سفيرة تركيا لـ «الوطن»: مناورات عسكرية محتملة مقبلة وشراكات متقدمة بالصناعات الدفاعية مع البحرين

أكدت سفيرة الجمهورية التركية لدى مملكة البحرين د. عائشة هلال صايان كويتاك، أن آفاق التعاون العسكري بين البلدين مرشحة للتوسّع خلال المرحلة المقبلة، متوقعة أن تشمل مناورات عسكرية مشتركة، وشراكات متقدمة في الصناعات الدفاعية، مع استعداد بلادها لنقل التكنولوجيا العسكرية والمضي قُدماً في التعاون الدفاعي، مشيرة إلى أن تركيا تنتج حالياً نحو 80% من احتياجاتها الدفاعية محلياً، وتربطها بالبحرين قنوات حوار عسكري وتعاون دفاعي منتظم.

وأضافت السفيرة التركية، في حوار مع "الوطن"، أن الشراكة الاقتصادية تمثّل ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية، لافتةً إلى وجود 95 شركة تركية تعمل في البحرين، واستثمارات تركية مباشرة تبلغ نحو 273 مليون دولار، يتركز 70% منها في القطاع المالي، في وقت تشمل فيه الصادرات التركية إلى البحرين الآلات ومواد البناء والمنتجات الغذائية، بينما تتصدّر المنتجات المرتبطة بالألمنيوم من شركة «ألبا» صادرات البحرين إلى تركيا، إلى جانب استثمارات لمجموعات أعمال بحرينية في السوق التركية بقطاعات السياحة والمصارف والعقارات.

وأشارت إلى أن السياحة العلاجية تمثل مجالاً واعداً للتعاون، إذ تُعد تركيا أكبر وجهة علاجية للمرضى البحرينيين، وقد استقبلت أكثر من 1.5 مليون مريض دولي في 2024، محققة إيرادات تجاوزت 3 مليارات دولار، بالتوازي مع العمل على زيادة عدد الرحلات المباشرة والترويج لحزم سياحية مشتركة، وتوسيع الشراكات في مجالات التكنولوجيا والاتصالات والتقنيات المالية والحكومة الإلكترونية.

وأوضحت أن التعاون التعليمي والأكاديمي يشهد تطوراً متنامياً، حيث استفاد 39 طالباً بحرينياً من برنامج «المنح التركية»، والتحق مئات الطلبة بدورات اللغة التركية في جامعة البحرين بالتعاون مع مركز يونس إمره، مع دراسة فرص شراكات تمهّد لعمل مؤسسات تعليمية تركية في البحرين، وإيلاء أهمية خاصة لإنشاء مركز يونس إمره الثقافي "مستقلاً" خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى انفتاح الجامعات التركية على شراكات في البحث والابتكار بمجالات الطاقة والفضاء والأمن الغذائي والذكاء الاصطناعي والتمويل الرقمي. ولفتت سفيرة أنقرة إلى أن عدد أفراد الجالية التركية في البحرين يبلغ نحو ألفي شخص ينشطون في قطاعات المصارف والهندسة والصحة والفنادق والتجميل، مشيدةً بالتعاون الصحي المشترك الذي تُوّج بإنشاء مركز الأورام في مستشفى الملك حمد.

وأكدت أن العلاقات البحرينية-التركية تمتد لأكثر من 5 عقود من الشراكة المتينة، وأن أنقرة دعمت ترشيح البحرين لعضوية مجلس الأمن للفترة 2026-2027، وترحّب بدعوتها لمؤتمر السلام وجهودها في تعزيز منصات الحوار، مشددة على أن مبادرات مثل مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي تتناغم مع تقاليد تركيا في احتضان الثقافات، مع وجود إمكانات كبيرة لمشاريع ثقافية وبرامج تبادل شبابي، مشيرةً إلى أن جولة المشاورات السياسية الثالثة في أنقرة وفّرت منصة لتقييم أجندة العلاقات، وأن مشاركة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قمة شرم الشيخ عقب وقف إطلاق النار في غزة عكست التزام البلدين بتطلعات الشعب الفلسطيني. وشددت السفيرة التركية على أهمية إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتركيا، ما سيخفض التكاليف ويوضح قواعد المنشأ لسلاسل القيمة الإقليمية، مع بقاء السياحة والثقافة والصحة والتعليم ركائز رئيسية للتعاون الثنائي. وإلى نص الحوار

