال منزلي بسيط أن يمتد أثره إلى الصحة العامة، والإنفاق الأسري، وحتى شبكات الصرف الصحي.
في المحصلة، عشاء الكريسماس ليس مجرد وجبة، بل مرآة لثقافات مختلفة، واختباراً لقدرة الأفراد على الموازنة بين الاستمتاع والوعي، في ليلة واحدة تحمل أكثر مما يبدو على المائدة.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
