أعاد افتتاح المتحف المصري الكبير في الجيزة إحياء مطالب مصرية قديمة بعودة تمثال نفرتيتي من ألمانيا، في ظل حملات يقودها علماء آثار بارزون، بينما تتمسك المتاحف الألمانية بالاحتفاظ بإحدى أشهر القطع الأثرية في العالم. واستعرض تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" القضية في تقرير حديث، حيث أشار إلى تلك الجهود المبذولة من أجل استعادة مصر لتلك القطة الفردية، وأشار التقرير طالبة الدراسات العليا في علم الآثار المصرية مونيكا حنا، وزيارتها لبرلين للمرة الأولى في عام 2007، والتي بمجرد أن وصلت وقبل أن تسجل حتى دخولها إلى الفندق، سارعت إلى متحف "ألتس" لزيارة نفرتيتي. حنا كانت مشتوقة لرؤية التمثال النصفي الأسطوري الذي يعود إلى حوالي 3400 عام، لملكة مصر في القرن الـ14 قبل الميلاد، بألوانه المميزة من الأحمر والأزرق والأصفر والأسود المحفوظة بشكل مميز، وشفتيه المنحنيتين في ابتسامة خفيفة، ونظرته الهادئة المتجهة إلى الأمام. وقالت حنا متذكرة: "كنت متأثرة جدا، كيف تكون هنا؟ إنها في المكان الخاطئ". وبعد نحو عقدين من تلك الزيارة، أصبحت مونيكا حنا واحدة من 2 من أبرز علماء الآثار المصريين الذين يقودون حملات للمطالبة بإعادة التمثال إلى مصر، بعد 112 عاما من نقله لأول مرة إلى برلين. وبحسب التقرير، يعد هذا أكبر جهد حتى الآن لإعادة نفرتيتي إلى وطنها، لكن سلطات المتاحف الألمانية ليست متحمسة لتسليم أحد أشهر القطع الأثرية في البلاد، التي تجذب مئات الآلاف من الزوار سنويا إلى متحف "نويه" في برلين، حيث يعرض منذ عام 2009. وشهد القرن الماضي محاولات عدة لإعادة التمثال إلى مصر، وكادت إحداها أن تنجح خلال الحقبة النازية، حيث يقال إن هيرمان غورينغ، الذراع اليمنى لأدولف هتلر، جادل بأن إعادة التمثال قد تكسب ألمانيا دعما مصريا، لكنهتلر رفض التخلي عما وصفه بـ"كنز حقيقي"، أما المحاولات اللاحقة للاسترداد فلم تحقق أي تقدم يذكر.افتتاح المتحف المصري الكبيروأكد التقرير أن الاختلاف الكبير هذه المرة هو افتتاح المتحف المصري الكبير الشهر الماضي، وهو منشأة عالمية المستوى تمتد على مساحة 5.4 ملايين قدم مربعة، واستغرق إنجازها عقودا. ويقول أنصار إعادة التمثال إن المتحف الجديد يجب أن يضم كامل الإرث الأثري لمصر، وإنه يظل ناقصا من دون بعض أشهر القطع الأثرية في البلاد، كما يرونه ردا عمليا لامعا على الحجة القديمة القائلة إن كنوز مصر تحمى وتحفظ وتعرض بشكل أفضل خارج البلاد. وقال وزير الآثار المصري الأسبق، عالم الآثار زاهي حواس، الذي يقود حملة توقيعات خاصة به لإعادة التمثال: "الدول التي رفضت إعادة آثارنا كانت تقول: لماذا نعيد آثاركم وأنتم لديكم متاحف سيئة؟"، وأضاف: "متاحف أوروبا لم تعد بالضرورة أكثر أمانا".سرقات المتاحف الأوروبية وأشار حواس إلى سرقات حديثة في المتحف البريطاني في لندن، وسرقة مجوهرات متحف اللوفر في باريس في أكتوبر الماضي. وتابع: "لا يمكن القول إن مصر غير قادرة على حماية آثارها، لا يوجد متحف يضاهي جودة العرض في المتحف الكبير". لكن مديرة المتحف المصري في برلين فريدريكه زايفريد، -الذي يشرف على مجموعة تضم تمثال نفرتيتي تحت مظلة مؤسسة التراث الثقافي البروسي- قالت إن جودة المتحف الجديد ليست هي القضية، فمؤسستها، شأنها شأن مؤسسات أخرى كثيرة، غير مستعدة للمخاطرة بنقل قطعة ثمينة وهشة إلى هذا الحد. وأضافت: "التمثال نقل إلى ألمانيا وفق القوانين السارية في ذلك الوقت، وأي نقاش حول إعادته سيكون على المستوى السياسي". وأكد التقرير أن وزارتا الخارجية الألمانية المصرية لم تردا على طلبات التعليق، وقال مسؤول مصري إن وزارة السياحة والآثار أنشأت في عام 2011 إدارة مخصصة لاستعادة القطع الأثرية التي أخرجت من البلاد بشكل غير قانوني، وأنها نجحت خلال العام في استعادة عشرات القطع المهربة من دول من بينها ألمانيا وسويسرا وبلجيكا. وأكد المسؤول، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن مصر ملتزمة باستعادة كنوزها الوطنية من مختلف أنحاء العالم وإعادتها إلى الوطن. ولا تزال الملابسات الدقيقة لخروج تمثال نفرتيتي إلى ألمانيا محل خلاف، لكن المؤكد أنه في عام 1912 عثر فريق يقوده عالم المصريات الألماني لودفيغ بورشارت على التمثال في موقع تل العمارنة الأثري، وكان إطار قانوني وضعته السلطات الاستعماري البريطانية في مصر ينص على تقاسم المكتشفات مناصفة بين البعثات ومصر. واحتفظ بورشارت بالتمثال عن تقسيم الغنائم، ويقول أنصار الإعادة إنه أخفى طبيعته الحقيقية وقيمته عن المسؤول الفرنسي عن الآثار الذي كان مكلفا بتنفيذ الاتفاق. وأكد التقرير أنه توجد أدلة على أن بعثة بورشارت أقامت مراسم وداع رسمية للتمثال، ظنا منها أنها ستضطر إلى تسليمه، كما جرى إخفاؤه عن العرض العام لمدة عقد بعد نقله إلى ألمانيا.(ترجمات)۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