بصفتكم ممثل جمهورية تركيا في مملكة البحرين، ما أكثر ما لفت انتباهكم منذ وصولكم؟

- منذ وصولي، تأثرت بصدق بالدفء والانفتاح وحسن الضيافة التي يتمتع بها الشعب البحريني. وتُجسّد قيادة البلاد نموذجاً لافتاً في الرؤية والشمولية. وفي وقتٍ وصل فيه العالم إلى مرحلة شهد فيها الاستقطاب ارتفاعاً حاداً، تظل البحرين مثالاً يُحتذى به في التسامح والوئام.

ما الذي يميز البحرين عن مهماتك الدبلوماسية الأخرى من حيث المجتمع والبيئة السياسية؟

- تتمتع البحرين بانسجام اجتماعي مميز يقوم على هوية وطنية راسخة ونهج دولي منفتح على نطاق واسع. ويظهر التزام القيادة بالحوار والشمول بوضوح في جميع مستويات المجتمع. وعلى الصعيد السياسي، فإن النهج المتوازن الذي تتبعه البحرين في الإصلاح والتنمية يجعلها نموذجاً للتقدم في المنطقة. والطريقة الفريدة التي تمزج بها بين التقاليد والحداثة تجعلها محطة دبلوماسية مميزة للغاية.

كيف تقيّمون مستوى العلاقات البحرينية التركية في ضوء التطورات الإقليمية والدولية؟

- تظل علاقاتنا متينة تطلعية، قائمة على أكثر من خمسة عقود من الصداقة والثقة المتبادلة. وفي ظل الديناميكيات الإقليمية المتغيرة، تشترك تركيا والبحرين في التزام راسخ بالسلام والازدهار في منطقتنا وخارجها. ونرى تعاوننا يتوسع ليس فقط على الصعيد الثنائي، بل أيضاً عبر الأطر الإقليمية ومتعددة الأطراف، مثل الاجتماعات التي تُعقد على هامش منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة. وقد سعدنا بدعم ترشيح البحرين لعضوية مجلس الأمن الدولي غير الدائمة للفترة 2026 2027.

في هذا العام، عُقدت الجولة الثالثة من المشاورات السياسية في أنقرة، ما وفر منصة مهمة لتقييم شامل لأجندة علاقاتنا الثنائية. كما أضفت الزيارات رفيعة المستوى زخماً إضافياً. فقد قام أحمد المسلم، رئيس مجلس النواب في مملكة البحرين، بزيارتين رسميتين إلى تركيا، مما أبرز عمق التعاون البرلماني بين بلدينا. بالإضافة إلى ذلك، زار د. عبد اللطيف الزياني، وزير خارجية مملكة البحرين، تركيا في إطار منتدى أنطاليا الدبلوماسي هذا العام.

لقد أسعدنا وزادنا فخراً الاهتمام الكبير الذي أبدته السلطات البحرينية والمجتمع البحريني بحفل الاستقبال الذي أقمناه بمناسبة يومنا الوطني في التاسع والعشرين من أكتوبر، وهو ما يعكس بحد ذاته متانة العلاقات وقرب الروابط ودفء المشاعر بين شعبينا. ومع بقاء السياحة والثقافة من المجالات الرئيسية للتعاون، فإننا نتمتع بعلاقات متميزة في مجالات الصحة والتعليم وقطاع الخدمات.

وقد شارك فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، وحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في قمة شرم الشيخ التي عُقدت مباشرة عقب التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهو ما يعكس الأهمية التي يوليها الزعيمان لتطلعات الشعب الفلسطيني نحو مستقبل أفضل. وأنا على يقين من أن هذا الملف سيكون في صدارة أولويات البحرين خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي. وفي هذا الإطار، ستواصل تركيا كونها شريكًا موثوقًا للبحرين في مختلف أوجه التعاون.

تُعرف مملكة البحرين بنموذجها في التعايش والتسامح، فيما تحتضن تركيا إرثاً ثقافياً متنوعاً. كيف ترون تلاقي هاتين التجربتين؟

- تشترك تركيا والبحرين في فهم ثقافي عميق لمفهوم التعايش، متجذر في التاريخ والإيمان. ويحتفي كلا المجتمعين بالتنوع بوصفه مصدر قوة لا سببًا للاختلاف. وتتَكامل تجاربنا لتقدّم نموذجاً مُلهماً للمنطقة بأسرها. وأعتقد أن هذه القيم المشتركة توفّر أساساً أخلاقياً راسخاً للتعاون في مجالي الثقافة والحوار.

هل ترون فرصاً للتعاون المشترك في تعزيز رسالة التسامح على الصعيدين الإقليمي والدولي؟

- بالتأكيد. إن المبادرات الرائدة التي أطلقتها مملكة البحرين، مثل مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، تتناغم بعمق مع تقاليد تركيا العريقة في احتضان الثقافات المختلفة. وهناك إمكانات كبيرة لتنفيذ مشاريع ثقافية مشتركة وبرامج لتبادل الشباب تسهم في تعزيز رسالة التسامح.

ما هي رؤيتكم لمؤتمر البحرين الدولي للسلام، وما هو موقف تركيا من هذه المبادرة؟

- ترحب تركيا بجهود مملكة البحرين في استضافة وتعزيز المنصات التي تشجع على الحوار والسلام. وتكتسب مثل هذه المبادرات أهمية بالغة في وقتٍ ينبغي أن تسود فيه الدبلوماسية على المواجهة. ونحن نؤمن بقيمة الحلول الجماعية للتحديات الإقليمية، ونثمّن مبادرة البحرين التي تعزز هذا النهج. وتبقى تركيا على استعداد للتعاون في جميع المحافل التي تدعم السلام والتفاهم.

كيف يمكن للبحرين وتركيا العمل معاً في مبادرات مشتركة لدعم الأمن والاستقرار الإقليميين؟

- ينخرط البلدان بالفعل في حوار منتظم من خلال اجتماعات الحوار العسكري والمشاورات السياسية. ونتقاسم العزم نفسه على صون السلام والاستقرار في منطقتنا. وقد يشمل التعاون المستقبلي موضوعات ذات صلة بالدفاع، مثل برامج التدريب المشتركة، والمناورات العسكرية، والشراكات في مجال الصناعات الدفاعية. ويوفر مستوى الثقة المتبادلة بين مؤسساتنا أرضية صلبة لإطلاق مثل هذه المبادرات.

كيف تصفون المستوى الحالي للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين؟ وما هي القطاعات الأكثر وعدًا للتعاون المستقبلي؟

- تقوم الشراكة الاقتصادية بين تركيا والبحرين على الثقة والاحترام المتبادل ورؤية مشتركة لتحقيق نمو مستدام. وتُعد قطاعات مواد البناء والمنتجات الهندسية، والمنتجات الزراعية والغذائية والسلع الاستهلاكية سريعة التداول، والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، والرعاية الصحية والشراكات في مجال السياحة العلاجية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتقنيات المالية والحكومة الإلكترونية، إضافة إلى الصناعات الدفاعية والتصنيع المتقدم من خلال عقود المناولة الفرعية، من أبرز القطاعات المناسبة للتعاون في المستقبل.

ما هو حجم التبادل التجاري الحالي بين البحرين وتركيا، وما هي أهم الواردات والصادرات لدى الجانبين؟

- على الرغم من أن حجم التبادل التجاري الحالي لا يزال متواضعًا مقارنة بإمكاناته الحقيقية، فإن المسار العام إيجابي، ويُبدي الطرفان عزماً واضحاً على تعميق التعاون. وما يجعل هذه العلاقة واعدة هو التكامل الواضح بين الموقع الاستراتيجي للبحرين وانفتاحها المالي من جهة، والقاعدة الصناعية المتنوعة لتركيا وقدرتها التنافسية في الإنتاج من جهة أخرى. وتميل تركيبة التبادل التجاري إلى صادرات تركية تشمل الآلات ومواد البناء والمنتجات الغذائية إلى البحرين، في مقابل منتجات مرتبطة بالألمنيوم صادرة من القاعدة الصناعية في البحرين، ولا سيما شركة ألمنيوم البحرين (ألبا).

كم عدد الشركات التركية العاملة في البحرين؟

- وفقًا لأحدث البيانات المتاحة، يوجد نحو 95 شركة نشطة مملوكة لتركيا أو بشراكة تركية تعمل في مملكة البحرين.

وتنشط هذه الشركات في طيف واسع من القطاعات، بما يعكس تنوع ريادة الأعمال التركية والتكامل بين الاقتصادين.

وتشمل مجالات عملها محال الحلاقة، والمطاعم والمقاهي، وتجارة التجزئة، وفروع البنوك التركية، والخدمات اللوجستية وعمليات إعادة التصدير، والاستشارات التجارية، وتكنولوجيا المعلومات وتطوير البرمجيات، ووساطة السلع، والإنشاءات والتصميم الداخلي، وصيانة وإصلاح الآلات، والاستشارات التعليمية والتدريبية، إضافة إلى مجالات أخرى مثل إنتاج الأغذية، والعقارات، والاستشارات السياحية، وخدمات المرضى الدوليين.

ويبلغ الحجم التراكمي للاستثمارات المباشرة التركية في البحرين نحو 273 مليون دولار، يتركز ما يقارب 70% منها في القطاع المالي.

هل توجد استثمارات بحرينية مهمة في تركيا؟ وكيف يمكن لتركيا استقطاب المزيد من المستثمرين البحرينيين، لا سيما في مجالات الصناعة والسياحة والعقارات؟

- على الرغم من أن حجم الاستثمارات البحرينية في تركيا لا يزال محدوداً نسبياً، فإن هناك اهتماماً متزايداً من جانب المستثمرين البحرينيين، ولا سيما في قطاعات العقارات والسياحة والقطاع المالي. وقد قامت بالفعل عدة مجموعات أعمال بحرينية بالاستثمار في منشآت سياحية تركية، والقطاع المصرفي، ومشروعات العقارات التجارية، كما يجري استكشاف فرص جديدة في إطار التعاون بين تركيا - مجلس التعاون الخليجي.

ما هي الخطط الموضوعة لتعزيز التعاون السياحي، وهل توجد مبادرات لتطوير قطاعات مثل السياحة العلاجية والتعليمية بين البلدين؟

- تُعد السياحة أحد أكثر ركائز التعاون الواعدة بين تركيا والبحرين. إذ يشترك البلدان في روابط ثقافية عميقة، وقرب جغرافي، وربط جوي متميز، تشكّل مجتمعةً أساساً قوياً لنمو السياحة.

وفي الوقت الراهن، نعمل على تعزيز التعاون السياحي الثنائي من خلال تنسيق أوثق بين هيئات السياحة، وشركات الطيران، والجهات الفاعلة في القطاع الخاص. وتهدف مذكرة التفاهم الموقعة في عام 2025 بين الخطوط الجوية التركية وطيران الخليج إلى زيادة عدد الرحلات المباشرة والترويج لحزم سياحية مشتركة، الأمر الذي من شأنه تعزيز التواصل بين الشعوب وزيادة حركة الزوار في الاتجاهين.

وإلى جانب السياحة الترفيهية، تبرز السياحة العلاجية والتعليمية كمجالات جديدة واستراتيجية للتعاون. فقد أصبحت تركيا مركزًا إقليميًا بارزًا للسياحة الصحية، حيث استقبلت.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن البحرينية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن البحرينية

منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 3 ساعات
صحيفة الوطن البحرينية منذ 10 ساعات
صحيفة البلاد البحرينية منذ 12 ساعة
صحيفة الأيام البحرينية منذ 13 ساعة
صحيفة البلاد البحرينية منذ 10 ساعات
صحيفة البلاد البحرينية منذ 11 ساعة
صحيفة البلاد البحرينية منذ 7 ساعات
صحيفة الأيام البحرينية منذ 14 ساعة
صحيفة البلاد البحرينية منذ 12 ساعة